استراتيجية طهران الاستثمار في الأزمات

استراتيجية طهران: الاستثمار في الأزمات!

استراتيجية طهران: الاستثمار في الأزمات!

 العرب اليوم -

استراتيجية طهران الاستثمار في الأزمات

بقلم - حنا صالح

ما شهده لبنان، منذ «انتفاضة الاستقلال» المغدورة في عام 2005، يستحق التأمل والتبصر، ليس بما آل إليه فقط الوضع اللبناني من سقوط كارثي، بل أساساً بما تقدمه التجربة اللبنانية من أمثلة فاقعة على استراتيجية الهيمنة الإيرانية على لبنان، وتالياً على المنطقة.

عقدان من الزمن مرّا على «الانتفاضة» التي عجّلت بإخراج الجيش السوري، وهزّت النظامين الأمنيين في بيروت ودمشق. لكن القوى الطائفية التي تسلطت على «الانتفاضة» خانت شعبها، وأسقطت الأحلام التي راودت الفئات الشابة خصوصاً، عندما ذهبت إلى الاتفاق الرباعي مع «حزب الله»، مقدمة مصالحها الفئوية الخاصة على الشأن الوطني والمصالح الوطنية. فكانت بداية «ثورة مضادة» فرملت مناخ الاندفاعة الشعبية لقيام دولة طبيعية عادلة قادرة تعمق التوجه نحو تنمية مستدامة تحمي الحريات وتطوي زمن «دولة الإفلات من العقاب»، والبلاد تحت صدمة الاغتيال المدوي الذي أودى بالرئيس رفيق الحريري!

لم يتأخر «حزب الله» عن بدء مخطط الإمساك بالقرار السياسي وإطلاق مرحلة قضم السلطة توازياً مع مشروع سلطته البديل. وظّف الشبق السياسي للتيار العوني المتهافت على كرسي رئاسة الجمهورية للمضي في التغول على الدولة. وشكّلت حرب يوليو (تموز) 2006 التي قادها قاسم سليماني منصة لاحتلال وسط بيروت ومحاصرة السلطة وتخوينها، لتجويف دور الأكثرية النيابية ورسم السياق اللاحق لمنع قيام الدولة!

لكن احتلال بيروت في 7 مايو (أيار) 2008 بدا العلامة الفارقة في مخطط إمساك مفاصل القرار اللبناني. ففي 6 مايو اتهم مجلس الوزراء «حزب الله» بإقامة شبكة اتصالات «غير شرعية وغير قانونية تشكل اعتداء على سيادة البلد والمال العام». قررت الحكومة رفع المعطيات المتعلقة بها، وكذلك «دور إيران على هذا الصعيد»، إلى الجامعة العربية... فأتى الرد من الشيخ نعيم قاسم الذي وصف هذه الشبكة بأنها «توأم لسلاح المقاومة وجزء من الحماية الخاصة بـ(حزب الله)»! ليصف السيد حسن نصر الله احتلال بيروت بـ«اليوم المجيد»، غير عابئ بالعدد الكبير من الضحايا المدنيين الذين سقطوا غيلة في ذلك اليوم، الذي توّج بـ«اتفاق الدوحة»، ما منح «الحزب» حق الفيتو على الدولة؛ «الثلث المعطل»! فراحت السلطة تتداعى، والفراغ يتسع، فيما يتقدم الاقتصاد الموازي للدويلة، ويشهد مصرف «الحزب» مؤسسة «القرض الحسن» أكبر انطلاقة. لكن ما حملته هذه الأيام يوحي بأن تلك الشبكة كانت موجهة ضد الداخل اللبناني بدليل الاختراقات الاستخبارية الإسرائيلية، وما أسفر عنها من سقوط ضحايا واستهداف قيادات ميدانية لـ«المقاومة» و«حماس»!

خلال الحرب على الشعب السوري، وبروز دور ميليشيا «حزب الله»، قال حسن نصرالله؛ من ينتصر في الإقليم يحسم الوضع اللبناني. أي أن مصير لبنان مجرد «بونس» للدور الميليشيوي الذي شكّل رأس حربة في اقتلاع المدن والبلدات السورية وتهجير سكانها، وبدءِ أوسع عملية تملك لإحلال آخرين مكان السكان الأصليين، في استنساخ لما شهدته فلسطين المغتصبة عام 1948! مرة أخرى، حملت أيامنا بعد بدء إسرائيل حرب التوحش على غزة، وفتح «حزب الله» جبهة الجنوب «مشاغلة» للعدو «إسناداً» لغزة، قراراً من رأس النظام السوري بالابتعاد عن هذه الحرب، ما يطرح الأسئلة عن مضمون هذا الحسم، وأين يصبّ. فشلت محاولات أطراف «فيلق القدس» فتح جبهة الجولان، والاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت قيادات إيرانية بقيت من دون ردّ... وبدأت طهران (الآن أول فبراير - شباط) الحالي في سحب ضباطها ومستشاريها واعتماد القيادة عن بعد!

لكن ما جرى لبنانياً كان مخيفاً؛ استباحة السيادة وعزل لبنان وجعل وظيفته منصة لتهريب مبرمج يستهدف المجتمعات العربية... واتسع التهريب عبر الحدود، وليتحمل الشعب اللبناني وزر العقوبات على النظام السوري، ولا سيما «قانون قيصر». فكان الحاصل لبنانياً تطويعاً للقوى السياسية التي وقفت بالصفّ «تنتخب» ميشال عون مرشح «حزب الله» رئيساً للجمهورية! فانعقد القرار لـ«الحزب» الذي تفرد في تركيب حكومات ما بعد عام 2016، ليتسرع الانهيار وما زال يتعمق، مع الذهاب بعيداً في تحميل الخزينة وجيوب اللبنانيين تكاليف حروب الميليشيات اللبنانية والسورية، إلى مفاقمة أرباح الاحتكارات، وخلق شرائح أثرياء حربٍ جدد، وإذلال اللبنانيين الذين فقدوا كلية الدولة الراعية لمصالحهم والحامية لحقوقهم!

ومع اتخاذ إسرائيل قرارها بالحرب على لبنان، وإنهائها «قواعد الاشتباك»، وخلق أكثر من غزة صغيرة على امتداد الحدود، كمقدمة لمشروع إسرائيل بتحويلها إلى منطقة عازلة... إلى تحيُّن تل أبيب الفرصة لبدء حرب تطول العمق اللبناني، وشعارها ممنوع تكرار عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عجّلت الوفود الزائرة تنبيه شاغلي المواقع الرسمية، ومن خلالهم «حزب الله»، إلى المخاطر الكبيرة. فيأتي الجواب؛ لا كلام قبل أن تنتهي الحرب على غزة! وبدا للداخل، كما الجهات المهتمة بالشأن اللبناني، أن «حزب الله» أدار الظهر للقرار الدولي 1701، كما للاستحقاق الرئاسي، ويتصرف من موقع من يملك الفيتو الذي يمنع انتخاب أي رئيس لا يوافق عليه!

ويتسع الانهيار، وتتداعى المؤسسات، ويتعمم الخراب، ورغم حجم التهجير الكبير، يستمر خطاب ممانع يعد إسرائيل بأن لبنان مقبرتها، كما يؤكد نائب «الحزب» محمد رعد، في وقت يتعذر فيه دفن اللبنانيين في قراهم! وخلفَ هذا المشهد تمسك طهران القيادة وقرار بلدان هلالها الفارسي! فتعتمد داخلياً «الصبر الاستراتيجي»، وتترك لأذرعها أدواراً عملانية، وتمني النفس بقبض الثمن عندما يحين توزيع المغانم بعد حرب غزة!

وبعد نقل الإعلامي فريد زكريا عن وزير خارجية إيران، حسين أمير عبداللهيان، قوله إن «محور المقاومة سيستمر بالهجمات على إسرائيل ومصالحها حتى بعد انتهاء حرب غزة» (...) مفيد أن تكون الجهات اللبنانية التي تفاوض «حزب الله» هذه الأيام بالصورة الكاملة لما تريده طهران ويلتزمه «الحزب»!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استراتيجية طهران الاستثمار في الأزمات استراتيجية طهران الاستثمار في الأزمات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab