خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين

خواطر مسافرة .. حتى لا يَرقُص الشياطين!!

خواطر مسافرة .. حتى لا يَرقُص الشياطين!!

 العرب اليوم -

خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين

بقلم : فيصل مكرم *

▪الهدنةُ الراهنةُ في اليمنِ لم تُغيِّر شيئًا من واقع الحرب الكارثيَّة التي أكلت في سبعة أعوام الأخضرَ واليابس في هذا البلد الذي كان يطلق عليه قديمًا الأرض السعيدة أو اليمن السعيد، إذ باتت التعاسة أقلّ ما يوصف به حال اليمنيين وحال بلادهم، كما أنَّ هذه الهدنة – التي يبدو أنها ستتمدد متقطعة لأشهر قادمة طويلة – لم تغير شيئًا مما ألحقته حرب السنوات السبع من دمار بالبنى التحتية وفقدان اليمن أبسط مقومات الدولة بكيانها الجغرافي، ومؤسَّساتها التي كانت موجودة قبل الحرب، فالتنمية توقفت تمامًا وأصاب عجلتها العطب وتكسرت تروسها، وقطاع التعليم في حال تدمير ممنهج مستمر ودون توقف، وقطاع الصحة حدِّث ولا حرج، والأهم من كل ذلك أن هذه الهدنة الشهرية لم تفتح طريقًا ولم تَرد للموظفين رواتبهم المنقطعة منذ 2016، ولم تمنع المشاريع القذرة التي تهدف إلى تقسيم وتفتيت البلاد، ولم يلتقِ على هامشها أطرافُ الحرب والصراع على طاولة للمفاوضات التي ينبغي أن تؤدي إلى إنهاء الحرب وتوقف الهدن.

▪لا تزال الطرقات المؤدية إلى مدينة تعز مغلقة، كما أنَّ أهلها محاصرون وكأنهم من بلاد الواق واق وليسوا مواطنين يمنيين يحاصرهم يمنيون مثلهم ومن بني وطنهم وكثيرة هي الطرق الممنوع على اليمنيين عبورها أو العبور منها، ولم يعد ممكنًا لمواطن يمني أن يتنقل بين محافظات بلاده بحرية ويسر كما كان قبل سنوات الأزمة والحرب، فهناك حكومتان في صنعاء وعدن، ومعهما وبينهما ميليشيات وقوات مدججة بالسلاح ومعبَّأة بالعدوان على بني جِلدها وهي مسلحة بكل أنواع الأسلحة، ونقاط تفتيش ومَنع على امتداد الطرق الرئيسة بين المحافظات. الأوبئة في اليمن غير مرصودة ولا مُحاربة من قبل الجهات المختصة، البطالة وصلت إلى نسب قياسية غير مسبوقة، ومطارات البلد لا تعمل جميعها وأغلبها مغلقة، واليمن ليس فيه سفارات للدول ولا مصارف إقليمية ودولية، والمجاعة في ازدياد مطرد، ومؤسسات الدولة بلا مفاصل ولا هيبة ولا حماية من النهب والتجريف، وواردات البلد في علم الغيب، والجبايات أنشط من أي قطاع مالي في الاستحواذ والمصادرة، وراية الفساد باتت ترفرف في ربوع هذا البلد العربي أكثر من علم الدولة، وكما لا يمكنها أن تظهر في أي بلد آخر.

▪وكأني بالمحاربين يأخذون قيلولة قبل استئناف تنفيذ مخطط تدمير بلدهم، وإلا لما هذه الهدنة ولماذا تتجدد ولا يتحقق منها شيء مما يأمله اليمنيون ويرجون حدوثه، فالحياة باتت صعبة وخانقة في زمن الهدنة كما في زمن الحرب، وحتى المنظمات الأممية والإنسانية تحصل على المليارات تحت مسمى مساعدات إغاثية ولم يلمس منها المحتاجون ما يسد رمقهم، وهكذا أصبح اليمن غير سعيد وغير مستقر، ولا موحد، ويكاد يصبح بلدًا منسيًا بحروبه وبمنازعات أبنائه وأهواء نخبه السياسية التي هي من أوصله إلى هكذا حال يصعب تصنيفه ويصعب فك شفراته المعقدة، وهذه النخب غالبيتها تعيش في بحبوحة من العيش وفسحة من المال والإنفاق سواء في الداخل أو في الخارج فالممولون كثر ومصادر المال الحرام أكثر.

▪من هنا يمكن القول إنَّ ميول النخب اليمنية المستفيدة من الحرب إلى عقد الهدنة تلو الهدنة أهون عليها من توقف الحرب وتحقيق السلام، فمن شأنهما وقف تدفق المال وخفض النفوذ وتضييق الخناق على الفساد والنهب، وبالتالي يعتبرون الهدنة نصف حرب، وما دامت حربًا بكاملها أو بنصفها فلن ينغلق أمامها باب بنك أو مصرف أو باب سفارة أو باب جهاز مخابرات لا فرق المهم أن يكون الخروج من كل هذه الأبواب مُنعشًا ومُرضيًا ولا تغلق عنهم في قادم الأيام والسنين، والخوف كل الخوف على اليمن وشعبه أن تجر عليه الحروب ما فعلت بدول أخرى كانت قوية  وثرية ومُهابة إلى وقت قريب، وباتت اليوم تحت رحمة الطوائف والميليشيات والنخب الفاسدة والحكومات المتعددة الهُوية والانتماء، وشعبها فقير وماؤُها غور، وشياطينها يرقصون لهوًا على أطلالها، ونخشى أن يصبح شياطين اليمن وحدهم من يرقص على أطلالنا ومعاناتنا، ومصيرنا الميؤوس منه ثم نكتشف أن العازفين هم مِن النخب السياسية وشهود الزُّور ورفاق الباطل، ودعاة التفتيت والطائفية، وفِرق الضلال والنهب والفساد.

فيصل مكرم صحافي وكاتب يمني*

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab