ممر إجباري لإسقاط الاستعصاء اللبناني على التغيير

ممر إجباري لإسقاط الاستعصاء اللبناني على التغيير!

ممر إجباري لإسقاط الاستعصاء اللبناني على التغيير!

 العرب اليوم -

ممر إجباري لإسقاط الاستعصاء اللبناني على التغيير

بقلم:حنا صالح

باتت الـ100 ألف ليرة لبنانية تساوي دولاراً واحداً، بعدما كانت قبل 3 سنوات ونيف تعادل 66 دولاراً، واليوم لا قعر للسقوط الحر لسعر صرف الليرة، وكذلك لإمكانية اللبنانيين الاستمرار!

تكشف النظرة المتأنية إلى الوضع اللبناني عمّا ليس بالإمكان تجاهله: شعب فقير معدم، نجح المتسلطون بـ«إشغاله ببدنه»، على طريقة الحجاج، فباتت الأولويات لقمة الخبز وحبة الدواء والخشية من المرض، في المقابل دولة مفككة مهمشة أرضها محروقة وغارقة في الديون. لكنّ بشاعةً مكثفةً تكمن في تسلط طبقة سياسية من الأثرياء أقامت تحالفاً مافياوياً وطّد أواصرَه العميقةَ نظامُ محاصصةٍ طائفيٌّ زبائنيٌّ، أهم ركائزه «حصانات» مقوننة و«قانون» إفلات من العقاب... ما حالَ دون فتح أي مجالٍ للمساءلة أو إمكانية المحاسبة، والمواطن المنتهَكة حقوقه وكرامته مذهول أمام فجور لصوص ارتهنوا البلد يحاضرون بالعفة!
في بداية هذا الأسبوع شدّ انتباه اللبنانيين انهيار مصارف أميركية («سيليكون فالي»، و«سيغنتشر»، و«سليفر غايت»)، وتنبهوا إلى أنه خلال 48 ساعة وضعت السلطات يدها على إدارات هذه المصارف، وأطل الرئيس الأميركي ليطمئن المودعين بتأكيده: «ودائعكم ستكون موجودة عندما تحتاجون إليها»، ويحمّل المسؤولية لأصحاب المصارف والمستثمرين فيها ومديريها: «لقد خاطروا عن علم، وعندما لا تكون قادراً على التعامل مع المخاطر تخسر الأموال».
الأكيد أن مئات ألوف المودعين اللبنانيين قارنوا بين الأداء الأميركي وما تعرضوا له من إذلال لأنهم طالبوا بما هو حق لهم. طيلة أكثر من 3 سنوات ونيّف لم يسمعوا إلاّ عن مشاريع شطب الودائع بشحطة قلم كأنها لم تكن موجودة، وبدعٍ عن ودائع مؤهلة أو غير مؤهلة، ووعودٍ جوفاء عن «ودائع مقدسة» تم تذويب نحو 40 مليار دولار منها، عبر «هيركات» لا قانوني ارتبط بـ«الليلرة» فباتت قيمة دولار الودائع نحو 10 سنتات! والأهم أن الكونغرس الأميركي لم يُستنفر لابتداع قوانين غبّ الطلب لحماية الكارتل المصرفي، فيما استُنفر البرلمان عندنا لتشريع عفو عن الجرائم المالية، أسوةً بقانون العفو عن جرائم الحرب، بعدما أسقط «خطة لازار»، المشروع الوحيد الذي يحمي الودائع ويحمّل اللصوص وزر ارتكاباتهم! والأنكى أن كل الكارتل المصرفي يتقدمهم حاكم «المركزي»، المتهم بالفساد وتبييض الأموال والملاحَق من القضاء الأوروبي وفي لبنان، هم الآن على كراسيّهم رغم ثبوت شراكتهم بأكبر عملية «بونزي» عرفها لبنان.
ومع الشغور في الرئاسة بعد نهاية «عهد جهنم» في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، وتكرُّس الفراغ في السلطة الإجرائية، وترك الأمور بين يدي شبه حكومة «تصريف أعمال» ليست منبثقة عن البرلمان المعطَّل بالامتناع عن ممارسة أولى مهامه: انتخاب رئيس للجمهورية... تفاقم ركام البلد الآخذ بالاتساع كل يوم، ويتحطم المتبقي من قدرات مواطنين سُلبوا مقدراتهم، ويتم إغراق المواطنين بصراع غير مجدٍ وطنياً بين «معارضة» النظام و«موالاته» على رئاسة الجمهورية التي حوّلوها واجهة بروتوكولية أُفرغت من مكانتها ومن دورها.
يتصدر الواجهة سليمان فرنجية الذي رشحه «حزب الله»، وهو لم يعلن ترشحه بعد، ويقابله النائب ميشال معوض. وإذا كان الثاني عضواً بارزاً في «لجنة تقصي الحقائق» النيابية، التي جوّفت «خطة لازار» ووضعت أسس تحميل المسروقين ثمن لصوصية السارقين، وحماية أركان الكارتل المصرفي الناهب، فإن في شخصية المرشح فرنجية، تتكثف كل مظاهر الانهيار والكوارث التي ضربت مكانة لبنان ومصالحه الوطنية وأرسلت اللبنانيين إلى الجحيم. الأمر الذي يعني رسالة تحدٍّ يصرّ من هم خلفها على المضيّ في تعميق الكوارث التي تضرب لبنان. غنيٌّ عن القول إن التعاطي المتشاوف لـ«حزب الله» مع اللبنانيين يستند إلى فائض قوة بين يديه وظّفها، وما زال، في تحميل لبنان أوزار أدوار عسكرية وتدخلات في الإقليم أكبر من طاقته، ما سرّع تهديم الدولة، ومُنِعَ عنها اتخاذ أي قرار أو مبادرة كان يمكن أن تفرمل الانهيار أو تُبطئه!
كل القراءات في مواقف «الثنائي المذهبي» من الإصرار على ترشيح فرنجية إلى خطب حسن نصر الله الذي خَيّر للبنانيين بين فرنجية، المرشح الذي تطمئن له المقاومة، أو الفراغ المديد، يتم تمرير رسالة مفادها أن هذا الترشيح نهائي وتمَّ ترشيحه كي يُنتخب لا كي تتم المساومة عليه، والحديث عن «تعالوا نتفاوض» يراد منه التفاوض على تحاصص «جبنة» الحكم للسنوات الـ6 الآتية! مع العلم أن ضغوط رفع نسبة مؤيديه، لم تتجاوز رقم الـ50 نائباً، والرقم بعيد عن النصف زائد واحد أي 65 صوتاً للفوز، وبعيد كل البعد عن رقم الـ86 نائباً لزوم تأمين النصاب لانعقاد جلسة الانتخاب! وتوازياً تتراجع حظوظ المرشح معوض، رغم الإفراط في الكلام المؤيد والدعم له، التي تختتم دوماً بعبارة: مرشحنا حتى الآن (...)، معطوفة على إبداء الرغبة في البحث عن اسم آخر، مرشح ثالث، قد تكون حظوظه أعلى، والتداول يطال أسماء لا تخرج عن المسار العام المنسجم مع الرغبات الدفينة في ترميم نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي!
رغم التفاوت في الطروحات وأهدافها، يصرّ «حزب الله» على إبقاء الرئاسة رهينة مشروعه الاقتلاعي، فيما أولويات الآخرين تحسين شروط المحاصصة، ولا تمتّ بِصلةٍ إلى المطلب الوطني؛ تحرير رئاسة الجمهورية من الارتهان، لاستعادتها إلى موقعها المفترض كبوصلة للنهوض. لكن المثير هو عدد القراءات للاتفاق السعودي - الإيراني، مع العلم أن أي رأي حصيف مطالَب بانتظار توضيح طبيعة الاتفاق لفهم التأثيرات التي سيتركها. الإشارة هنا ضرورية إلى أن ما أُعلن وما رافق الاتفاق من توضيحات، لا يمكن أن يقول إن ما بعده لجهة الموقف السعودي، سيكون أقل مما سبقه من مواقف تدعو إلى توافق على شخصية من خارج مرشحي المنظومة السياسية التي أسلمت القياد لـ«حزب الله» فسرّع التفكك والانهيار على كل المستويات!
ضمن السياق الراهن متعذَّرٌ وصول المرشح الأفضل، فالبلد تحت وطأة خلل وطني مقيم في موازين القوى ما جعل الناس مقتنعة بأن الوضع اللبناني عصيٌّ على التغيير. أبرز الأدلة ارتهان المصارف المفلسة للبلد ونحر القضاء المطوّع. والحصيلة أن الأطراف «المتصارعة هي بين خائفٍ على امتيازاته وحصصه، وخائفٍ من استعادة الدولة المخطوفة فتقطع طريق مشروعه الانقلابي – الاقتلاعي!
مرة أخرى نستعيد بتصرف مقولة غرامشي عن قديمٍ في احتضار طويل وجديدٍ متعسر الولادة. الخيارات ضيقة، إما الرضوخ لشروط التفسخ والانحلال والارتهان، وإما أن يستنبط الموجوعون العالقون في جهنم، وهم أصحاب المصلحة في التغيير والقطع مع نظام المحاصصة المتوحش ورموزه، ونسبتهم الموثقة من السكان أكثر من 80 في المائة! المهمة اليوم على عاتق النخب المتنورة، المقصيّة عن أي دور رسمي، لبلورة وإطلاق الإطار السياسي الحزبي المنظم، الذي يجمع نخباً من صنّاع «ثورة تشرين» الذين لم يخطئوا البوصلة، ما من شأنه التعجيل باستعادة الناس إلى الفعل السياسي لبناء البديل. فلا يبقى لبنان «غنيمة» يتنازعونها، ولا يدور بحث في البلاد بمصير الدولة؛ مؤسسات ورئاسة بمعزل عنهم وهم أصحاب المصلحة وأهل القضية!

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممر إجباري لإسقاط الاستعصاء اللبناني على التغيير ممر إجباري لإسقاط الاستعصاء اللبناني على التغيير



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab