حرب «ستغيّر وجه المنطقة»

حرب «ستغيّر وجه المنطقة»!

حرب «ستغيّر وجه المنطقة»!

 العرب اليوم -

حرب «ستغيّر وجه المنطقة»

بقلم:حنا صالح

قبل سنوات وصف الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله التدخل في الحرب اليمنية بأنه «أشرف الحروب». ورداً على التهديدات الإسرائيلية، أعلن في خطابه الأخير أنه إذا «فُرضت الحرب»، فإن «المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا أسقف»، ملوحاً باحتمال «اقتحام الجليل». وتوج خطبته بالقول: «إنها أعظم معركة تخوضها الأمة منذ عام 1948، ولها أفق واضح ومشرق، وستغير وجه المنطقة وستصنع مستقبلها»!

عليه، يمكن فهم الكثير من أبعاد مواقف «الحزب»، من اليمن وما آلت إليه أحواله، إلى إسقاطه الكثير من الجهود الدولية لخفض التصعيد، وإحباط مساعٍ لفصل الجنوب عن غزة لدرء خطر حربٍ شاملة، قالت عنها صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «جنوب لبنان سيبدو مثل غزة ولا حصانة لبيروت»!

مسألتان تحددان أبعاد تجاوز «حزب الله» القرار اللبناني الرسمي، وازدرائه الأطر الدستورية الناظمة للحياة السياسية. الأولى، هي ما سبق وحددها نصر الله عندما أعلن: «هدفنا في محور المقاومة هو أن يُهزم العدو، بمنعه من تحقيق أهدافه، وأن تُلحق به الخسائر، وأن تخرج غزة خصوصاً (حماس) منتصرة»... تبعاً لذلك سفّه الأخطار الناجمة عن احتلال الأرض والدمار المتأتي عنه، ليؤكد عجز المحتل عن ضمان الاستقرار لسيطرته!

والثانية، تمكن طهران من إمساك أوراقٍ قوية في التفاوض على «ترتيبات» جديدة في الإقليم. مع التحذيرات من اتساع الحرب ارتباطاً بالتصعيد العسكري، استرعى الاهتمام التصريح المنسوب إلى وزير خارجية إيران بالإنابة علي باقري كني: «خلافنا مع الولايات المتحدة حول حصتنا في المنطقة» (...) بينما كان القائد السابق في «الحرس الثوري» محسن رضائي يعلن: «اليوم يتحدد مصير غرب آسيا، خصوصاً بعد أحداث غزة. إيران وجدت كرسيها بين الشعوب المتصارعة وعليها تثبيته»!

في خطبه المتتالية شرحاً وتبريراً بهدف التعبئة، أبرز نصر الله خسائر العدو وعدّها أكبر من الخسائر التي لحقت بالجنوب ولبنان. لكنه تعامى عن الإشارة إلى الفائدة التي سيجنيها البلد، إذا جرى تهديمه وفق نموذج غزة، كما دأب العدو على التهديد. لم يفته امتداح مواقف بقايا سلطة فقدت بنظر اللبنانيين أهليتها وصلاحيتها الوطنية، فراحت تردد ببغائياً طروحات «محور الممانعة»، فيتجنب مجلس الوزراء التعرض لهول الكارثة المتأتية عن حرب «المشاغلة»، بينما لم يشهد البرلمان المصادر القرار أي مساءلة جدية!

وضع تراجيدي فُرض على لبنان منذ 9 أشهر. رغم ذلك، ما من جهة سياسية جعلت أولويتها خوض مواجهة سياسية ضد زج لبنان في حربٍ مدمرة، والبلد مفلس ومسحوق انعدمت فيه إمكانات حماية الأرواح، وغابت عنه كل أشكال التحوط أمام الأخطار الناجمة عن فتح جبهة الجنوب، التي لم تخفف يوماً من حدة التوحش الصهيوني على غزة.

أكثر من ذلك، فإن الخطب المتتالية التي استهدفت أساساً تعبئة «البيئة الحاضنة»، رسمت أمام اللبنانيين هالة من السريالية: لم يعد قائماً لبنان الذي تعرفونه، لولا المقاومة الإسلامية ونهجها الحربي الاستباقي لكانت إسرائيل قد سيطرت عليه! فيتذكر المواطن المغلوب على أمره مقولة قديمة من أنه لولا قتال «حزب الله» في سوريا لكان «داعش» قد سيطر على لبنان! وبهذا المعنى يتم تسويغ الحرب بوصفها قضية وطنية بينما يعود ريعها لإيران والتغاضي عن أن قرارها اتخذته ميليشيا مذهبية في بلدٍ مقطوع الرأس ويعيش فراغاً رئاسياً وحكومياً!

مع ما يشاع عن تقدم احتمال الحرب الشاملة، تنسب «جيروزاليم بوست» إلى مسؤولين إسرائيليين أن «العد التنازلي للحرب قد بدأ»، فيواجه «حزب الله» التهديد بمثله، وصولاً إلى استخدام ورقة «حركات المقاومة» في المنطقة، فيعلن نصر الله: «اتصلوا بنا وعرضوا إرسال آلاف المقاتلين فأكدنا أن ما لدينا يزيد عما تحتاج إليه المعركة»! القصد واضح، فكما سبق لأميركا عندما أسقطت الرد الإيراني على عملية القنصلية توجيه رسالة بالنار بأنه ممنوع هزيمة إسرائيل، فممنوع إيرانياً أن تنهار جبهة «حزب الله»، لأنها جبهة التفاوض الأميركي - الإيراني ولا عنوان آخر لها، أما ما هو مصير لبنان واللبنانيين فأمر ليس على جدول أعمال النظام الإيراني ولا أذرعه، بينما العداء الصهيوني للبنان واللبنانيين راسخ وقديم.

من الضاحية إلى طهران رهان على بقاء شيء من «الستاتيكو»، طالما لم تسمح أميركا بالحرب الشاملة، والتبريرات موجودة لتغطية الانكفاء عن جنوب الليطاني نتيجة الأرض المحروقة وفرض العدو حزاماً أمنياً، يراه وسيلة مثلى لمنع «7 أكتوبر (تشرين الأول)» جديد. قد يكون مثل هذا الوضع ملائماً لصناعة «مستقبل المنطقة» كما يبشر «حزب الله»، ما سيعني «نصراً جديداً» فوق ركام الجنوب يمنحه اليد العليا في الشأن اللبناني. ودعونا نتذكر أن سنة كاملة من الشغور الرئاسي انقضت قبل «طوفان الأقصى» واقتربت نهاية السنة الثانية، والفراغ الحكومي مقيم، والتزمت الجهات السلطوية إلحاق الموقف الرسمي بموقف «الحزب». ومع مصادرة الحقوق واتساع الإفقار، فإن رسالة «حزب الله» لهذا اللبنان الجديد: نحن مَن يختار لكم الرئيس والسلطة التنفيذية، وإلا لا حاجة إلى رئيس للجمهورية بوجود النظام الإيراني، أنتم في لبنان آخر مفروض بالاستقواء بالسلاح وغطرسة التفوق الآني الذي لا يقيم وزناً لرأي الآخرين ومصالحهم. محالٌ دوام هذه الحال!

 

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب «ستغيّر وجه المنطقة» حرب «ستغيّر وجه المنطقة»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab