عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية

عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية!

عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية!

 العرب اليوم -

عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية

بقلم - حنا صالح

هناك اليوم إجماع في تل أبيب، شمل المستويين السياسي والعسكري، على شن حربٍ ضد لبنان، تحت شعار فرض تطبيق القرار الدولي 1701. والهدف إبعاد الخطر عن الجليل والمستوطنات الشمالية قبل التفكير بإعادة سكانها، بعدما مددت حكومة العدو إقامتهم خارج الشمال الإسرائيلي حتى نهاية فبراير (شباط) المقبل.

المبادرة بيد تل أبيب ويجري تحضير المسرح لخدمة هذا الهدف من تدمير مبرمج لكل المنطقة الحدودية، بحيث بات هناك أكثر من غزة صغيرة في المنطقة، إضافةً إلى الاستهداف المتلاحق لخطوط الإمداد الإيراني في سوريا. الذرائع والدوافع كبيرة، ليس أقلها قناعة لدى المستوى العسكري أنه بالإمكان توجيه ضربة تدميرية إلى لبنان يستعيد معها الجيش الإسرائيلي هالة الردع، فيما يشكل توسع الجبهات وإطالة أمد حرب التوحش فرصة لنتنياهو لتبييض سجله كشخصية سياسية فاسدة!

توازياً يبدو «حزب الله» عالقاً في عنق الزجاجة، ومستمراً في نهج عسكري سمّاه «مشاغلة» العدو، لا يريد التقدم أكثر ولا يستطيع التراجع. ربما كان يعتقد، كما «حماس»، أن وجود هذا الكم من الرهائن سيَحول دون قيام إسرائيل بحرب تدمير شاملة وإبادة جماعية، الأمر الذي لم يحصل. يعرف «الحزب» أن القرار بتوسيع الحرب من جهته رهن مشيئة طهران ومصالحها، وتخشى الأخيرة من حربٍ قد تبدد نفوذها عوض ترسيخه، و«حزب الله» درة التاج في المشروع الإيراني. أما التراجع، ومن الأساس لم تخفف «المشاغلة» قيد أنملة من وطأة التوحش ضد الغزاويين، والدليل أن إسرائيل تسحب ألويتها لانتفاء الحاجة إليها، فيهدد -إن حدث- بإطاحة الكثير من المكاسب المأمولة عندما يحين موعد التفاوض لتوزيع حصص النفوذ!

وسط ظروف حربية متأججة وتهديدات إسرائيلية متتالية بإخلاء جنوب الليطاني من السلاح و«حزب الله»، أكان بالدبلوماسية أو تتولى إسرائيل العملية، ومع «مشاغلة» متدحرجة صعوداً، وسيطرة مطلقة من «الحزب» على منطقة عمليات القوات الدولية، حدث اعتداء مزدوج على القوات الدولية، بدا ما تلاه مثيراً للسخرية، مع مهزلة الاختباء خلف «الأهالي» فاستكملته السلطة بصمت مريب!

السؤال الذي طرح نفسه، أنه في حمأة الاتصالات الهادفة إلى تطبيق القرار الدولي 1701 بكل مندرجاته، هل قرر «حزب الله» منفرداً إلغاء هذا القرار؟ وهل انتقل إلى إنهاء مفاعيله، بعدما فرض تعليقه عملياً منذ بدئه العمليات من الجنوب يوم 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع ترويج بأن القرار يحمي إسرائيل؟ وتذهب الأسئلة أبعد من ذلك عمّا إذا كان «الحزب» ومعه طهران يعدّان إخضاع الجنوب لـ«حرب محدودة» قد استُنفد؟ وتالياً هل تفترض مصالح النظام الإيراني خطوات تسخين خطيرة مع استخفافٍ كامل بما ينتج عنها من تلاقٍ كامل مع التهديدات الإسرائيلية بتدمير لبنان في منتصف الطريق؟

الأرجح أنه انطلاقاً من المعلن عن الموقف الأميركي الذي يرى حصر الحرب في نطاق قطاع غزة وبهدف تقويض قدرات «حماس»، ومع الاتصالات الأميركية التمهيدية لزيارة المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، تم استهداف «يونيفيل» والقرار الدولي 1701 لإملاء جدول أعمال يخدم مصالح ومكانة النظام في إيران ودوره اللاحق، عندما يبدأ البحث بتسويات «اليوم التالي» وكيف سترسو صيغ النفوذ.

لاكتمال الصورة لا بد من التوقف عند ما قيل إن «حزب الله» أوكل به رئيس البرلمان نبيه بري، وهو إبلاغ «الخماسية الدولية»، والمقصود فعلياً واشنطن وباريس، أن ثمن تنفيذ «الحزب» القرار الدولي وانسحابه من جنوب الليطاني يفترض عدم وجود سلطة سياسية معادية له في بيروت (...)! هنا بغضّ النظر عن الذي نُقل بأن بري يرفض المقايضة بين الرئاسة والقرار 1701، فلا نفي للواقعة، والسيناريوهات الداخلية عادت تتمحور حول رئيس «يحمي المقاومة» ويضمن سلاحها (...) لذلك بعدما فشل «حزب الله» في فرض إملاءاته خصوصاً بعدما أسقط التصويت العقابي أكثريته النيابية، مطلوب من الخارج تسهيل قبضه على الرئاسة!

وهكذا بموازاة تحضير المسرح لجعل اللبنانيين، وأولهم أبناء الجنوب، «أضاحي» في خدمة المشروع الإمبراطوري الإيراني، مطلوب من الولايات المتحدة وفرنسا، مكافأة «حزب الله» بتأبيد سيطرته على النظام السياسي وضمان انتصاره على اللبنانيين مقابل أمن الإسرائيليين في المستوطنات الإسرائيلية!

مشروع خزي يجري التخطيط له بين طهران وعواصم غربية، يقضي بمقايضة الأمن للإسرائيليين مقابل تسليم دولي بالهيمنة الإيرانية المطلقة على لبنان! أي جعل لبنان جائزة ترضية لحكام طهران الذين يعرفون أن زمن نفوذهم في قطاع غزة إلى أفول، وقد لا يكون وضع الحوثيين مريحاً لمشاريعهم في المستقبل!

مع الحذر الواجب حيال نفاق وازدواجية المعايير لدى الدول الغربية، والولايات المتحدة خصوصاً، التي تبنت وغطَّت التوحش الإسرائيلي وما يسفر عنه من إبادة جماعية للغزاويين، فإن السنوات المنصرمة أظهرت أن الأطراف الخارجية التي أدانت بقسوة فساد الطبقة السياسية، التقت إلى تاريخه على دعم لبنان المستقل وغير المرتهن. مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن لبنان 2023 رغم مآسيه هو أيضاً لبنان ما بعد محطة «17 تشرين». المحطة التي بلورت وحدة اللبنانيين فتجاوزوا الانقسامات الطائفية ورسموا المنحى الحقيقي للإنقاذ على قاعدة إنهاء الخلل الوطني. الخطر حقيقي، لكنّ تجارب كثيرة مرّ بها لبنان أكدت استحالة إخضاع اللبنانيين لسيطرة طائفة (عملياً باسم الطائفة) نموذجها ما يعيشه المواطن اليوم.

أياً كان حجم التآمر فإن مشروع «تطويع» اللبنانيين ليس لقمة سائغة، ولن تنطلي عليهم بعد حكايات شماعة «الدفاع» عن لبنان، وقد لمس المواطن نتائجها مع التدمير الممنهج لكل بلدات الشريط الحدودي التي بفضل هذا «الدفاع» هي أشبه بحزام أمني فرضه العدو بالنار!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab