اللبنانيون أمام ساعة الحقيقة

اللبنانيون أمام ساعة الحقيقة!

اللبنانيون أمام ساعة الحقيقة!

 العرب اليوم -

اللبنانيون أمام ساعة الحقيقة

بقلم- حنا صالح

في بلد طبيعي ما كان ممكناً لرياض سلامة، الذي وصفته «الإيكونوميست» بأنه «أسوأ حاكم بنك مركزي في العالم»، مغادرة حاكمية مصرف لبنان من الباب الخلفي للمصرف وسط احتفالية مقيتة أقامها بعض الأزلام المنتفعين. سلامة الذي صدرت بحقه مذكرتا توقيف عن القضاءين الفرنسي والألماني ونشرتان حمراوان عن الإنتربول، كان ينبغي اقتياده مخفوراً إلى القضاء، وقد نبذه اللبنانيون وأدانوه، قبل ادعاء «هيئة القضايا» في وزارة العدل عليه بتهم تبييض الأموال والتزوير واختلاس مال عام.

هو الذراع السوداء للمافيا التي سطت على المال العام والخاص. موّل المتسلطين من سياسيين ومصرفيين وميليشيا. مسؤول عن هدر 200 مليار دولار هي قروض وودائع، ما أفقد الليرة 98 في المائة من قيمتها وأنهى الصناعة المصرفية. ومنذ «باريس 1» قبل أكثر من عقدين غطت ممارساته رفض الطبقة السياسية خطوات الإصلاح التي تعهدت بها الحكومات المتعاقبة، وفخخ «خطة لازارد» الإنقاذية بعد حدوث الانهيار، وابتدع «هيركات» غير قانوني بلغ 85 في المائة فسرّع تذويب الودائع حمايةً للكارتل المصرفي الناهب والمفلس!

ولو كانت القوانين مطبَّقة بالحد الأدنى، لما حلّ 4 أغسطس (آب) 2023 ذكرى 3 سنوات على ارتكاب جريمة حربٍ ضد العاصمة، والذين كانوا يعلمون والمدعى عليهم بجناية «القصد الاحتمالي» بالقتل يسرحون ويمرحون، كأن هناك حالة إصرار يومي على إعادة ارتكاب الجريمة. بإشارة سياسية امتنعت القوى الأمنية عن تنفيذ مذكرات التوقيف، و«قضاءُ» نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، الممسوك من «حزب الله» ومنظومة النيترات، صادَرَ التحقيق وخوّن المحقق العدلي ويلاحقه قضائياً (!!) وهاجس حكم الارتهان التطبيع مع الجريمة بمنع الحقيقة وحجب العدالة، في مؤشرٍ خطير على انهيار القيم وانعدام الأخلاق.

حفلَ الأسبوع الأول من شهر أغسطس (آب) بمراكمة الوقائع والأدلة بأن لبنان تحول إلى دولة مارقة. فيه يتمُّ تغييب المعايير الأخلاقية والقانونية والدستورية، فتنعدم المساءلة والمحاسبة وتترسخ «الحصانات» ونظام «الإفلات من العقاب»... ليصبح «لبنان أمام خطر الموت»، كما كتب النائب الفرنسي غويندال روياد، الذي أضاف: «وجدت بلداً، نساؤه ورجاله قلقون وحزينون، وشوارعه مظلمة تسكنها الأشباح. الوضع إجرامي بحق المواطن اللبناني، حان الوقت للخروج من حال الإنكار لصالح بناء دولة حديثة مستقرة».

وحتى تكتمل المشهدية مفيدٌ أن نتذكر أن الشغور في رئاسة الجمهورية طوى الشهر التاسع، والارتباط وثيق بمشروع اقتلاع لبنان وتغيير هويته الذي ينفّذه «حزب الله»... فيما الفراغ في السلطة التنفيذية مستمر منذ 14 شهراً ونيّفاً، ويرفل سعيداً رئيس حكومة تصريف الأعمال على الكرسي الثالث، لا يرفّ له جفن رغم أن البرلمان الأوروبي ذكره بالاسم كشخصية ملاحَقة من القضاء في موناكو بجرائم مالية. وإذا ما أُضيف خلوّ حاكمية مصرف لبنان من حاكم أصيل، وما يرشح عن فراغ على الأبواب في قيادة الجيش يوم 10 يناير (كانون الثاني)، وبعده في قيادة الأمن الداخلي، فإن لبنان واللبنانيين أمام ساعة الحقيقة المرّة!

كل الطبقة السياسية التي استأثرت بالسلطة منذ اتفاق الطائف قبل 33 سنة، وتوزعت بين «موالاة» النظام و«معارضته»، وكونت جماعات طائفية وأحزاب فئوية وميليشيات، فقدت أهليّتها الوطنية، بعدما قدمت مصالحها الضيقة الطائفية وتبعيتها الخارجية على كل ما عداها!

صحيح أن ما يطفو على السطح يُظهِّر حالة تكيف أو لامبالاة من مواطنين يُسحقون كل يوم، شُغلوا بالبحث عن حبة الدواء ورغيف الخبز، فالمشهد، رغم فجاجته، مألوف نسبياً. لقد عاش لبنان مثله عشية «17 تشرين» يوم انفجرت ثورة كرامة عرّت المنظومة السياسية وفضحت ارتهانها. ومذّاك ظهر للملأ أن وعياً سياسياً عميقاً نما على ضفتي الانقسام الطائفي «الآذاري»، ما وضع اللبنة الأولى الفعلية لإنهاء الانقسامات الاصطناعية، وسلَّط الضوء على الانقسام الحقيقي في البلد وهو بين منهوبين وناهبين، وبين أكثرية من 80 في المائة تحت خط الفقر متمسكة بالبلد لأنه ملاذها، وحريصة على نسيجه وموقعه ومهتمة بتجديد مكانته، وأقلية متسلطة وطنها الفعلي حساباتها المالية في الملاذات الآمنة أو تبعيتها وعمالتها للخارج!

الذين هللوا لعمليات القمع التي تعرضت لها الثورة بعد الاتهامات والتخوين واستعجلوا نهايتها، فوجئوا بحجم التصويت «التشريني» العقابي في الانتخابات العامة في مايو (أيار) 2022. سيصابون بالخيبة مجدداً، لأن المواطنين الذين غادروا مقاعد الانتظار وتحولوا إلى لاعبين سياسيين لم يعودوا إلى المربعات المقفلة! ورغم اتساع الهجرة، لا بل التهجير، فإن النخب التي تعرف بدقة الخريطة الداخلية للبنان وما يعيشه من تفكك مجتمعي، وتولي أهمية لابتداع أدوات كفاحية بين أيدي الناس للدفاع عن حقوقها، ستعرف كيفية الحفاظ على البلد مساحةَ تعايش حقيقي، رسمت ملامحه «ثورة تشرين» يوم أنجز الناس مصالحة عميقة، وتركوا انقساماتهم الطائفية، وطالبوا بسلطة بديلة ودولة حديثة. إنه لبنان آخر ممكن ومستحيل أن يستمر «جنة» حملة السلاح اللاشرعي وخارجين عن القانون وفارّين من العدالة ومحكومين يطاردهم الإنتربول!

الحاجة ماسّة لتحقيق ما يُمكِّن المواطنين من استعادة أمانهم واستقرارهم، في مواجهة اندفاع المتسلطين في مخطط إبادة. كانت موجودات المصرف المركزي عام 2019 تفوق الـ40 مليار دولار، المتبقي منها اليوم أقل من 9 مليارات هي احتياطي إلزامي. أثرياء جدد خُلقوا في سنوات الانهيار ولم يتوقف تمويل الكارتل السياسي المصرفي الميليشياوي، ويخططون لتشريع هذا التمويل بالزعم أنه «مؤقت» وأن السلطة المفلسة ستعيده (...)، ومعروف أن المؤقت سيدوم حتى آخر سنت، والخطر الحقيقي محدق باحتياطي الذهب وأصول الدولة. إنها ساعة الحقيقة التي ستطلق مقاومة شعبية سلمية من أجل العدالة واستعادة الحقوق، ممرها الإجباري وحدة الموجوعين والمعوزين، ووحدة الضحايا لفرض المساءلة والمحاسبة وتحقيق العدالة... فتُنهي الخلل الوطني وتضع لبنان على سكة الخلاص!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللبنانيون أمام ساعة الحقيقة اللبنانيون أمام ساعة الحقيقة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab