أزمة اللاجئين الاستثمار بالضحايا

أزمة اللاجئين... الاستثمار بالضحايا!

أزمة اللاجئين... الاستثمار بالضحايا!

 العرب اليوم -

أزمة اللاجئين الاستثمار بالضحايا

بقلم - حنا صالح

بشكل فجائي طغى ملف اللاجئين السوريين على كل ما عداه في لبنان من أزمات. تقدم هذا الملف قضايا مثل الانهيار المالي والبطالة والعوز، والتحقيقات القضائية الأوروبية بالجرائم المالية للكارتل المصرفي، وتجاوز الاستعراض الصاروخي من الجنوب، الذي جعل الناس تستعيد ذكريات مؤلمة عن زمن «فتح لاند» وسواها. ما حدث كأنه «كبسة زر» وانطلقت الحملات؛ ضجيج تصريحات وازدحام على وسائل التواصل، وتحولت برامج «التوك شو» وجهةً محددةً، ربطت كل كوارث البلد ومآسي أهله والمقيمين بقضية اللجوء!
أكيد أن هناك مشكلة حقيقية هائلة وضاغطة متأتية من نزوح كبير متفلت من أي ضوابط. لكن هذه الاستفاقة في الأسبوعين الماضيين مثيرة للريبة، وتحمل دون أدنى شك أهدافاً أخرى غير الظاهر منها. وعلى العموم، فإنها في توقيتها، هدفت إلى حرف أنظار اللبنانيين وإشغالهم عن الكوارث الحقيقية المحدقة بهم، وهي أولاً وأخيراً، من صنع التحالف السياسي المتسلط، وفاقمها اللجوء السوري الكبير!
وفق إحصاءات، نشرت في مارس (آذار) الماضي، يستضيف لبنان نحو مليوني لاجئ سوري! طبعاً هذا العدد كبير جداً، فهو يتجاوز ما نسبته 40 في المائة من إجمالي سكان لبنان. وكبير جداً قياساً إلى مساحة البلد 10452 كيلومتراً مربعاً فقط. وكبير بما لا يقاس نسبةً لإمكانات لبنان وموارده وقدراته، وهو البلد الذي يعيش منذ العام 2019 انهيارات على كل المستويات المالية والاقتصادية والاجتماعية، ويتخبط في أزمة خانقة، صنّفها البنك الدولي بين أخطر 3 أزمات ضربت العالم آخر 150 سنة!
انعدام أي سياسة رسمية حيال قضية اللجوء الكثيف فاقم هذه الأزمة، فالسلطة التي يقودها «حزب الله» دأبت على استخدام أزمة اللاجئين وأوضاعهم الصعبة لابتزاز المجتمع الدولي للحصول على مساعدات. وتوازياً مع رفض الجهات الدولية مناقشة سبل العودة، خدمت المساعدات المتواضعة تكريس الأمر الواقع المتأتي عن اللجوء، ما غطى تالياً على رفض نظام بشار الأسد عودة اللاجئين!
معروف أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ العام 2011، عام انفجار الثورة السورية وبدء انفجار أزمة اللجوء، هي حكومات «حزب الله». إنه الجهة النافذة المقررة والجهة التي لا يرد لها طلب، والتي أملت السياسات المتبعة بمعزل عن أحجام وأدوار المتحاصصين معها سرير الحكم. من البداية، تم عمداً عدم اعتماد أي خطة وطنية لمواجهة تدفق الفارين من المقتلة السورية، وجرى تجاهل الحدث المروع وتداعياته على لبنان، وساد تعامٍ مقصود عن الانفلاش غير المقبول، واستخفاف كبير بالمسؤولية عن إيواء اللاجئين!
تغاضت الحكومات المتعاقبة عن مأساة توزع اللاجئين وإقامة مخيمات عشوائية لهم. حتى إن كل المؤتمرات التي انعقدت على خلفية اللجوء ووجوب معالجته، كما الاجتماعات الوزارية واللجان التي انبثقت عنها، وما نجم عنها من تسابق على زيارة دمشق بين وزراء محسوبين على الممانعة وقيادات أمنية، فإن النتائج اقتصرت على أخذ الصور ونقل التمنيات، وواقعياً بدت المهمة الحقيقية للجانب الرسمي اللبناني تغطية رفض النظام السوري العودة الواسعة للاجئين... مع العلم أن تحولاً لافتاً طرأ على الوضع الأمني في سوريا لجهة «تكريس مناطق النفوذ والاستقرار»! نفتح مزدوجين هنا للإشارة إلى أنه عندما تمت تلبية طلبات الجهات الأمنية السورية بتقديم لوائح اسمية بالراغبين في العودة، اقتصرت الموافقة على أقل من 20 في المائة من الأسماء التي تم تقديمها! إلى ذلك، فإن المشاركة الرسمية في مؤتمرات دولية، افتقرت حتى لأقصوصة ورق، تنم عن منحى لعمل جدي يرسم سبل معالجة هذه المعضلة، التي تفترض بحثاً حقيقياً عن حلول مستدامة لها، فيما بعيداً عن الضجيج والتحريض العنصري وتناوب الأطراف على الاستثمار بضحايا اللجوء، أظهر الواقع انعدام الميل لمعالجة قضية حولت لبنان إلى مخيم كبير. ما تقدم يؤكد غياب أي مفاجأة، فلقد حكم الموقف الرسمي رؤية «حزب الله» ومن يمثله من جهة، ومصالح النظام السوري من الجهة الأخرى!
لقد كان اللجوء السوري الكثيف وبكل الاتجاهات نتيجة طبيعية للحرب الدموية ضد الشعب السوري، التي تخللها استقدام جيوش وميليشيات مذهبية متطرفة، من بينها ميليشيا «حزب الله» التي تعتبر قوة ضاربة في «فيلق القدس». كما أنها جذبت قوى إرهاب وشذاذ آفاق، غير القوى التي تم «تصنيعها» في سوريا. وعرفت هذه الحرب أبشع عمليات الاقتلاع والتهجير الجماعي المنظم، الذي أُريد منه تحقيق أكبر ترانسفير ديموغرافي ممنهج، عدّه النظام السوري عامل «تنقية» للنسيج الشعبي مؤاتياً لتسلطه، كما صبّ في مصلحة الميليشيات الإيرانية ومخطط حكام طهران القاضي بالوصول إلى المتوسط.
من الزعم أن هدف ميليشيات «حزب الله» الدفاع عن قرى حدودية، ثم الإعلان عن مهمة الدفاع عن «المراقد الشيعية»، إلى انتشارها الحربي على جبهات القتال. كان لهذه الميليشيات دورها البارز في اقتلاع أعدادٍ كبيرة من السوريين، خصوصاً في غرب سوريا كالقلمون والغوطة. ما نجم عنه تهجير واسع باتجاه المناطق اللبنانية المحاذية، ليتكرس تغيير ديموغرافي عندما تم إمهال الفارين من المقتلة أياماً معدودة لتأكيد ملكياتهم، فصودرت الأملاك والبيوت المتبقية أو الممكن ترميمها، واتسعت عمليات «شراء» الميليشيات الإيرانية لمناطق بعينها، تم فيها إسكان الوافدين، حتى جماعات «الهزارة» التي استقدمت من أفغانستان!
هل بين أهداف التهجير إحداث ربطٍ ما بين مناطق القلمون والغوطة بمناطق في شرق لبنان؟ الاحتمال قائم ما دامت العودة متعذرة، وأن من هجّر أو تسبب بالتهجير لن يسمح بالعودة. في لبنان، هناك نموذج فاقع عن عمليات التهجير، فالنسيج الشعبي تبدل في ضواحي بيروت، وقوانين منع البيع بالإكراه لم تُفعَّل، فترسخ التغيير الكبير في النسيج الشعبي لهذه المناطق (...) والأكيد أن الجهات الرسمية السورية التي عبّرت مراراً عن الارتياح لاقتلاع الملايين لن تسمح بالعودة، وهذا مثبت، كما أن الجانب الخارجي الروسي، المسيطر والمقرر، عندما تحدث عن العودة طرحها كإشكالية، رمى من ورائها الحصول على أموال الدول المانحة بذريعة إعادة الإعمار، دون أي تقدم في الحل السياسي، وفق قرار مجلس الأمن الدولي!
كُشف النقاب قبل فترة عن ورقة حكومية لمعالجة الأزمات، ورد فيها أنه في العام 2011 بدأ تبديد ودائع المواطنين، وتفاقم منذ العام 2015! إنه اعتراف بأن السطو على مقدرات الدولة وإمكاناتها سابق على بدء اللجوء... الذي زاد من حجم السلبيات. لكن حملة التجييش التي اتخذت طابعاً مقيتاً لا تندرج تحت عنوان البحث عن حلول. وما بدا من جهد لتوظيفها في خدمة الترويج لمرشح «حزب الله» للرئاسة سليمان فرنجية، على قاعدة أنه قادر على الحوار مع «حزب الله» والأسد، حوّل أخطر قضية إلى حالة كاريكاتورية!

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة اللاجئين الاستثمار بالضحايا أزمة اللاجئين الاستثمار بالضحايا



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab