ماذا بعد سقوط رهانات «حزب الله»

ماذا بعد سقوط رهانات «حزب الله»!

ماذا بعد سقوط رهانات «حزب الله»!

 العرب اليوم -

ماذا بعد سقوط رهانات «حزب الله»

بقلم - حنا صالح

رغم الابتعاد القسري للمراسلين عن أكثر مناطق جنوب الليطاني، بدأت في الأيام الأخيرة تتكشف معالم الخسائر التي أنزلها العدو بالجنوب قتلاً وتهجيراً. مع ملاحظة اتساع شريط الدمار على امتداد بلدات وقرى الشريط الحدودي، ما يكشف عن جانبٍ من الاستهداف المبرمج لفرض حزامٍ أمني في أرض محروقة ستكون معها العودة متعذرة إن طرأ تطور لجم مخطط مجرم الحرب نتنياهو.

الحصيلة ثقيلة، إذ بسقوط نحو 325 قتيلاً وجرح نحو 1230 فإن الخسارة البشرية فادحة مع مستوى مواجهة تميز بقتال منخفض الكثافة عبر الخط الأزرق. ومع بروز معالم دمار واسع في البلدات والقرى والمنازل والحقول الزراعية والثروة الحيوانية والأحراج، تظهر جوانب من الكارثة التي حلّت رغم أن القتال لم يتجاوز حالة «ميني حرب». ومع تهجير قسري طال أهالي البلدات المتاخمة للحدود، فإن أحوال البلدات الداخلية نسبياً ليست بأفضل، إذ مقابل كل ألف عائلة اقتلعها العدوان، فإن عدد المتبقين لا يزيد على العشرين لتكتمل بذلك صورة مأساوية متعذر التستر عليها!

هذه الوقائع الميدانية المرفقة باتساع العمليات الإسرائيلية وصولاً إلى بعلبك، أكدت ربط العدو جبهتي لبنان وسوريا، وإطلاقه مرحلة استهدافٍ متكرر لمواقع «الحزب» في العمق اللبناني والسوري، وكل ما يعتبره مراكز إسنادٍ، كتتمة لمرحلة استهداف مراكز الحرس الثوري التي فرضت على طهران «ضبضبة» وترحيل كثيفٍ لـ«للمستشارين» الإيرانيين عن سوريا. وهنا تندرج خطوات إسرائيل الإجرامية، ومعها دعم الجبروت الأميركي والأطلسي، تحت عنوان إزالة كل تهديد وإنهاء أي احتمال مستقبلي لتكرار «7 أكتوبر» (تشرين الأول) من الجبهة الشمالية، وتالياً ضمان أمن المستوطنين والمستوطنات.

هذا التسويق لإبعاد أي احتمال لـ«7 أكتوبر»، قضية محورية للعدو الذي يوسع حجم الاستباحة والتهديد اليومي بتوحش يستنسخ أكثر من غزة واحدة، ما دام «حزب الله» على ألسنة نصر الله وقاسم ورعد لا ينفك عن ترداد مقولات حربية عن عدم قدرة إسرائيل على الحرب الطويلة، وقدرة «الردع» وفرض «التوازن» و«قواعد الاشتباك». وعموماً هي طروحات تستهدف غسل الأدمغة وبري الوعي والتغطية على نهج متعالٍ لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع الميداني، ومنها تكبد ميليشيا «الحزب» خسائر لم تكن في الحسبان، شملت قيادات عسكرية ميدانية بارزة ليس سهلاً على الدوام تأمين بدائل لها... إلى ما آلت إليه أحوال اللبنانيين في مواجهة الوضعٍ الكارثي، مع ترسخ مرحلة تضع لبنان أمام حالة خطيرة محفوفة بأسوأ الاحتمالات من التصعيد الواسع إلى الاجتياح البري.

يتم كل ذلك مع تعاملٍ ميليشياوي ميزته الخفة والازدراء للجهود الدولية، التي حملت مقترحات تحفز على التوصل إلى ترتيبات أمنية في منطقة جنوب الليطاني، منطلقها عودة كاملة إلى القرار الدولي 1701 بكل مندرجاته، ما يحمي الناس، كما كان الحال ما بعد الحرب على لبنان عام 2006، ويفتح باب العودة للمهجرين ويضمن أمن الجنوب وسلام لبنان. والأمر الذي يستفز اللبنانيين، أن «حزب الله» في هذا النهج، يلقى إسناد بقايا سلطة متعامية تخلت عن قرار اللبنانيين وحقهم بالسلم، وتنكرت لحقوقهم وأولها الأمن وحماية أرواحهم وانساقت وراء جهة حزبية تجاهر على الدوام بارتباطاتها بنظام الملالي، وتبنيها أجندة التوسع الإيراني في المنطقة، وفي رأسها استتباع لبنان.

كارثي هو الوضع والحرب الواسعة التي يستعد لها العدو لم تقع بعد، فماذا سيكون عليه الحال إن وقعت؟

عند أي تدقيق بالوضع اللبناني، يدرك «حزب الله» حجم الانشطار العمودي الذي أحدثه في البلد مع أكثرية ساحقة رافضة جر لبنان إلى حرب مدمرة تهدد الوجود والكيان، ما أفقده التغطية الشعبية الحقيقية. ويلمس حجم حالة التململ والاحتجاج والرفض التي وصلت إلى بيئته اللصيقة التي يراهن على احتضانها لسياساته. ويدرك أيضاً تضاعف التململ العام مع قرب انتهاء الشهر السادس على بدئه حرب «المشاغلة»، مع الفشل الذريع في تحقيق أي من الأهداف التي توخاها. فشل في تخفيف الضغط الصهيوني على غزة و«حماس» الملتصقة بالمحور الإيراني. وفشل في الحد من حجم الدمار، وفشل في لجم التوحش الصهيوني الذي أنزل بالغزاويين أكبر إبادة جماعية تابعها العالم على أثير شاشات التلفزة في بث حي! أما الزعم بأن بدء حرب «المشاغلة» شكلت استباقاً لمخطط العدو، ودفاعاً عن الجنوب ولبنان، كما يُروج منذ أسابيع، فهي مزاعم لا تنطلي على أحد. ذاكرة اللبنانيين حية، ومعروف أن نصر الله في خطابه الأول بعد 7 أكتوبر، وضع المعركة تحت عناوين فلسطينية، لذا هذه المزاعم ساقطة، والجواب اليقين خطّه العدو بالنار على أرض الجنوب المستباح!

أكدت الحرب الطويلة الراهنة أن وضع لبنان أشبه بـ«بيت عنكبوت»، وأظهرت حقيقة لا تقبل الجدل؛ اللبنانيون متروكون لمصيرهم وسقطت كل رهانات «حزب الله». التحالف السياسي المصرفي الميليشياوي المتسلط لا أولوية عنده سوى مصالحه الضيقة، والجهات التي يقول خطابها المُعلن إنها تعارض «الحزب»، تقول ممارساتها الواقعية حيال مصالح عموم اللبنانيين غير ذلك، فالكل شركاء في تغطية اختطافه للدولة واستئثاره بقرارها، وتصبح مفهومة ومبررة كل النعوت التي أطلقها نواف الموسوي على الطبقة السياسية وقد وصفها بـ«اللؤم والخبث». لكل ذلك يصبح مفهوماً أنه لم يتورع عن التضحية بهم وضرب مستقبلهم ومصالح بلدهم عرض الحائط خدمة لـ«أجندة إيرانية». وأي مصارحة حقيقية ستشي بسقوط كل سرديات «الحزب» اللبنانية أسوة برهاناته، في وقت بات العالم ينظر إلى هذه القوة اللبنانية، مثل فصيل في «فيلق القدس» ليس إلا، يخدم أجندة خارجية من محطاتها لبنان وسوريا والعراق واليمن وأبعد من ذلك!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد سقوط رهانات «حزب الله» ماذا بعد سقوط رهانات «حزب الله»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab