أولوية مشروع الدولة

أولوية مشروع الدولة!

أولوية مشروع الدولة!

 العرب اليوم -

أولوية مشروع الدولة

بقلم : حنا صالح

 

غرّد كاتس، وزير الحرب الإسرائيلي، بأنه «لن يكون هناك وقف لإطلاق النار. سنواصل ضرب (حزب الله) بكل قوتنا». ترافق ذلك مع إنذارات إخلاء في الضاحية كما 21 بلدة كلها شمال الليطاني، فجنوبه عرف تهجيراً جماعياً ومسحت عشرات البلدات من الخريطة. لقد بات لبنان في قلب المرحلة الثانية من الحرب الإسرائيلية، ومعها توسع في استخدام «عقيدة الضاحية»، بقصد فرض العقاب الجماعي قتلاً وتدميراً وتصفية ومجازر جماعية متنقلة تبرز وحشية الإسرائيلي واندفاعه لفرض وقائع على الأرض يتعذر تجاوزها.

يسود إزاء ذلك عجز ومراوحة وانتظار؛ إذ لم يعرف لبنان في تاريخه هذا الهزال في أداء الطبقة السياسية. لا بوصلة ولا خريطة طريق، وفقط تعداد الضحايا. ما من مبادرة من بقايا السلطة واستنكاف من معارضيها، إلا إطلاق مواقف متفرقة تطالب «حزب الله» بتسليم سلاحه للجيش، والإيحاء بأن الزمن سيتبدل على الفور!

حتى إشعار آخر، الكثير مرتبط بموقف «حزب الله» ودوره، مع الأخذ في الاعتبار محدودية استقلاليته. تعرض لضربات ساحقة، أُبيدت قيادته الرئيسية وقياداته العسكرية والكثير من كوادره الرئيسية، وبعيداً عن بروباغندا التغني بالرشقات الصاروخية، هو اليوم في وضع الطرف المنهزم. هنا تكفي الإشارة إلى قيام إسرائيل بتزنير البلدات وتفخيخ البيوت والأنفاق وتفجيرها في وضح النهار ولا رادع لها. فما بقي في الميدان لـ«المقاومة الإسلامية» صليات صاروخية متواضعة، لا تقارن الحرائق التي تُحدثها وأضرارها بالحمم التي تُلقيها المقاتلات الإسرائيلية فوق رؤوس اللبنانيين. لكن رغم ذلك فهذا الجسم السياسي العسكري متغلغل في بيئة المقاومة، من السذاجة التسليم بأن وجوده سيُطوى نتيجة خساراته العسكرية والاقتلاع والتهجير. وعلى الأرجح سيقاتل للحفاظ على ما له من مكاسب انتزعها بالترهيب وبتأثير السلاح!

لا يُبَدِّلُ في ذلك معرفة «الحزب» أن الحرب الحالية لا تقارن بحرب عام 2006، وأنه سيكون متعذراً استنساخ «تفاهمات» جرت قبل 18 سنة، ولاحقاً في «اتفاق الدوحة» المشؤوم عام 2008، ما مكنه من خرق القرار الدولي 1701 وتعطيله، ومثله فعل الإسرائيلي. ويدرك كما مشغليه، حجم الخطر على وجوده المتأتي من قرار أميركي غربي متخذ يغطي الدور الإسرائيلي بإنهاء الأذرع الإيرانية كمقدمة لمحاصرة النظام الإيراني. في السياق معبرٌ جداً ما يجري في سوريا والعراق في مسعى لتجنب الكارثة.

اليوم وفي عز الحرب الإسرائيلية - الإيرانية وكوارثها ينبغي مواجهة هذا الوضع - التحدي، المطروح على اللبنانيين، ومطروح على النخب وعلى المناخ «التشريني» الكامن. لكن بداية يستحسن استعادة ممارسة بقايا السلطة والطبقة السياسية موالاة نظام المحاصصة ومعارضته. اختصر الرئيسان بري وميقاتي البرلمان والحكومة واتبعا سياسة أوصلت البلد إلى الدمار وتهجير مخيف طويل الأمد. اكتمال الصورة يُظهر حجم الفجيعة مع بروز تخبط السياسيين التقليديين. لا جفن رفَّ لأحد أمام هول جرف بلدات الحافة الأمامية، وتمدد التدمير إلى الضاحية الجنوبية لبيروت وصور وبعلبك وغيرها. ولا تبدل الأداء أمام هول التهجير الجماعي الطويل الأمد، ولا حضور سياسياً في الموقف، بل إجازة مفتوحة مدفوعة من جيوب الناس. لكن إن أطلّ بعضهم في مناسبة ما فالهاجس يكون في كيفية تعويم منظومة تحفظ الأمكنة حتى للمتهمين والمرتكبين والمجرمين مع بعض التعديلات على الحصص، وكأن لبنان لم يعرف بعدُ ما ناله من مآسي هذه السياسة... والمشترك إحياء السلطة إياها، ورفض كل منحى يُفضي إلى استعادة الدولة التي تحمي الجميع، وتفتح طريق استعادة ما هُدر عمداً.

يستدعي التحدي المطروح النخب والكفاءات، والبلد زاخر بهم، رغم الإبعاد والتهجير، لأنْ يجمعوا صفوفهم من دون إبطاء وتقديم رؤية للمسار الذي مرّ به البلد من الانقلاب على الدستور والجمهورية واختطاف الدولة، ما أخذ لبنان عنوة إلى حرب مدمرة، بعد زمنٍ مفتوحٍ من ممارسة اللصوصية ومنع المساءلة والمحاسبة وحجز العدالة وتكريس قانون الإفلات من العقاب. حرب وزمن من الصعوبة بمكان تلمُّس كل أبعادهما الكارثية. قدمت سنوات الانهيار رؤى بأن لبنان آخر ما زال ممكناً، هو لبنان الدولة التي تحمي أبناءها، ومن ضمنهم أولئك الذين ما زالوا يقاتلون بالممكن، ومن خسارة إلى خسارة، عندها قد يصبح السلاح اللاشرعي خردة. هي دولة الدستور التي تصون الحياة والقادرة على مواجهة التحديات التي يفرضها الموقع الجغرافي للبلد.

لقد بلورت بدايات ثورة تشرين الأول (2019) منطلقات خروج لبنان من الدوامة القاتلة؛ في السياسة والاجتماع والاقتصاد المنتج. والمحور استعادة الدور الفاعل للمواطن، حيث يعرف القاصي والداني أن لبنان يكون مهماً للعالم بقدر ما يخرج من مرحلة الدولة المارقة، مرحلة الفرض على هذا البلد الصغير المحدود الإمكانات أن يلعب أدواراً بالوكالة أكبر منه وأكبر من طاقته ولا مصلحة له بها: إن كميليشيا جوالة في المنطقة، أو منصة لتهريب الكبتاغون، أو مصدر للحروب بين الفترة والأخرى!

ثقيلة تبعات هذه الحرب والقادم أشد صعوبة، والوهم كبير وخطير إن استمر الترويج بأنه بعد طي زمن السلاح خارج الشرعية، وهذا أمر كبير لكنه ممكن، سيعود لبنان سويسرا الشرق! وضع لبنان اليوم مغاير لما كان عليه بعد حرب يوليو (تموز) 2006، فالمساعدات لن تهطل عليه، واللبناني المنهوب والموجوع سيكون أمام تحدي وطأة الثمن الكبير. لكن مع يقظة تُحبط مخطط إعادة تكوين سلطة نظام المحاصصة الغنائمي، وفرض حكومة خلاص وطني تقاطع زمن حكومات المحاصصة، يمكن وضع البلد على سكة التعافي.

arabstoday

GMT 08:22 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 08:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بدأ «الشو» مبكرًا

GMT 08:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر.. راقصة على خفيف

GMT 08:06 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 07:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 07:56 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

«ميتا» تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي.. في حضرة «المتحف المصري»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أولوية مشروع الدولة أولوية مشروع الدولة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab