رئاسيات 2022 وردح رئاسي فوق الخراب والعزلة

رئاسيات 2022... و{ردح} رئاسي فوق الخراب والعزلة!

رئاسيات 2022... و{ردح} رئاسي فوق الخراب والعزلة!

 العرب اليوم -

رئاسيات 2022 وردح رئاسي فوق الخراب والعزلة

بقلم: حنا صالح

لم تكن انتخابات الرئاسة اللبنانية في يومٍ من الأيام صناعة لبنانية. على الدوام كانت موضع تجاذبٍ خارجي. وعلى الدوام كان الدور اللبناني يتقزم زمن الأزمات، و«يتعملق» زمن الاسترخاء، وفي النهاية لم يكن قراراً محلياً، بقدر ما كان وصول الشخص المحظي إلى الرئاسة يعكس في شخصه توازنات وتقاطعات خارجية!

في منتصف عشرينات القرن الماضي، قبل الاستقلال، استدعى المندوب السامي الفرنسي أعيان لبنان للتداول بمن يكون رئيساً، وفي اليوم التالي للتشاور تم تعيين شارل دباس الذي لم يكن مدعواً للقاء! رئيس الاستقلال بشارة الخوري فاز نتيجة صراعٍ فرنسي - إنجليزي، في حين الرئيس الثاني للجمهورية كميل شمعون، مرشح «الجبهة الاشتراكية»، فاز نتيجة تقاطعات إنجليزية - سورية. حتى الرئيس فؤاد شهاب الذي يعود إلى عهده بناء دولة المؤسسات والعدالة والرعاية الاجتماعية، والتزام الدستور والقوانين، لم ينتخب نتيجة «ثورة» 1958، بقدر ما كان وصوله نتيجة تقاطع بين عبد الناصر والأميركيين.
وفي العام 1964 إثر رفض شهاب تعديل الدستور والبقاء في الرئاسة ولاية ثانية، قررت الأغلبية النيابية، المسماة «النهج»، انتخاب النائب الأمير عبد العزيز شهاب رئيساً للبلاد. فنام الأمير رئيساً وفي الصباح انتخبت الأغلبية شارل الحلو لرئاسة الجمهورية، بعد ليلٍ من الاتصالات المصرية والسورية والأميركية. وفي الذاكرة اللبنانية، أن البرلمان حسم رئاسة سليمان فرنجية عام 1970 بفارق صوت واحد عن منافسه إلياس سركيس، لكن الوقائع مغايرة لأنه ما كان ليفوز لولا أزمة «الميراج» وفضح جهاز «المكتب الثاني» محاولة روسية لاختطاف طائرة «الميراج»، فتدخل السفير الروسي لدى النائب كمال جنبلاط وطالبه بعدم انتخاب سركيس، فكان أن قسّم جنبلاط أصوات كتلته ما أحدث المفاجأة.
ما بعد العام 1975 حتى العام 2005 فرض النظام السوري المحتل الرؤساء تباعاً، إلا في العام 1982 عندما دخل المحتل الإسرائيلي على خط الانتخابات، فكان انتخاب بشير الجميل تحت حراسة الدبابات الإسرائيلية. وبعد خروج الجيش السوري، ووقوع شغور في الرئاسة، تمّ في اجتماع الدوحة برعاية عربية - دولية تسمية ميشال سليمان، في سابقة مثيرة لم تترك للبرلمان سوى الاتفاق على الاتفاق!
حدث الشغور الكبير في رئاسة الجمهورية في العام 2014 واستمر 30 شهراً، عندما عطل «حزب الله» نِصاب البرلمان حتى فرضه مرشحه الوحيد ميشال عون رئيساً يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2016. في ذلك اليوم، قالت النائبة ستريدا جعجع، إن الانتخاب صناعة لبنانية، ليتبين من البداية أنه في زمن توقيع الاتفاق النووي مع إيران، كان الانحياز الأميركي كاملاً لما سُمي «الخيار الإيراني»، فشكلت رئاسيات 2016 محطة جديدة في التعاطي الأميركي مع المنطقة، شبيهة بما جرى في العراق يوم أعلن الموفد الأميركي بول بريمر حل الجيش العراقي، ليتم تسليم العراق لأتباع نظام الملالي في إيران!
ما حدث في العام 2016 يستحق وقفة وتأنياً. فرغم أن الاتفاق النووي عرّض المصالح العربية للخطر، وزعزع استقرار دولها، تعاطت معه الأكثرية النيابية المناوئة بالمبدأ لـ«حزب الله» على أنه قدر المنطقة ولبنان. استسهلوا «نقل البندقية» من كتف إلى كتف، فشهد الناس «مشهدية معراب» بإعلان التحالف بين جعجع وعون على قاعدة انتخاب الأخير، ولاحقاً انضم سعد الحريري إلى ناخبي عون رغم معارضة فريقه الواسعة كما المعارضة الشعبية، وتبين أن الثمن صفقات ومحاصصات مع الفريق العوني ضمنت إسناد رئاسة الحكومة إلى الحريري. وعلى أرض الواقع أُنجزت التوافقات مع «حزب الله»، ذراع الهيمنة الإيرانية الذي تسلم مفاتيح البلد. فكان اختطاف الدولة وقرارها، والإمساك من الخلف بخيوط السلطة، وواقعياً وقوع رئاسة الجمهورية تحت الاحتلال بعدما بات الرئيس الفعلي هو الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله؛ الأمر الذي دفع البطريرك الماروني إلى المطالبة بتحرير الرئاسة، في حين كان الإيغال مستمراً في نهج اقتلاع البلد وجعله حربة ضد المنطقة، ومنصة تصدير الكبتاغون والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية!
قبل الذهاب إلى رئاسيات 2022، هناك الكثير من الأسئلة المطروحة ويمكن اختصارها بسؤال محوري عن انعدام تأثير القوى السياسية اللبنانية تاريخياً في أبرز استحقاقٍ دستوري، ألا وهو رئاسة الجمهورية؟ هل يعود ذلك للنظام الطائفي وارتباط الأطراف الطائفية بجهات خارجية فانعدم الوطني لصالح الطائفي؟ ربما ولا بد للدارسين المؤرخين من الإجابة عن هذه المسألة.
الأكيد أن كل الظروف المحيطة برئاسيات العام الحالي مغايرة لما كانت عليه في العام 2016. داخلياً تتم بعد الانهيار الكبير، في مرحلة تميزت بسيطرة «حزب الله» الكاملة، والفشل المريع الذي مثّله وجود عون في الرئاسة؛ ما تسبب في انفجار ثورة «17 تشرين» التي عرّت الطبقة السياسية وكشفت عن فسادها فأخلت الفضاء العام كمتهمة، لكنها لم تسقط ولم تحاسب رغم تصدع نظام المحاصصة الغنائمي. لكن ذلك أرغم «حزب الله» على تصدر الدفاع عن نظام الفساد، الذي مكّنه من التغول على الدولة واحتكار قرارها، وبات متعذراً عليه التهرب من المسؤولية عما ألحقه بلبنان وأهله.
لقد خسر «الحزب» أكثريته النيابية، مع فشل الكثير من حلفائه وإضعاف الآخرين، وبات غير قادر على الإملاء والفرض، وبين «حلفائه» ما «صنعه الحداد»، في حين تمثل الجديد بوصول 13 نائباً يعكسون الجو التشريني، هم نواب الثورة، وهم الأكثر ارتباطاً بنسيج البلد مناطق وشرائح وفئات. ورغم الوقت القصير الذي مرّ على انتخابهم فرضوا ممارسة سياسية لم تكن مألوفة لجهة الانسجام مع الدستور والقوانين. هم أمام تحدي ترشيح لرئاسة الجمهورية مقنع للمزاج الشعبي، محترم ومتجرد ودستوري قادر على القيام بدور المرجعية الوطنية والأخلاقية، لإفشال محاولات المتسلطين نسج «تسوية» ترضي بعض الخارج ومن ارتهنوا البلد للممانعة، ليستمر تسلط التحالف الذي يقوده «حزب الله»، باستبدال اسم سليمان فرنجية أو حتى جبران باسيل باسم ميشال عون، ويتم القفز مجدداً فوق مآسي الناس ومتطلبات انتشال البلد... وما يجري اليوم من شد وجذب رئاسي، بين القصر والسراي، على خلفية الصراع على الحصص الحكومية، معبّر عما بلغته الطبقة السياسية من انفصام وانحطاطٍ سياسي!

بالتوازي، تبدلت الظروف الإقليمية رغم تغول نظام الملالي. لكن لا «الخيار الإيراني» في أوجه مع فشل «فيينا»، ولم يعد العالم العربي في موقعه السابق، وآخر الأدلة قمم جدة التي انعقدت بمشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن، وما أبرزته من اهتمام بمكانة لبنان ودعم سيادته واستقراره وأمنه واعتزام نجدة شعبه. الأكيد، أن الأفق الخارجي يشهد تبدلاً وهناك تغيير داخلي، ولو نسبياً، وباستنفار الناس واستعادتهم إلى الفعل السياسي ستتبلور «الكتلة التاريخية» كحالة شعبية فاعلة من دونها سيحل الشغور في الرئاسة وسيبقى الأمل بالتغيير معلقاً!

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئاسيات 2022 وردح رئاسي فوق الخراب والعزلة رئاسيات 2022 وردح رئاسي فوق الخراب والعزلة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab