بقلم: د. أحمد بن سالم باتميرا
معظم البلدان تحتفل بعيد استقلالها، إلا أن سلطنة عُمان تحتفل اليوم الجمعة بيوم من أيامها الخالدة، يوم نهضتها الحديثة. فالسلطنة لها تاريخ عريق يعود إلى ما قبل الإسلام، إنها دولة ذات سيادة، فهي أقدم من كثير من الدول الكبرى التي تأسست واستقلت، حيث عبر سفراء عُمان المحيطات والبحار يحملون رسائل سلام وتعارف مع الدول الصديقة حتى أميركا إلى الصين وسنغافورة وغيرها.
فالعيد الوطني الذي يوافق الـ18 من نوفمبر من كل عام، فرحة وطن كبير بسلاطينه وحكامه وقادته وعلمائه وتاريخه، فرحة وطن كبير بعراقته وثقافته وعاداته ومبادئه، فرحة وطن كبير بوحدته وتماسكه وأصالته وحبه لسُلطانه وترابه الوطني من مسندم لظفار.
سلطنة عُمان ليست بلدا على الخريطة فقط، بل بلد يدرّس علماؤه وقادته في المناهج الدولية، كقادة نشروا الإسلام والتجارة في إفريقيا وآسيا، ودشنوا السلام والتسامح في كل مكان وصلوه، ونالوا حب الشعوب والعالم في الماضي والحاضر. إنه نهج وطني مبني على أُسُس أخلاقية تقليدية أصيلة وراسخة في جذور عروبة وأصالة هذا الشعب العربي المسلم.
لذا ففرحتنا بالعيد الوطني الثاني والخمسين في مدينة الأصالة وفي محافظة الوحدة والانتصار، يعد فرحة وطن ونهضة شَعب محافظ بتقاليده وقِيَمه، ويؤمن بأن العهد الجديد بقيادة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم، هو استكمال لمسيرة خالدة ونهضة تنموية، وغدا سيكون العيد القادم في محافظة أخرى من تراب هذا الوطن الغالي.
اليوم يدخل العهد الجديد عامه الثالث بكل تفاؤل واطمئنان بأن سلطنة عُمان تسير نحو الاستقرار والازدهار، وأن رؤيتها الجديدة تحتاج فقط لقرارات وتصحيح بعض المسارات لينعم المواطن بالخيرات والاطمئنان على وضعه المادي والاجتماعي، ويتجاوز كل الصعاب والتحديات التي تحمَّلها خلال السنوات العشر الماضية قبل تقاعده، وقبل الأزمة المالية.
فوطن الشموخ والوفاء يتفاءل بأن الخير قادم، وأن عجلة التنمية مستمرة لا تتوقف، فهذا الشَّعب الوفي سيظل معتزا وفخورا بما تم إنجازه، ويتطلع للأفضل والأفضل في السنوات القادمة، والشعوب دائما تتخذ من أعيادها وأيامها الوطنية وقفة تستعرض فيها إنجازاتها وتشحذ هممها وتعيد النظر في بعض جوانب مسيرتها، إذ يأمل المواطن أن يكون التوظيف والترقيات المتأخرة للموظفين، وتحسين أوضاع المتقاعدين هي من أساسيات هذه المرحلة، وأن يكون التعليم منهاج عمل، وتكون الجغرافيا والبحار سلعة مهمة وثروة وطنية لا تقل عن النفط والغاز.
فثرواتنا البحرية والمعادن والهيدروجين الأخضر، وموقعنا الجغرافي وصخورنا ومواردنا الطبيعية، وإرثنا الحضاري العريق وغيرها عوامل اطمئنان وإصلاح وتمكين لتعزيز المستوى المعيشي للمواطن، وجميعها ثروات لا تقدر بثمن لإنعاش الاقتصاد وتغطية الإنفاق وتقليل التضخم.
فجلالته أخذ على عاتقه منذ الحادي عشر من يناير 2020م، السير للأمام؛ لأنه رجل دولة وقائد بكل معاني الكلمة، ولهذا نحن مقتنعون بأن الغد القريب سيكون أفضل، فلا خوف على عُمان اليوم، بل الظروف ملائمة لتحقيق التنويع الاقتصادي، والقضاء على الغلاء وتحسين الدخل وتغطية الأمان الاجتماعي وضمان استفادة كافة المواطنين من نتائج الأمان المالي وتحسين الرواتب المتدنية.
متفائلون بأن جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ قائد مسيرة النهضة المتجددة يسير بنا على المسار الصحيح، لتجاوز أي تحدٍّ في الطريق، ليمنحنا المزيد من الثقة بالمستقبل الذي ننشده، في إطار سعيه الدؤوب لنكون سعداء على مر الزمان.
فلله الحمد والشكر، على ما وهبه لنا من نعم كثيرة وسلاطين حكماء وقادة عظماء وشَعب وفيٍّ، ووحدة وطنية نفتخر بها على الدوام.. لذا نرفع لكم سيدي السُّلطان أسمى آيات التهاني والتبريكات لجلالتكم متضرعين إلى العلي القدير أن يحفظكم بعين رعايته وكريم عطفه وعنايته.. وأن يلبسكم ثوب الصحة والعافية، وأن يمدكم بعمر من عنده، إنه هو السميع المجيب.. فنحن معكم وخلف قيادتكم سائرون وداعمون. فسقف طموحاتنا يتجاوز ما تحقق حتى الآن، وسنبقى نحن صمام الأمان.. والله من وراء القصد.