«داعش» ليس أداة استخباراتية

«داعش» ليس أداة استخباراتية

«داعش» ليس أداة استخباراتية

 العرب اليوم -

«داعش» ليس أداة استخباراتية

بقلم - ممدوح المهيني

رغم أن «داعش خراسان» أعلن أنه خلف العملية الإرهابية في ضواحي موسكو، فإن هناك من ينفي ذلك! الإرهابيون الجناة يقولون إنهم من خطط للعملية ونفذها، والمعارضون يقولون لا!

يذكرني هذا بالتبريرات الغربية التي يقولها بعض المفسرين لإرهاب «القاعدة» سابقاً وحتى الآن، حيث يقول قادة «القاعدة» ومنظروها إنهم مؤمنون بآيديولوجية تكفيرية هي من تحركهم وتجعلهم يضحون من أجلها ويكفّرون حتى المقربين منهم، ولكنّ المنظرين في الغرب يرددون أن سبب «11 سبتمبر/ أيلول» وغيرها هو التوسع الأميركي والإمبريالية الحديثة وهجوم الحداثة على مجتمعات ترفضها. وقد كنت في محاضرة بجامعة غربية وردد البروفيسور كل هذه التبريرات على الطلاب، لكنه نسي أن يقول التفسير البسيط، وهو أن التطرف يولد إرهاباً! ونسي أن يقول إن المتطرفين لا يخرجون من بطون أمهاتهم متطرفين، بل شخصيات سوية طبيعية، لكنهم ينغمسون في ثقافة تحولهم إلى متطرفين ويرتقون بعد ذلك في السلم الوظيفي ليصبحوا إرهابيين!

وآخر الأعذار الجديدة هو أن «داعش» أداة استخباراتية، وهناك بعض المخبولين على وسائل التواصل من يقول إن الرئيس أوباما هو مؤسسه. وهم يرددون بذلك تصريحات ترمب التبسيطية الكيدية الذي يتهم أوباما بأنه خلف «داعش»، وهو يقصد أن انسحابه من العراق خلق فراغاً ملأه «داعش»! وفي كلا الحالتين الأمر غير صحيح، فجماعة «داعش» أعلنت ذلك في بيانها الأخير، وبينت أن دوافعها نتيجة تفكير متطرف أولاً وآخراً، وقد تلجأ دول أو منظمات لاستخدامها، لكن سبب تشكلها ونشوئها هو فكر متطرف، ونهايتها يقضي بنهاية الفكر المتطرف الذي بث فيها الحياة من البداية.

ولكن لماذا اختلاق مثل هذه الأعذار؟ هناك أصحاب نيات طيبة ينخدعون بمثل هذه الدعايات ولا يريدون إلصاق التهم بالإسلام لهذا يبحثون عن تبرير يريحهم. ولكن الإسلام كدين عظيم بريء من هذه الاتهامات، وهناك فرق كبير بين الفكر المتطرف والدين الإسلامي، ولكن، للأسف، أصبح يُنظر لهما كشيء واحد. الإشكالية أن خطاب الكراهية ساد لعقود وربما قرون، وخلق هذه البيئة الحاضنة التي جعلت المتطرفين يختطفون الدين ويتحدثون باسمه وكأنه ملك لهم، ويخرجون منهم من يريدون ويستخدمونه أداة للتحريض والتجنيد. ولهذا شهدنا في العقود الأخيرة فقط كماً كبيراً من التنظيمات الإرهابية السنية والشيعية مثل «القاعدة» بفروعها لـ«داعش» بتقسيماته إلى «حزب الله» و«عصائب الحق»، كلها قامت عملياً باختطاف الدين وتكفير غيرهم لفظياً، أو الإجهاز عليهم بالأحزمة الناسفة أو السيارات المفخخة. إنها أزمة فكر متطرف، ولنتذكر أن روسيا تعرضت لهذه المذبحة الدموية، ولكن الدول المسلمة هي أكثر من تعرض لهجمات المنظمات الإرهابية، وأبناؤها هم الضحايا، سواء كانوا القتلة أو المقتولين. تحول فتى مسالم إلى وحش عديم القلب خلال سنوات قليلة هي مسؤولية المجتمع ولا يمكن أن يلقى اللوم عليه لوحده. لو عاش في بيئة تغرس فيه منذ صغره، في البيت والمدرسة والمسجد والتلفزيون، قيم التسامح والعقلانية وفهم الجوهر الإنساني لكل الأديان هل يمكن أن يتحول إلى إرهابي؟ بالطبع لا، سيكون إنساناً سوياً متسامحاً صالحاً يحب الخير للبشرية ويعمل لخدمتها (ولخدمة نفسه كما نفعل جميعاً)، ولن يقوم بتفجير نفسه وسط الأطفال أو دهسهم بالشاحنة كالحشرات بحجة أنهم كفار!

ولكن أكثر من يردد هذه الاتهامات بأن «داعش» أداة استخباراتية هم أصحاب النيات السيئة لسبب واضح وبسيط، وهو أنهم لا يريدون محاكمة الفكر المتطرف، ولهذا يقومون بخلط الأوراق. وهم من يقولون في كل مرة إن المنفذين مرضى نفسيون ومختلون، وهذا أيضاً عذر آخر بهدف التشويش بتحويل القضية من قضية فكرية ثقافية إلى قضية صحية! ولكن المرضى النفسيين يذهبون إلى العيادات ولا نراهم ينظمون أنفسهم في جماعات مسلحة حديدية ويحرقون المجمعات ويفجرون المساجد! كل هذه مجرد خدع بصرية وهم يتحدثون الآن عن المواجهة الثقافية مع الغرب وتحويلها إلى وقود لإنعاش الفكر المتطرف وإيجاد الأعذار والمخارج له، ومن المفارقات أن هؤلاء المتطرفين يذهبون إلى الغرب نفسه الذي يمنحهم حرية التعبير، ولكن يستخدمونها للتحريض على الدول التي تتبنى الفكر المتسامح والإنساني الذي يحفظ للإسلام تساميه وروحانيته ويستعيده تدريجياً من يد خاطفيه.

ليس التوسع الأميركي أو غزو الحداثة ولا الاستخبارات ولا الاستعمار أو الإمبريالية أو المواجهة الثقافية مع الغرب. كل هذه مبررات اختلقها المتطرفون المراوغون لإبقاء فكرهم المتطرف على قيد الحياة. الإرهابيون أنفسهم أكثر صراحةً ويقولون إنهم تكفيريون ويستحلون الدماء، لنصدقهم مرة واحدة!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» ليس أداة استخباراتية «داعش» ليس أداة استخباراتية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab