هل يفتح التحقيق الأوروبي في لبنان صندوق الأسرار

هل يفتح التحقيق الأوروبي في لبنان صندوق الأسرار؟

هل يفتح التحقيق الأوروبي في لبنان صندوق الأسرار؟

 العرب اليوم -

هل يفتح التحقيق الأوروبي في لبنان صندوق الأسرار

بقلم:حنا صالح

هل أزف زمن فتح صندوق الأسرار الأسود، لكشف أكبر مخطط احتيالي «بونزي» أقدمت عليه طبقة سياسية متسلطة ومرتهنة، هي زبدة تحالف ميليشيات الحرب والمال، أو أن «النخبة» وفق توصيف البنك الدولي، التي تحاصصت عشرات مليارات الدولارات هي واردات عامة، وسَطَت على نحو 100 مليار دولار هي ودائع للمواطنين، قادرة على الإفلات مجدداً؟

يثور السؤال طارحاً نفسه عشية وصول 3 بعثات قضائية أوروبية للتحقيق مع رياض سلامة في جرائم مالية ارتُكبت في أوروبا. التهم المنسوبة إلى سلامة، وأوجبت إلقاء الحجز على ملكيات وحسابات تفوق الـ300 مليون دولار، تتناول عمليات تبييض أموال، وإثراء غير مشروع، وتحويلات احتيالية، إلى تهرب ضريبي! كانت المؤشرات عن اتهام حاكم «المركزي» بدأت تتواتر قبل سنوات على ثورة «17 تشرين» 2019، وقد واجهها سلامة، حاكم «المركزي» منذ 29 سنة، بالإنكار والإيحاء بأن الملفات والتحقيقات التي يرد اسمه فيها، ناتجة عن نكايات واستهدافٍ سياسي. كما دأب على التذكير بأن ثروته عندما غادر «ميرل لينش» كانت 23 مليون دولار (لم يسأله أحد لماذا لم ينقلها إلى لبنان)، ظناً منه أن هذا الرقم يغطي اكتشاف حسابات خارجية وملكيات تعود إليه وإلى شقيقه وأعوانه، تتجاوز قيمتها مئات ملايين الدولارات!
فُتحت ملفات التحقيق في ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وسويسرا قبل نحوٍ من 20 شهراً، ومنذ أكثر من سنة يمتنع القضاء اللبناني عن تقديم المساعدة للقضاء الأوروبي، انسجاماً مع توجه سياسي قضائي لبناني منع ملاحقة سلامة والكارتل المصرفي الذي نفذ أكبر عملية سطو احتيالي على ودائع أكثر من مليون مودع! وحتى الأمس القريب كانت تُدبج المقالات والمقابلات عن «نجاحات» الحاكم، وعن الجوائز العالمية التي نالها، وكيف مُنِحَ شرف قرع الجرس في «وول ستريت»، لتعلن براءته إعلامياً، في حين أن البراءة من عدمها باتت منوطة بأحكام تصدر عن القضاء الأوروبي... فيما صدر حكم الشعب اللبناني الذي اعتبر سلامة ركناً في عصابة «كلن يعني كلن»، التي نهبت لبنان وأفقرت شعبه وأرسلت اللبنانيين إلى الجحيم!
لكن ما إن أُعلن أنه بدءاً من 9 يناير (كانون الثاني) الحالي سيبدأ وصول البعثات القضائية، حتى أطلّ «توجس» أصاب الطبقة السياسية – المالية، فراحت ترفع عنوان «إشكاليات السيادة الوطنية»! وتبحث عن عقبات لتطويق البعثات القضائية، بعدما امتنعت طيلة أكثر من 3 سنوات إثر الثورة، عن اتخاذ أي إجراءٍ يحمي حقوق المواطنين ويصون مصالح البلد. واللافت أن «الثنائي المذهبي» تقدم المعترضين من باب مزعوم برفض الوصاية الأوروبية على القضاء اللبناني (...)، في تجاهل فاقع لواقع أن لبنان وقّع معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وهي معاهدة تفترض أحكامها تعاوناً قضائياً غير مشروط؛ لأنها تسمو على القوانين المحلية.
الأكيد أن خيارات سلامة وشركائه وحُماته تضيق، وسيكون متعذراً منع تعاون القضاء اللبناني؛ نظراً إلى حجم التداعيات المتأتية عن ذلك، لكن الأمر المثير للانتباه يكمن في استنفار «حزب الله» ضد البعثات القضائية الآتية، فالأكيد أنه لا ينطلق من خلفية «الوفاء» لمن أدار الظهر، إن لترسخ «الاقتصاد الموازي» للدويلة، أو لتوسع «القرض الحسن»؛ الجهاز المصرفي لـ«الحزب». بالعمق ما يقلق «حزب الله» هو قدوم محققين أوروبيين إلى بيروت؛ لأن في ذلك سابقة، يمكن أن ترسي الأساس الذي قد ينسحب على جرائم أخرى، فتسقط إذذاك، الحصانات، ويتعطل قانون الإفلات من العقاب. والخشية جدية حيال أي تحركٍ قضائي دولي لكشف الحقيقة في جريمة العصر: التفجير الهيولي للمرفأ الذي دمّر ثلث العاصمة، وأحدث إبادة بشرية! ومعروف أن التحقيق معطل نتيجة التدخل السياسي وممارسات تعسفية تصدرها «حزب الله»، وآلت إلى منع المحقق العدلي من إصدار القرار الاتهامي!
الأكيد بعدما نجح التحالف المافياوي في تجويف «التحقيق الجنائي»، أن التحقيقات الأوروبية قد تنسف السياسة الرسمية: «عفا الله عما مضى»، ومساعي طمس مسؤولية المصرف المركزي والكارتل المصرفي عن السطو على أموال المودعين. هم استثمروها مقابل رشوات وتهريب «أرباح»، فما هي مسؤولية أكثر من مليون مودع توجهت إليهم السلطة بالقول: «بدنا نتحمل بعضنا»؟
صحيح أن الواقعية تفترض التروي، لكن فتح ملف رياض سلامة والكارتل المصرفي، من شأنه أن يكشف الكثير من «أسرار» الانهيارات المالية وإفقار البلد وإرسال المواطنين إلى الجحيم، وقد يفتح مسارات جديدة ليست في حسبان «منظومة النيترات». الأمر الثابت أن مساراً طويلاً ومعقداً مرجحاً حدوثه، يتطلب احتضاناً شعبياً وإصراراً على بلوغ خواتيمه. هنا نفتح مزدوجين لتأكيد أن نواب «تكتل التغيير» الذين لمسوا لمس اليد حجم اللوبي النيابي المصرفي، الذي يحاول تمرير قوانين سداها ولحمتها العفو عن الجرائم المالية، مدعوون لتوفير الدعم للتحقيق؛ لأن كشف أسرار المنهبة محوري في سياق السعي لحماية حقوق المودعين.
سيكون لبنان أمام مسار قضائي جديد وصعب؛ جديد لأن الطبقة السياسية عملت طيلة السنوات الماضية على استبعاده، وصعب لأن المتوقع افتعال عقبات وعراقيل لإفشاله. ومن شأن هذا المسار الجديد فتح أبواب المحاسبة، إن اغتنمت قوى التغيير الفرصة لبلورة عمل سياسي شفاف واضح وصريح لاستعادة الثقة واستنهاض اللبنانيين واستعادتهم إلى الفعل السياسي. هنا من المفيد التذكير بأن قوة «17 تشرين» تمثلت في نقل المواطنين إلى موقع اللاعب السياسي صاحب الحقوق، فكانت عصيّة على التطويع. وهي قادرة اليوم إذا ما تأمنت الأدوات الكفاحية الحزبية السياسية المنظمة، على إعادة اجتذاب أصحاب المصلحة بالتغيير، فتكون قادرة على إبعاد تأثير قوى رمادية، تنادي بمحاسبة الفاسدين وتتجاهل حُماتهم خاطفي الدولة وقرارها، وتتعايش مع الذين استتبعوا إدارات الدولة ومؤسساتها للأحزاب الطائفية والميليشياوية، لذلك تجنب هذه الفئات ضرورة؛ لعدم تعطيل منحى استعادة الثقة الشعبية.
بالأمس قال الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الذي أعادته صناديق الاقتراع إلى الرئاسة للمرة الثالثة: «الأمل أقوى من الخوف». في «17 تشرين» 2019 لم يكن لدى الناس إلّا الأمل، فتحدوا الخوف و«الإصبع المرفوع». غطوا ساحات لبنان بقرار حر اتخذه كل فرد منهم، وحقق التلاقي بينهم شعوراً بمسؤولية وطنية وأخلاقية وكرامة تمسكوا بها، لينجزوا أول وأعمق مصالحة تطوي صفحة الحرب الأهلية، ليبدو لبنان بثورته السلمية قِبلة للمنطقة، ويستحوذ اهتماماً خارجياً لافتاً، عندما بدا أن ربيعاً لبنانياً آخر بات ممكناً!
مرة أخرى، ملاقاة المسار القضائي تفترض بلورة وضع سياسي جديد، يضع أمامه مهمة إنهاء الخلل الوطني في ميزان القوى، ليكون ممكناً تقديم البديل السياسي: «الكتلة التاريخية» القادرة على امتصاص الخصوصيات الطائفية والمناطقية، فتفسح المجال أمام تقدم مشروع الدولة المدنية الحديثة، كبديل عن الدولة المزرعة، التي طوّعت الدستور لخدمة المتجبرين، وطوّعت القوانين خدمةً لمصالح فئوية.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يفتح التحقيق الأوروبي في لبنان صندوق الأسرار هل يفتح التحقيق الأوروبي في لبنان صندوق الأسرار



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab