محطات مهَّدت للانهيار في لبنان

محطات مهَّدت للانهيار في لبنان!

محطات مهَّدت للانهيار في لبنان!

 العرب اليوم -

محطات مهَّدت للانهيار في لبنان

بقلم:حنا صالح

عندما سيؤرخ التاريخ المعاصر للبنان لا بد من التوقف عند يوم 26 أغسطس (آب) 1991. في ذلك اليوم صدر القانون 54 لعام 91، قانون «العفو عن جرائم الحرب». بشحطة قلم تم العفو عن جرائم ارتكبت ما بين عام 1975 وعام 1990. ومحا المجلس النيابي، الفاقد للصفة التمثيلية كونه انتخب عام 1972، كل الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية. لم يأخذ «المشرعون» بعين الاعتبار سقوط نحو 150 ألف قتيل، ولم يتوقفوا عند معرفة مصير 17 ألف مخطوف لا يزال أهلهم يسألون عنهم!

صبّ القانون في مصلحة زعماء ميليشيات الحرب الذين استولوا على السلطة في ظلِّ الوجود السوري. ومن لحظة انتقالهم من خلف المتاريس إلى مقاعد الحكم، رسخوا مع هذا الوجود الخروج على الدستور وانقلبوا على الجمهورية. لم يتأخروا في اتخاذ خطوات تميز تسلطهم فكان نظام «الحصانات» وقانون «الإفلات من العقاب» (...) وكقادة سياسيين صارت بين أيديهم مؤسسات الدولة ومواردها ومستقبل أبنائها.

محطة قوننة العفو عن جرائم الحرب، التي دلّت على «عصبة أشرار» متسلطة، تُوجت بالانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي انفجرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وتلتها سياسة فرض عفو عن الجرائم المالية. مُنع القضاء من البت بالدعاوى المقدمة بحق الجهات الناهبة كالكارتل المصرفي السياسي الميليشياوي، الذي وصفه القضاء الفرنسي في سياق الادعاء على رياض سلامة بـ«عصبة أشرار». فيما البنك الدولي وصف الحاصل في لبنان بـ«مخطط بونزي» يتسبب بمعاناة غير مسبوقة للشعب اللبناني. واليوم بعد نحو من 5 سنوات على الانهيار ونهب ودائع تجاوزت الـ120 مليار دولار ما من متهم أبداً. كما أن الخوف كبير على أصول الدولة مع مخطط المافيا ابتكار صندوق «سيادي» يمكنهم من الاستيلاء على المستقبل وتحاصصه. إذاك تتأمن الفرصة لشريحة أثرياء زمن «السلم الأهلي» لتبييض الأموال التي نهبوها!

محطات عديدة مرّ بها مسار الانهيار بين قانون العفو عن جرائم الحرب والانهيار الحالي الآخذ بالتفاقم. ولعل بين أبرزها محطة أول أغسطس 1993 مع تعيين رياض سلامة حاكماً للبنك المركزي. يقول الاقتصادي غسان عياش: طلبوا من سلامة أن يثبت سعر الصرف ويسدد عجز الموازنة مقابل أن يفعل ما يشاء. أما الاقتصادي توفيق شمبور فيرى في هذا التعيين انحرافاً عن تقليد كان يقضي بأن يأتي الحاكم من خلفية قانونية تدين بالتشدد والانضباط المالي، فأتوا بـ«بروكر». ومن كان رصيده «إنجاز» صفقات مالية على حساب التقيد بالقانون... ستبرز السنوات دوره في قيادة وتنظيم المنهبة!

لم تنجح سياسة رفع الفوائد على سندات الخزينة لاستقطاب مدخرات خارجية، وبعدها إصدار سندات خزينة بالدولار، فتسرع بروز العجز بالدولار في المالية العامة. استوجب ذلك عقد مؤتمرات باريس 1 و2 و3 في بداية الألفية الراهنة. إذاك بدأ مسار الانهيار واتسع نطاق الممارسات المشبوهة: كاستخدام الأرباح الدفترية للذهب لإطفاء ديون الخزينة على مصرف لبنان، وإجبار المصارف على توظيفات إلزامية بالدولار لا ينص عليها القانون، فكان أن أقفلت وغادرت فروع المصارف الأجنبية. أما ثالثة الأثافي فكانت إصدار شهادات إيداع بالدولار بفوائد سخية، لتشجيع المصارف على الاكتتاب بها من رصيد الودائع لديها، فانطلقت المقامرة الكبرى، وبدأ الكارتل المصرفي نقل الأرباح غير المشروعة إلى الخارج. وإذ يؤكد الاقتصادي توفيق كسبار امتناع المصرف المركزي عن نشر موازناته بعد عام 2003، فجاء «التدقيق الجنائي» ليكشف جوانب من المثالب عبر «فوري» و«أوبتيموم» حيث بلغت العمولات مليارات الدولارات يمنع القضاء التابع التحقيق بها!

احتفوا جميعهم بإنجازات سلامة والشهادات التي كانت تمنح له بتدبير من جهاز علاقات عامة فعال. ورغم تراجع تحويلات اللبنانيين بعد عام 2011 اتسع تغني المسؤولين بمتانة القطاع المصرفي وشعار الليرة بخير. لكن محطة التسوية الرئاسية المشينة في عام 2016، التي أتت بمرشح «حزب الله» ميشال عون رئيساً كانت «القشة التي قصمت ظهر البعير». جرت تصفية استثمارات خليجية وعربية؛ لأنه ببساطة لماذا على العرب تمويل سلطة «حزب الله» الذراع الأبرز في «فيلق القدس» الإيراني؟ وفيما كان لافتاً إصرارهم على أن الاقتصاد متين والليرة بخير، بدأ الكارتل المتسلط والمتنوع نقل الأموال إلى الخارج من بداية عام 2017. وتكشف «هيئة التحقيق الخاصة» في مصرف لبنان أنه بين 17 أكتوبر 2019 و31 ديسمبر (كانون الأول) 2019، قام 228 سياسياً ونافذاً بتهريب أموالهم. قبل ذلك تسببت هندسات سلامة المالية، في اتساع الفجوة المالية في مصرف لبنان، إذ بلغت نحو 6 مليارات دولار، وزعت على الكارتل المصرفي السياسي!

على مدى سنوات تلت الانهيار تلاشت الطبقة الوسطى وارتفع عدد الذين أُفقروا إلى نحو 80 في المائة، وبالمقابل اتسعت شريحة أثرياء زمن «السلم الأهلي». وتعملق «الاقتصاد الموازي» للدويلة وترسخ دور «القرض الحسن» بوصفه مصرف «حزب الله». في زمن «استباحة منظومة العدالة والقيم والتراخي في مرجعية الخطأ والصواب يصبح كل شيء مستباحاً»، هكذا كان يؤكد آبراهام لينكولن.

 

arabstoday

GMT 06:31 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الملاذ

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وبقيت للأسد... زفرة

GMT 06:27 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

هل «يتدمشق» الجولاني؟

GMT 06:25 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الشرع والعقبة

GMT 06:23 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا: مخاوف مشروعة

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جهود بحثية عربية لدراسات الطاقة

GMT 06:18 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دمشق والسير عكس المتوقع

GMT 06:15 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

شرق أوسط جديد حقًّا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محطات مهَّدت للانهيار في لبنان محطات مهَّدت للانهيار في لبنان



إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 العرب اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 العرب اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 العرب اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 07:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
 العرب اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 15:16 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب أثناء محاكمة نتنياهو

GMT 12:39 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل يتحمل كهربا وحده ضياع حلم الأهلى؟!

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 08:34 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

جديد في كل مكان ولا جديد بشأن غزة

GMT 04:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إنزال إسرائيلي قرب دمشق استمر 20 دقيقة

GMT 16:56 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

السيتي يعلن وفاة مشجع في ديربي مانشستر

GMT 20:06 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

انتشال 34 جثة من مقبرة جماعية في ريف درعا في سوريا

GMT 10:58 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ضربة جوية أمريكية تستهدف منشأة تابعة للحوثيين باليمن

GMT 08:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 03:01 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حظر الطيران الجوي في أصفهان وقم الإيرانيتين

GMT 02:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بغزة

GMT 02:54 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 7.3 يضرب المحيط الهادئ وتحذير من تسوماني

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دوي انفجار يهز صنعاء وسط أنباء عن استهداف وزارة الدفاع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab