اليوم اللبناني والبارحة التونسية

اليوم اللبناني... والبارحة التونسية

اليوم اللبناني... والبارحة التونسية

 العرب اليوم -

اليوم اللبناني والبارحة التونسية

بقلم : فؤاد مطر

يحزن اللبناني على حاله كثير الحزن هذه الأيام، التي تنفِّذ فيها «إسرائيل نتنياهو» استباحات من كل نوع بسمائه وأرضه، بعد استباحة ثورية ذات نكهة إيرانية لقرار دولته غير مكتملة الأصول الدستورية، وإلى درجة أن هذا الوطن الذي سبق أن انتشلته السعودية (اتفاق الطائف 18 سبتمبر/أيلول 1989) من جحيم اقتتال بني طوائفه، كما انتشال يوسف من الجب، سيذهب مثلاً في الأوطان التي يتشارك معظم أطيافها الحزبية؛ وكل طيف على نحو ما يكلّف به أو يوحى إليه، في زعزعة هذا الوطن الذي تمعن «إسرائيل نتنياهو»، وكما «إسرائيل شارون»، قبل عقديْن من الزمن تدميراً لبعض مناطقه؛ بل في معظم مناطقه.

وموجب استحضار اتفاق الطائف علاجاً للوطن المبتلى بالعدوان بعد الاستباحيْن أكثر من ضروري، حيث إن وثيقة اتفاق الطائف لم يقتصر بعض مضمونها على استبدال التسالم المتدرج بالاقتتال إلى حيث يبلغ مدى الانصهار الوطني، كما حدث عام 1943، وإنما كانت بمثابة خريطة طريق للبنان الذي ينعم بالاستقرار، كما سائر أوطان كثيرة، إنما من دون أن تشرِّع طائفة أو أكثر من طوائفه الكثيرة الأبواب أمام أصحاب مشروعات لا تعطي التوافق أهمية، ولا تراعي التركيبة الراسخة لتعدد المناحي الطوائفية فيه.

ولقد كان من شأن استيعاب كنه التركيبة المجتمعية والطوائفية في لبنان أن يقتصر طيف خيار المواجهة نصرة للشعب الفلسطيني في غزة، على مساندة معنوية إعلامية واستضافات علاجية وتوفير أدوية، وبذلك يؤخذ الموقف اللبناني من جانب المجتمع الدولي في الحسبان، وبالتالي لا يصار هذا التدمير للقرى والبلدات الجنوبية كما للضاحية التي باتت عاصمة «لبنان حزب الله»، وهي تسمية شجعت التوجهات التي خرجت التكهنات في شأنها إلى العلن، بل ذهب البعض إلى تفضيل خيارات تحويل الوطن الواحد إلى لبنانات عدة، كل يلوذ في لبنانه الذي لا يعنيه أمر المواجهات بالسلاح.

هذا الذي جرى للبنان وتنوعت محطات التدمير والإبادة من جانب إسرائيل لبعض مناطق بلداته ولمناطق في عاصمته، كاد يحدث مثيله بتونس في مثل هذه الأيام الأوكتوبرية من عام 1985، لولا أن البورقيبية ومعها حكومتها المزالية (الرئيس محمد مزالي) كانتا على درجة من الحصافة لاستدراك ما من المصلحة الوطنية استدراكه.

ومذاك لم تكن هنالك إيران ذات الأذرع. كان لبنان في أحسن حال كما كانت «حماس» في غزة تحبو. وكانت تونس هي الأُخرى في منأى عن ظاهرة الأذرع التي أصابت لبنان وسوريا والعراق وغزة، واليمن الذي تبعثر. كانت هنالك «فتح» يقودها ياسر عرفات محاطاً بمجموعة من رفاق التأسيس، ولأن السند الناصري كان في عز شأنه، فإن الرئيس عبد الناصر مارس مع لبنان ذي الشأنيْن الرئاسي (شارل حلو) والعسكري (قائد الجيش إميل البستاني) ما ليس في الحسبان، حيث إنه كان بمثابة سابقة توقيع اتفاق بين لبنان والتنظيم الفلسطيني الأقوى (حركة فتح)، وكانت الوثيقة المذيلة بتوقيع قائد الجيش اللبناني وتوقيع ياسر عرفات والمسماة «اتفاق القاهرة»، وتجيز مرابطة قوات فلسطينية في مناطق من جنوب لبنان، بمثابة الشرارة التي تطورت مع الوقت إلى الحرب اللبنانية، فإلى حرب إسرائيل آرييل شارون على لبنان، وكما هي حرب إسرائيل بنيامين نتنياهو المستمرة على لبنان، بدءاً باغتيالات رموز في المقاومة بنوعيْها... مقاومة «حماس» المستضاف بعض قيادييها في «لبنان حزب الله»، كما استضافة ياسر عرفات ومعظم القياديين من حركة «فتح»، وحلفائها بتأشيرة رئاسية ممهورة بتوقيع قائد جيش لبنان، إلى جانب توقيع ياسر عرفات. ومثل هذه الصيغة لم يتم اعتمادها من جانب إيران، وإن كان التوقيع تم ضمناً من خلال تحالف «حزب الله» مع رئيس الجمهورية ميشال عون.

هذه التجاوزات للأصول الدستورية أفرغت لبنان من صلابة موقفه وهزت كيانه، وجعلت التصويب عليه يبدو كما لو أنه فريسة للصائدة المستبيحة أوطان الآخرين وسياداتهم بدعم مبرمج ورضا غير مسبوقة فعالياته من جانب الإدارات الأميركية والحكومات الأطلسية. ومن بعض هذه الفعاليات والاستباحات ما حدث لدولة تونس - في مثل هذه الأيام قبل 39 سنة - التي حطت في ربوعها قوافل «فتح» بقائدها ياسر عرفات ومقاتلين في جنوب لبنان تصرفوا بموجب ذلك الاتفاق الذي أشرنا إليه، الأمر الذي أوجب تسفيرهم إلى تونس الدولة التي ارتضت الاستضافة مع حسبان المفاجآت من جانب إسرائيل.

ولهذه الحالة من تشابه الحاضر في لبنان من جانب إسرائيل، مع الذي حدث قبل ذلك في تونس، أي ما أشبه اليوم اللبناني بالبارحة التونسية، بقية هوامش تعتمد على الذاكرة والمعايشة. شفى الله لبنان من رهانات الخيارات المتعجلة.

arabstoday

GMT 08:22 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 08:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بدأ «الشو» مبكرًا

GMT 08:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر.. راقصة على خفيف

GMT 08:06 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 07:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 07:56 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

«ميتا» تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي.. في حضرة «المتحف المصري»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم اللبناني والبارحة التونسية اليوم اللبناني والبارحة التونسية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 02:56 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيرة في إيلات
 العرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيرة في إيلات

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 العرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 13:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 العرب اليوم - غوغل تطلق خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025

GMT 07:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إسبانيا تستعد للمزيد من الأمطار بعد الفيضانات المدمرة

GMT 19:42 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف قاعدة جوية جنوب حيفا لأول مرة

GMT 10:46 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوياته خلال عام

GMT 01:16 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق نار على طائرة ركاب أميركية في هايتي

GMT 01:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف أميركي بريطاني يستهدف محافظة الحديدة في اليمن

GMT 02:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab