«الفراغ» يستكمل الاقتلاع ولا بديل عن مواجهة التعطيل

«الفراغ» يستكمل الاقتلاع ولا بديل عن مواجهة التعطيل!

«الفراغ» يستكمل الاقتلاع ولا بديل عن مواجهة التعطيل!

 العرب اليوم -

«الفراغ» يستكمل الاقتلاع ولا بديل عن مواجهة التعطيل

بقلم: حنا صالح

دخلت المنطقة أجواء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية. زيارة لم تكن على جدول أعمال مرشح الرئاسة جو بايدن، ولم تكن على جدول أعماله كرئيس حتى فترة قريبة. لكنها وهي الثانية لرئيس أميركي، في آخر ولايتين، أولاهما كانت زيارة الرئيس ترمب، حتّمها الوضع الداخلي الأميركي قبل أشهر على الانتخابات النصفية، إلى تسارع التطورات الخطيرة التي يشهدها العالم. ولئن كانت اعترافاً متأخراً بأهمية دور السعودية في الإقليم وتأثيرها خارجه، بدءاً من المواجهة الأميركية الواسعة لاندفاعة المشروع الصيني «الحزم والطريق»، إلى الحرب الروسية على أوكرانيا وأوروبا، وتصدر النفط والغاز المواجهة الدولية، فإنه سيكون للزيارة، التي ستشمل إسرائيل والأراضي الفلسطينية، «تأثير كبير على المنطقة وعلى الصراع مع إيران»، كما صرّح يائير لبيد رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد.
تتزامن الزيارة مع تراجع الرهانات على «صفقة» أميركية – إيرانية، تحيي الاتفاق النووي وتطلق يد طهران لتوسيع نفوذها الإقليمي. وتتزامن مع الطور الجديد الذي دخله الاجتياح الروسي لأوكرانيا المستمر منذ 135 يوماً، وأدى إلى احتلال ما يزيد على 20 في المائة من إجمالي مساحة هذا البلد في الشرق والجنوب، وينذر بمخاطر جدية على وحدة أوكرانيا، وتسبب في كوارث للبشرية مع اندلاع حرب الطاقة، والخلل الكبير في التوريدات الغذائية، بحيث باتت مناطق واسعة كالشرق الأوسط وأفريقيا أمام خطر المجاعة، وترتفع الأسعار عالمياً وتشهد دول أوروبا وأميركا تضخماً لم تعهده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
العالم بعد 24 فبراير (شباط) 2022 يتغير، رهانات على ولادة نظام عالمي جديد، وتراجع الأحاديث عن صفقة تضمن حياد أوكرانيا. ولم يعد ذا جدوى التشديد الغربي على أن المساعدات العسكرية ستحقق «الانتصار» لأوكرانياً، مع التغيير المستمر في الوضع على الأرض لمصلحة روسيا، لكن الاتحاد الروسي لن ينجو من النتائج الكارثية لاجتياح بدّل الكثير في منحى السياسات الاستراتيجية والجيوسياسية!
وسط هذا المناخ ومخاطره المتزايدة، ينشغل المتسلطون على لبنان في الصغائر بدعم من «حزب الله» الذي يحمل مشروعاً بديلاً معروفة معالمه، من الجيش الرديف والاقتصاد الموازي، إلى مناهج تعليم خطيرة يفرضها على بيئته التي تستنسخ قيماً غريبة أدخلها ملالي طهران على الحياة والمجتمع في إيران. فيتقدم مشهد تكرار أفلام الصراع على الغنائم والمكاسب، وأرجل اللبنانيين أصبحت في «الجحيم»، نتيجة ممارسات وحسابات فئوية تبرّأ الجميع من المسؤولية عنها. ويتفاقم التلاعب بالأولويات ما يهدد الاستحقاق الرئاسي... وتُترك كرة الانهيارات من دون كوابح، وكأن الوقت متاح أمام لبنان لاستعادة قراره، فيدير الممسكون بقرار البلد الظهر للمتغيرات في عالم يضربه صداع هو الأخطر بعد الحرب العالمية الثانية.
بعد تكليف ميقاتي تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات النيابية، ومسارعته إلى تقديم تعديل لحكومة تصريف الأعمال، يقلص حصة الرئاسة وفريقها، يتأكد أن السيناريو الأخطر الذي يدور في ذهن الممسكين بالقرار اللبناني، يقوم على افتراضٍ مسبق بأنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية قبل نهاية العهد الحالي في 31 أكتوبر (تشرين الأول). لذلك؛ فجّرت الصيغة الحكومية التي تقدم بها ميقاتي، الصراع حول حجم ونوعية المحاصصة التي تفرزها؛ لأنها ستكون البديل عن الرئيس، والجهة الموكل إليها ممارسة صلاحيات رئاسة الجمهورية!
في هذا السياق، يبدو السيناريو الأخطر، هو الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال. حكومة ما قبل الانتخابات التي تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية عن مفاقمة التدهور. فتكون الإشارة الأبلغ بأن حامل أختام قرار نظام المحاصصة الطائفي، يرفض الأخذ بنتائج الانتخابات البرلمانية، والتغيير الحقيقي الذي أحدثته في تركيبة المجلس النيابي، الذي بات يتكون من مجموعات لا تملك أي جهة الأكثرية فيها. فيتجاهلون على جاري عادتهم بعد «ثورة 17 تشرين»، المسؤولية التي تحتم قيام الحكومة المناسبة للمصلحة الوطنية، فيعهد إلى الحكومة إياها إدارة وضع البلد عند حلول الفراغ في الرئاسة! والاجتهادات كثيرة بإسباغ الشرعية عليها!
الأسئلة كثيرة عن جدوى الانتخابات البرلمانية إذا كان ما بعدها لن يؤثر في السلطة التنفيذية. وكيف يتم بثُّ موجات تخدير عام، بأن لا قيمة ضمن السياق الراهن لحكومة جديدة؛ لأنها لن تتمكن من ممارسة الحكم باستقلالية، وأن لا فارق نوعياً إن أجريت الانتخابات الرئاسية من عدمها! وأن جديداً لن يطرأ على كارثة الانهيارات، فعنوان المرحلة التي بدأت إثر «ثورة تشرين»، تغييب السلطة وانعدام الدولة؟ وأمام هذه المخاطر «يتبرع» كثر لإسداء نصائح «غب الطلب» سداها ولحمتها، استحالة التغيير الداخلي، وما على اللبنانيين إلا انتظار نتائج التطورات الجيوسياسية والعسكرية في المنطقة، ووصولاً إلى الحرب الروسية في أوكرانيا، حتى يكون للبنانيين سلطة تنفيذية والإمكانية لفتح الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية!
إن لبنان اليوم في مرحلة صدام خيارات، فـ«حزب الله» ماضٍ وفريقه في خيار اقتلاع البلد وإلحاقه بمحور الممانعة الذي تقوده طهران، ويكرر المخطط إياه منذ غزوة بيروت في مايو (أيار) 2008؛ إما حكومة في قبضته أو بلاها، وإما رئاسة جمهورية تابعة أو لا رئاسة ولا جمهورية! يقابله خيار استعادة الدولة المخطوفة، والدستور، وإنهاء زمن ممارسة الحكم بالفتاوى، بالعودة إلى وثيقة الوفاق الوطني «الطائف». وقد حقق هذا الخيار تقدماً ثابتاً، إثر الانتخابات النيابية التي حملت 13 نائباً إلى البرلمان هم نواب الثورة، إلى عددٍ من النواب المستقلين، المتمسكين فعلاً بالسيادة غير المنقوصة، وباستعادة المؤسسات والعودة إلى ممارسة الحكم الديمقراطي، بما يتيح المساءلة والمحاسبة بشفافية تضمن استعادة الناس حقوقها المهدورة.
خيار «الثنائي المذهبي»، أي «حزب الله» و«حركة أمل»، والكومبارس الذي يدور في فلكهما، ويستند إلى السلاح اللاشرعي، هو التعطيل والدفع إلى الفراغ في السلطة والشغور في الرئاسة، كي تتحلل المؤسسات؛ الأمر الذي فرض على الدوام انتزاع تنازلات مكّنت الثنائي من قضم البلد أكثر فأكثر، وتحوز التنازلات في آخر المطاف «تفهم» الجهات الغربية، رغم الإدراك أن موازين القوى التي فرضتها آنية غير ثابتة... ويتم كل ذلك تحت وطأة التهديد بمؤتمر تأسيسي، يعرف الجميع أنه سيقود إلى ما هو أسوأ بفرضه خللاً وطنياً كبيراً!
يمكن لنواب الثورة اليوم أن يشكلوا رافعة للوضع الشعبي، لمواجهة تعطيل زاحف يراهن على الفراغ للمضي في اقتلاع البلد. لقد أدخلت الثورة الناس إلى الفعل السياسي، فلبّوا بتصويت عقابي في 15 مايو، والجهد المثمر الآن استعادة المواطنين لبلورة البديل السياسي، الذي يفترض قيام «الكتلة التاريخية» بحيث لا فيتو على أحد، ممن يلتقون حول خيار استرجاع الدولة المخطوفة والدستور والطائف الذي يرسم السياق الحقيقي لتطوير النظام. إن قيام التوازن الفعلي هو ما يبطل بقاء لبنان ورقة في ملف الآخرين، أو منصة «مسيّرات»، تضرب مصالح لبنان وشعبه، وهدفها الحقيقي تأكيد حضور نظام الملالي الإيراني!

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الفراغ» يستكمل الاقتلاع ولا بديل عن مواجهة التعطيل «الفراغ» يستكمل الاقتلاع ولا بديل عن مواجهة التعطيل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة
 العرب اليوم - مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab