الطوفان الروحي الذي ليته حصل

الطوفان الروحي الذي ليته حصل

الطوفان الروحي الذي ليته حصل

 العرب اليوم -

الطوفان الروحي الذي ليته حصل

بقلم - فـــؤاد مطـــر

الآن وفيما المسجد الأقصى أمْناً وأمانة عربية - إسلامية حاضر بقوة في ضمير أبناء الأمتين حكاماً ومواطنين، ثمة واقعة ذات دلالات كثيرة تعود إلى تسع سنوات يستحضرها المرء مثل حالنا والتي نفوسنا «حزينة حتى الموت» على قطاع غزة وبلدات لبنانية ومناطق استراتيجية في سوريا المتناثرة تدميراً وتجويعاً لمئات الآلاف من الآباء والأمهات والفتية والفتيات والرضع هبة السماء إلى الأرض.

تتلخص هذه الواقعة بأن إياد بن أمين مدني الأمين العام ﻟ«منظمة التعاون الإسلامي» (السابق) التي تضم في عضويتها 57 دولة إسلامية موزعة على أربع قارات فاجأ (للمرة الثانية) يوم الأربعاء 27 مايو (أيار) 2015 وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة بالدعوة في كلمته المسلمين إلى زيارة المسجد الأقصى قائلاً: «لقد دعوت وما زلت أدعو المسلمين لزيارة المسجد الأقصى لتأكيد حق المسلمين ومن أجْل كسْر سياسة الاحتلال الرامية لعزل المدينة المقدسة من عمقها العربي والإسلامي...».

القول إن إياد مدني فاجأ اجتماع الكويت للمرة الثانية يعود إلى أنه في يناير (كانون الثاني) 2015 وبعدما كان تسلَّم منصب الأمين العام للمنظمة، اغتنم مناسبة إعلان القدس عاصمة للسياحة الإسلامية، فقام بزيارة المدينة وصلَّى في المسجد الأقصى ومن دون أن يكون تم ذلك بتكليف من اجتماع عقدتْه المنظمة وأعطى للزيارة وصفاً بأنها رمزية وشخصية، وإن كان هذا التوصيف لا يلغي مكانته الرسمية، موضحاً الآتي: «إن منظمة التعاون الإسلامي انطلقت لتنافح عن المسجد الأقصى المبارك، وينص ميثاقها على أن مقرها هو القدس الشريف، وأن عملها من جدة إنما هو أمر مؤقت، إلى أن يكتب الله للقدس انعتاقاً من ربقة الاحتلال الإسرائيلي...».

الآن ونحن نتأمل في تداعيات الطوفان الصاروخي (طوفان الأقصى) وما تسبب به هذا الطوفان من تدمير منازل ومدارس ومساجد وكنائس ومستشفيات، والإمعان في إبادة أرواح قتلاً من غارات على مدار 6 أشهر، نجد أنفسنا نتساءل: لماذا لم تأخذ تلك الدعوة من جانب الأمين العام ﻟ «منظمة التعاون الإسلامي» فرصة إنجازها، وبحيث يبدأ مسؤولون من الـ57 دولة أعضاء المنظمة زيارات روحية إلى الحرم الثالث للتبرك بين الحين والآخر، بل ولماذا لا يكون شهر الصوم المبارك شهر تعبُّد في رحاب المسجد الذي مع شديد الأسف تُرك ليعبث بقدسيته متطرفون صهاينة تشرَّبوا فنون الكراهية ضد كل ما هو عربي ومسلم، وهي كراهية متأصلة في النفوس وإلى درجة أن نتنياهو صانع فنون الإبادة والتدمير والمحظي بتبريكات رؤساء دول وحكومات أطلسية قالها صراحة ماضياً بأنه يتمنى الموت لكل عربي، وجاء الطوفان الحمساوي يزيده شغفاً بالإبادة والتدمير والتجويع والتهجير، كما يجعله ينفِّذ بشراسة منقطعة النظير ما سبق أن قاله ذات يوم إنه مستعد لإحراق نصف واشنطن وتداركت الرئاسة الأميركية أمر تهديده هذا طبطبة على كتفيه تبعتها ترجمة هذا الحنو الأميركي ليس فقط حصول إسرائيل على ما تريد من سلاح ومساعدات، وإنما التسليم بما يراه المخطط الصهيوني لجهة تمييع مشروع الدولة الفلسطينية على نحو ما رسم معالمها الموضوعية والمنصفة مشروع الملك فهد بن عبد العزيز في قمة «فاس» 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1981 وزاده بلورة وتحديداً الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة العربية الدورية في بيروت 27 مارس (آذار) 2002. ثم القول بنبرة المتعالي عند طلب الرئيس بايدن منه وبمفردات تتسم بالتمني تنفيذ مطالب يفترض الرئيس الأميركي أنها تخفف من الغضب العربي والإسلامي والدولي بنسبة ملحوظة على الموقف الأميركي - الأطلسي غير الإنساني في عدوان إسرائيل نتنياهو على غزة الهوية والأرض... البشر والحجر، إنه هو (نتنياهو المتعالي) من يقرر موقف إسرائيل وما ترى حكومته اتخاذه. وهذه النبرة هي التي حدت بالبعض في إسرائيل إلى وصف نتنياهو بأنه ناكر الجمائل الأميركية.

كانت فكرة زيارة المسجد الأقصى على نحو ما أورد الهدف منها الأمين العام ﻟ«منظمة التعاون الإسلامي» قبل تسع سنوات جديرة بالتنفيذ المتدرج من القاعدة الشعبية إلى القمة أو الاكتفاء بمسؤولين في وزارات مختصة تفادياً لتفسيرات في حينه. مثل هذه الزيارات كانت ستضع حداً لما فعله إسرائيليون وصلت الحال ببعضهم إلى الرقص في ساحات المسجد وبعضهم إلى المطالبة بما هو أخطر، أي هدم المقام المقدس. ولقد كان طي صفحة هذه الفكرة مدعاة للاستغراب مع أن طارحها يمثل رسمياً المنظمة، وبصرف النظر عما إذا كان إجهاض الدعوة لأنها صادرة بلسان عربي ومن شخص عربي وبالذات سعودي، ومثل هذه الفكرة لا تلقى ترحيب الأعجميْن: تركيا وإيران وكل منهما يعدَّ الأقصى «أقصاه»! الرئيس التركي إردوغان يعمل آملاً لتحقيق حلمه من خلال استقطاب «الإخوان المسلمين» وكذلك في بناء علاقة استراتيجية مع إسرائيل بلغت درجة متقدمة عبَّر عنها الرئيس إردوغان الذي استقبل يوم الخميس 10 مارس (آذار) 2022 في أنقرة رئيس إسرائيل إسحاق هيرتسوغ، واصفاً هذه الزيارة وما أسفرت عنها المحادثات بأنها «خطوة تاريخية ونقطة تحوُّل في العلاقات بين البلدين». حتى إشعار آخر يبدو بعيد المنال أمر استحواذ تركيا الإردوغانية على الأقصى. ثم يأتي الطوفان الصاروخي مصادفة بعد سنة وفي الشهر نفسه الذي بشَّر به إردوغان بالعلاقة الاستراتيجية مع إسرائيل، وكأنما كانت إيران الخامنئية متحسبة لما يجول في البال التركي فكانت الهجمة الحمساوية وباسم الأقصى الذي كان السبيل المشار إليه في مطلع هذه المقالة أي دعوة المسلمين إلى زيارة الحرم الثالث ومن دون انقطاع بمثابة «الطوفان الروحي» لا تسقط بسببه أرواح بريئة ولا تعطى إسرائيل نتنياهو ذريعة لتحقيق كنه المشروع الصهيوني بجعل كل فلسطين من غابر الزمان بما في ذلك قطاع غزة وقد بات أرضاً لا عيش فيها، وتؤكد المقابر أن الصهيونية فعلت هذه الجريمة الخطيئة على أن يستتبع ذلك ترحيل قسري للفلسطينيين الذين لا يرتضون العيش كجالية مسلمة في إسرائيل الكبرى. هذا مع الأخذ في الاعتبار أنه رغم ارتضاء بعض الفلسطينيين العمل السياسي تحت مظلة إسرائيلية أو مؤسسة حكومية، فإنهم مستهدَفون لأنهم عرب. والعربي في نظر حاخامات وسياسيين إسرائيليين يجب أن يموت مع أن الكيان الإسرائيلي إلى تفكك فإلى حرب أهلية بعد التعامل بوحشية مع «الطوفان الصاروخي».

ورغم كل الفواجع هنالك «الطوفان الروحي»... طوفان «منظمة التعاون الإسلامي» الذي من مصلحة أمة المسلمين والعرب اعتماده في انتظار انقشاع الغيوم الداكنة من سماء سياسات في بعض ديار الأمتين. كما أن الروحي يمكن أن يبلسم ما في النفوس من الذي أحدثه الطوفان الصاروخي.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطوفان الروحي الذي ليته حصل الطوفان الروحي الذي ليته حصل



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab