الهجوم على بني أميّة

الهجوم على بني أميّة

الهجوم على بني أميّة

 العرب اليوم -

الهجوم على بني أميّة

بقلم:ممدوح المهيني

قام شاعر مؤخراً بالهجوم على بني أميّة، ووصفهم بـ«انعدام الشرف». ولكنه ليس الوحيد، فقد شهدنا في الفترة الماضية حملات متكررة، وقد سمعت مؤخراً أحد الدعاة يسخر من معاوية بن أبي سفيان، ويقول إنه مات بسبب البدانة المفرطة؛ حيث كان يأكل 100 دجاجة في اليوم! وقبل مدة، رفع مجموعة من المحامين في العراق دعوى على يزيد بن معاوية، رغم وفاته قبل أكثر من 1400 سنة. والمرشد خامنئي تحدث مؤخراً عن الجبهة الحسينية واليزيدية.

السؤال؛ لماذا يتكرر الهجوم على بني أميّة بطرق مختلفة؟

تاريخياً، يجوز نقدهم ونقد غيرهم، ولكن الهجوم الشخصي المتعمد له عدد من الأهداف البينة والمستترة.

أولاً: إثارة الطائفية في مجتمعات لا تزال تعيش في تاريخها القديم وكأنه حدث اليوم. إيحاء الثارات القديمة هدفه جعلها مشتعلة في النفوس واستثمارها حالياً.

ثانياً: تشويه تاريخ وشخصيات، وبالتالي نزع أي شرعية لها، والهدف هو الحاضر. ونعرف الشتائم التي وجهها سيد قطب للأمويين هدفها تشويه صورتهم، ونزع الشرعية الدينية والسياسية عنهم، وليس الشتائم بحد ذاتها.

ثالثاً: كتابة رواية مختلفة وجديدة للتاريخ.

رابعاً: الهجوم يستخدمه قائله بحثاً عن مزيد من الشهرة، وصناعة اسم في عالم التطرف وخلق مريدين له. كما تستخدمه الأنظمة لإضفاء الشرعية عليها التي لم تستطع أن تحصل عليها عبر الازدهار الاقتصادي.

هل يتوقف مثل هذا الهجوم؟ بالطبع لا، ومن حق أي شخص أن يقول ما يريد، ومع ثورة الاتصالات يصبح المنع كمن يريد منع أمواج البحر بكفيه. من الصعب أن تمنع الناس من قول ما يريدون. التاريخ كتاب مفتوح للجميع، وحتى لو عاقبتهم قانونياً، سيجدون مكاناً يعبرون فيه عما يفكرون به.

السؤال الأهم هو: كيف يُمكن أن نتجنّب ترك التاريخ مادة متفجرة بيد المتطرفين، يستخدمونها في كل مرة لإثارة الطائفية أو للشهرة أو نشر الكراهية؟ الجواب الأقرب في رؤية التاريخ والقراءة الواقعية له، من دون أن نسكب عليها مشاعر الحب المفرط أو الكراهية العميقة. رؤية الدول والشخصيات كما هي، بصعودها وهبوطها وإيجابياتها وعيوبها، بجوانبها المضيئة والمظلمة. والدولة الأموية بلا شك أنها دولة عظيمة، حكمتها شخصيات تاريخيّة قدمت إسهامات، ومن دونها من الصعب تخيُّل التوسع الكبير للحضارة العربية والإسلامية على مساحات واسعة في العالم. وكذلك الحال مع الدولة العباسية التي مرّت بأطوار متعددة، ولكنها شكّلت العصر الذهبي للعلم والثقافة والترجمة، وكما نعرف فإن المأمون كان عالماً وفيلسوفاً.

رؤية ودراسة التاريخ بواقعية من دون شحنه بالمشاعر الدينية والطائفية سيُقلل من فرص استخدامه من قبل المتطرفين لإثارة مشاعر البغضاء والكراهية بين المسلمين. رؤية التاريخ ليس من باب التناحر والانتصار والهزيمة واستخدامه بصفته ذخيرةً في صراعاتنا الحالية. ليس مبارزة بين الأمويين والعباسيين، ولكن فهمه بروح مستقلة تحاول أن تستفيد منه، وهو جزء أساسي من تشكيل الهوية. من دون أن نقوم بمثل هذه القراءة والفهم الواقعي للماضي، فإن النزاعات والخلافات الطائفية ستظل دائماً موجودة، وستنتظر فقط شخصاً مهووساً متعصباً أو باحثاً عن الشهرة وملايين المشاهدات ليُشعل عود الثقاب.

تاريخ العرب والمسلمين تاريخ ثريٌّ وعظيم؛ يضم في داخله شخصيات كبيرة قامت بتحولات سياسية وفكرية وعلمية كبيرة، ولكن الأمم التي تنتقد تاريخها ولا تقدسه هي الأمم التي تتعلّم منه، وتأخذ أفضل ما فيه، وتتجنّب الأسوأ، وتراه بأقرب صورة للحقيقة، ولا يتحول إلى محرمات لا تمس، ولا تتركه رهينة بيد الآخرين يفجرونه متى ما أردوا.

 

arabstoday

GMT 10:49 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ترامب والقضية الفلسطينية

GMT 10:43 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

لا يمكن الإستخفاف بأحمد الشرع

GMT 10:41 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أحمد الشرع... صفات استثنائية

GMT 10:38 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

شروط ضرورية لنجاح البكالوريا

GMT 10:35 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ماذا ستفعل إسرائيل؟

GMT 10:32 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

درجات آرسنال ودرجة مرموش؟

GMT 04:06 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

صاحب الزاوية

GMT 04:04 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الدخيل وشفافية الذكاء الاصطناعي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجوم على بني أميّة الهجوم على بني أميّة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:27 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان
 العرب اليوم - سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الرياض تحتضن دمشق

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

زلزالان بقوة 4.7 درجة يضربان بحر إيجه غرب تركيا

GMT 10:15 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

مي عمر تسأل الجمهور وتشوّقهم لـ"إش إش"

GMT 05:35 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

هزة أرضية بقوة 6.2 درجة في إندونيسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab