قراءة في الرد الإيراني

قراءة في الرد الإيراني!

قراءة في الرد الإيراني!

 العرب اليوم -

قراءة في الرد الإيراني

بقلم - حنا صالح

كانت أقصر المعارك لكن أكثرها ضجيجاً. لقد استغرق تحضير الرد الإيراني على إسرائيل أسبوعين فانتهى إلى نتائج ميدانية صفرية، لم يسقط أي سقف، وما من قتيل إسرائيلي واحد.

مسلسل من التشويق استبق الرد العسكري، لأن استهداف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، شكَّل ضربة على الرأس مع تصفية كل جنرالات غرفة عمليات «فيلق القدس». وبعد وعيد المرشد خامنئي لإسرائيل بأنها ستندم، وترويج أقوال من نوع أن الأمة تريد الانتقام (...) بدت طهران أمام استحقاق الرد المباشر، بعدما تعذر التلطي خلف الأذرع الإيرانية، وبذلك يكون نظام الملالي قد أقدم على خطوة حربية هي الأولى له منذ انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية.

بعدما حُسِم أمر الرد المباشر قال قائد «الحرس الثوري» إن من بعده ستختفي إسرائيل من الوجود، مما جعل العالم يتهيب الحدث. فشكّلت ليلة 13 – 14 أبريل (نيسان) الجاري ساعة الصفر لردٍّ حَمل كل عناصر استعراض القوة، دفعت فيه طهران نحو 330 مُسيّرة وصاروخاً بين «كروز» و«باليستي». حدثٌ تابَعَه الملايين مباشرةً، تسمَّروا أمام الشاشات الصغيرة يراقبون المُسيّرات والصواريخ تعبر أجواء العراق باتجاه الأردن وسوريا. لكنّ الرد المنسق الأميركي - البريطاني - الإسرائيلي عطَّل عناصر هذا الهجوم، بدءاً من الحدود الأردنية - السورية مع العراق، ولم يصل إلى نقاط الاستهداف إلاّ 7 صواريخ باليستية، أحدثت أضراراً متواضعة في قاعدة «رامون» الجوية في النقب، حيث تتمركز طائرات F 35، أبرز طائرات الجيل الخامس!

لقد أُنذرت واشنطن مسبقاً بساعة الصفر، وكشف عبداللهيان، وزير خارجية إيران، عن أن «طهران أبلغت واشنطن بأن الهجمات ستكون محدودة ودفاعاً عن النفس»، فحاكى الهجوم الواسع الأداء الإيراني بعد مقتل قاسم سليماني وبدا أشبه بعملية «عين الأسد» لكن «رقم 2»، مع فارقٍ أن مئات المُسيّرات والصواريخ تطلبت ساعات لبلوغ أهدافها المفترضة. وواضح أن للإنذار المسبق ترجمة محددة تكمن في سعي النظام الإيراني إلى الحفاظ على ماء الوجه وتجنب الحرب الشاملة التي يتوسلها نتنياهو وتعمل واشنطن لمنعها.

من حيث النتائج على الأرض، رأت واشنطن أنه في المحصلة انتصار لإسرائيل، لكن ما أسفر عنه الحدث الكبير يفترض قراءة دقيقة متأنية. ورغم أن لسان حال نتنياهو يردد: شكراً خامنئي، فإن طهران وتل أبيب سجّلتا نقاطاً مع أرجحية إسرائيلية ويمكن التوقف عند التالي:

أولاً، إنها المرة الأولى التي تهاجم فيها إيران إسرائيل مباشرةً، وفي هذا تطور كبير في الصراع ستكون له تداعياته على الداخل الإيراني كما على محور الممانعة. ففي الداخل سيتعزز أكثر دور «الحرس الثوري» في الحياة السياسية، وفي الخارج سترتفع معنويات أذرع «فيلق القدس» ومريدي نظام الملالي الذين هالهم نهج «الصبر الاستراتيجي» حيال الاستهدافات الإسرائيلية التي بقيت من دون رد. ولافتٌ أنه رغم ما ظهر من تفاوت، بين ترسانة الأسلحة الغربية التي تمتلكها إسرائيل والسلاح الإيراني الذي بدا عربدة صوتية أشبه بألعاب نارية، بدأت تتردد لغة عن سقوط التفوق الإسرائيلي عبّرت عنه مظاهرات انطلقت في طهران وبيروت وسواهما!

ثانياً، طيلة الساعات الخمس وهو الوقت الذي استغرقه الهجوم تظهّر ترابط ساحات المحور الإيراني، من اليمن إلى جنوب لبنان والعراق، وتأكد أن هذا الترابط مرتبط بالمصلحة الإيرانية العليا ليس إلاّ.

ثالثاً، قالت إيران إن الرد الذي نفَّذته ويندرج تحت خانة الدفاع عن النفس هو جزء من ردٍّ مركب؛ لا تريد الحرب الشاملة كما لن تترك التعديات تمر مستقبلاً، بل تحتفظ بحق الرد، كما توعدت بهجوم أكبر من «الوعد الصادق» يكون أكثر حسماً. حديث يُراد منه فتح أبواب تفاهمات جديدة ومحاصصة نفوذ، وإقرار غربي عموماً بمكانة إيران بوصفها قوة بارزة في الإقليم. وهنا يكمن الهدف الذي تضعه طهران نصب أعينها، مما يكرس دورها ويطلق يدها أكثر فأكثر!

رابعاً، يمتلك نتنياهو الآن الذرائع للرد الهجومي داخل إيران، وهناك في إسرائيل من يعتقد أن الفرصة مواتية للتعامل مع العناوين الإيرانية الأبرز: المشروع النووي، والسلاح الباليستي والمُسيّرات، ويَلقى هذا المنحى تفهماً واسعاً، باعتبار نظام الملالي في موقع تهديد الأمن الإقليمي والدولي. في هذا السياق، فإن انكشاف القدرات التكنولوجية لإيران يمنح إسرائيل ورعاتها مزيداً من الوقت.

من المؤكد أن الرد الإسرائيلي موجود على جدول أعمال حكومة الحرب، لكن نتنياهو سيعمل على هضم ما تحقق من نجاحات داخلية وخارجية غربية، لترميم سلطته ونفوذه. لقد تفسخ الحصار الشعبي المضروب عليه، وتعطل العد العكسي لبقائه في السلطة نتيجة تجرؤ طهران على مهاجمة إسرائيل، والأرجح ستتوقف إلى حينٍ المظاهرات المناوئة له وتُعلَّق الدعوات لانتخابات مسبقة.

خامساً، سيزداد الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل، وستتقدم أكثر مهامّ من نوع قصقصة أجنحة الأذرع الإيرانية كي لا يكون بالإمكان مستقبلاً تكرار عملية «7 أكتوبر (تشرين الأول)». في هذا السياق سيشتدّ عزل غزة والضغط على رفح، وتتسع العمليات العسكرية «الجراحية» لتقويض المتبقي من قدرات لدى «حماس»، وسيتأخر البحث الجدي في مصير القطاع المدمَّر، وتتسع المراوحة بشأن المسألة الفلسطينية حتى تمرير الانتخابات الأميركية!

سادساً، سيكون مقلقاً وضع لبنان، وما الضربات الجوية الشديدة يوم 14 أبريل الجاري، التي امتدت من الجنوب إلى تلال سرعين في شرق البقاع، إلاّ مؤشر على ما ينتظر البلد الذي يحوله الكيان الإسرائيلي إلى بنك أهداف. فبموازاة فرض حزامٍ أمني على امتداد البلدات المحاذية للخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وتكثيف التدمير وتلوث الأراضي الزراعية، سيكون، ما تعتقد إسرائيل أنه خطوط إمداد «حزب الله»، ومخازن صواريخ ومُسيّرات عُرضة لاستهداف مبرمج عنوانه؛ إسقاط مسبق لأي محاولة لـ«7 أكتوبر» من جنوب لبنان، لأن أولوية الكيان المدعوم أميركياً وأطلسياً فرض الأمن في شمال إسرائيل.

ويبقى أنه مع نشوة البعض، ولا سيما «الحزب»، الذي يقول إنه لم يكشف بعد عن كل ما تحتويه ترسانته، وما ترسانته إلاّ بعض مما أظهرته طهران، مفيد التوقف عند قول لهنري كيسنجر: «إن اختبار نجاح أي أمة، ليس بالانتصار في الحروب، ولكن بمدى نجاحها في منعها».

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في الرد الإيراني قراءة في الرد الإيراني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab