اغتيال ترمب

اغتيال ترمب!

اغتيال ترمب!

 العرب اليوم -

اغتيال ترمب

بقلم:ممدوح المهيني

الرئيس بايدن تحدّث مع ترمب واطمأنّ عليه بعد محاولة اغتياله، ولكن من المؤكد أنه أكثر شخص تلقَّى الخبر بحزن وكآبة، رصاصات الاغتيال جعلت ترمب في أقوى حالاته، وبايدن المحاصَر في أضعف حالاته، وإذا كان بايدن يواجه ويتحدَّى بصلابة حزبه وجمع كبير من أنصاره، ويرفض الخروج من السباق، فإنَّ هذه العملية ربما ستدفعه للقبول بالأمر الواقع.

بايدن العنيد ربما يفكّر الآن بواقعية، لا يمكن لشخص يخلط بين بوتين وزيلينسكي، وينزلق من السلالم، ويسقط من الدرّاجات الهوائية، أن يكسب المنافسة مع رجل التسويق والدعاية، الذي سيحمل صليبه معه في كل مكان، وسيروّج لنفسه بصورة الرجل نصف الميت ونصف الحي، الشجاع الذي هزم موته، وصاحب الوجه الملطّخ بالدم، والقبضة المرفوعة التي تحوّلت بسرعة إلى لقطة تاريخية.

الأقدار تغيّر في أحيان مسار الأحداث بشكل لا يتوقعه أحد. كوفيد الذي قضى على آمال ترمب في إعادة الانتخاب، هو نفسه محاولة الاغتيال الفاشلة لترمب، التي ربما ستقضي على آمال بايدن، والمفارقة أنَّها أتت في ذات الوقت الحرِج، أشهر قليلة فقط من الانتخابات، استخدم ترمب كل المهارات والخدع، ودخل في حالة إنكار طويلة، إلا أن خفافيش ووهان هي التي قالت كلمتها في النهاية وأنهت حكمه، وذات الشيء يفعله بايدن، رغم نجاحه يقاوم سنّه وتعبه وحزبه، وطعنات الإعلام، وأصدقاءه من نجوم هوليوود، ويصمد بشجاعة، ولكن القناص الشاب توماس ماثيو كروكس أضعفَ آماله لحد كبير.

من المؤكّد أن هذه الحادثة هي ورقة الحظ الرابحة التي كان ترمب ينتظرها، وهبطت عليه من السماء بلا موعد، ومن المؤكّد أنه سعيد بها، حتى لو كانت ملطّخة بدمه وكادت تُنهي حياته، وستكون المحور الرئيسي لحملته، وستزيد من زخمها.

ولكن السؤال الذي يُطرح الآن: هل عملية الاغتيال هذه نتيجة البيئة السياسية والحزبية الأميركية المشحونة؟ الواقع أن هذه البيئة كانت مشحونة قبل ترمب، ولأكثر من سبب، وزادت بعد دخول المرشحين المستقلين الذين يقولون ما يريدون دون خوف من الحزب، الذي كان يقيّدهم في السابق، ويملك نفوذاً عليهم، وجمع الأموال والكاريزما الشخصية شجّع مرشحين على الخروج من التقاليد الرسمية، وأصبح الحزب بحاجة للمرشح النجم أكثر وليس العكس.

الشيء الآخر أن التغير الثقافي العميق بين المحافظين والليبراليين حول قضايا مثل الهجرة، والعائلة، والإجهاض، والسلاح، والدين، خلافات وانقسامات قديمة، ولكن الجديد أن التقنية الحديثة أجّجَتها، ولم تحلّها أو تخفّف منها. التلفزيونات لعبت دوراً كبيراً في عملية الاستقطاب، ومن ثم وسائل التواصل الاجتماعي أكملت ما تبقى. المحطات التلفزيونية أصبحت محطات حزبية وليست صحافية، محطات مثل «Foxnews» و«MSNBC» تقدمان طرحاً مشحوناً هدفه التجييش والتعبئة، وليس التغطية المهنية، «Foxnews» هاجمت أوباما طيلة 8 أعوام، وكذلك فعلت «CNN»، حيث خصّصت أغلب ساعات البث عن ترمب.

دخلت بعد ذلك منصات التواصل الاجتماعي لتعمّق من الانقسام والتشاحن أكثر، حيث يبحث المتحاربون عن أي غلطة وهفوة من الخصم، ليتم عرضها وإعادتها آلاف المرات. أضف إلى ذلك الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة، لتحصل بعد ذلك على خلطة جاهزة للاشتعال في أي لحظة.

إذن البيئة المتفجرة مسمومة، ولكن صحيح أيضاً أن دخول ترمب الساحة السياسية مرشحاً ومن ثم رئيساً رفع درجة الغليان، بسبب رفض كثير من الليبراليين، وقطاعات واسعة داخل المجتمع الأميركي له، وبذات الوقت قبول لدرجة عبادة الشخصية من شرائح واسعة من الأميركيين له.

هذا الانقسام زادت من حدّته أيضاً شخصية ترمب الاستقطابية، شخص قادم من المؤسسة السياسية ويتعهّد بالقضاء عليها، خرج عن التقاليد الرئاسية وكسر الأعراف الدبلوماسية، حوّل حسابه على تويتر إلى منصة تسخر من خصومه، ويفصل فيها أعضاء كباراً في إداراته، رفض الخروج من البيت الأبيض والاعتراف بهزيمته، ومن ثم يعود إلى المشهد مرة، ويهدّد خصومه بالعودة والانتقام منهم، كل هذا خلق حالة من الذعر والهستيريا غير المسبوقة، جعلت كاتباً صحافياً مرموقاً يقول إنه ذرف الدموع بعد المناظرة خوفاً من عودته.

هل ستخفّف عملية الاغتيال من الاحتقان في الساحة السياسية؟ من المرجّح أن يحدث ذلك لبعض الوقت، ولكن ليس إلى وقت طويل. البيئة تشكّلت قبل ترمب، وازدهرت بوقته، ومن المؤكّد أنها ستستمر بعده، عواملها ثقافية وسياسية ومالية وتقنية وإعلامية، ولا تتعلق بفرد، لا يمكن إعادة الوقت إلى الوراء، ولا يمكن تغيير مزاج الناس وإعادة ضبطه على عقد الثمانينات والتسعينات، ستظل بيئة مشحونة، بحاجة دوماً إلى عود ثقاب لتشتعل من جديد.

arabstoday

GMT 08:09 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 08:08 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

لبنان... نتنياهو أخطر من شارون

GMT 08:05 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الأردن و«الإخوان»... «حكي القرايا وحكي السرايا»

GMT 07:59 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أوسلو... من الازدهار إلى الانهيار

GMT 07:57 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع

GMT 07:55 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»

GMT 07:53 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

رؤية عربية للمتغير الرئاسي الأميركي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتيال ترمب اغتيال ترمب



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:43 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
 العرب اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 العرب اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 20:22 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية
 العرب اليوم - الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية

GMT 19:41 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إطلاق نار بمحيط إقامة دونالد ترامب

GMT 02:19 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

حالة طوارئ في جنوب ليبيا بسبب السيول

GMT 17:46 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن في القدس

GMT 04:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سماع صوت انفجار بمحيط مخيم العين غربي مدينة نابلس

GMT 17:24 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

قصف إسرائيلي عنيف على بلدة عيتا الشعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab