العمى والكحل فلسطينياً وإسرائيلياً وأميركياً

العمى والكحل... فلسطينياً وإسرائيلياً وأميركياً

العمى والكحل... فلسطينياً وإسرائيلياً وأميركياً

 العرب اليوم -

العمى والكحل فلسطينياً وإسرائيلياً وأميركياً

بقلم : فؤاد مطر

في مثل هذه الأيام الصيفية الحارة من عام 1993، كانت المنطقة المثقلة بهموم واهتمامات تتصل بمجريات الصراع العربي - الإسرائيلي، وكيف أن المجتمع الدولي لا يعير هذا الصراع من الاهتمام وبما يتجاوب مع خطوات عربية على مستوى أهل القمة... في مثل هذه الأيام حدثت خطوة لافتة بدت بعد اكتمال سائر الخطوات تترك انطباعاً توحي ملامحه أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يمكن أن ينتهي إلى تسوية أولية. ومتى تحدُث هذه التسوية فإنها تمهد الطريق أمام تذويب ما استعصى تذويبه من جليد هذا الصراع. هنا يبدو جلياً أن الإدارة الأميركية إذا أرادت تحقيق تسوية فلسطينية – إسرائيلية فإنها تبتكر من الصيغ ما يمهد الطريق أمام هذه التسوية. وما فعلتْه أميركا بيل كلينتون (الديمقراطي) ولم يفعله جو بايدن (الديمقراطي) أنه أنجز الخطوة الأولى على طريق الحل الذي باكتمال الخطوات تُطوى مبررات الصراع. وتمثلت الخطوة بعد محادثات دولية ﺒ«مؤتمر دولي للسلام» استضافتْه إسبانيا في عاصمتها مدريد عام 1991، شكَّل الحضور الفلسطيني – الإسرائيلي فيه ولقاءات الكواليس الأميركية - الفلسطينية - الإسرائيلية في أروقة مقر المؤتمر حالة اطمئنان للرئيس الأميركي كلينتون الذي يتابع الخطوات حاثاً بوسائل وعبارات أبلغها مَن يمثله في المؤتمر إلى كل من الجانبيْن الفلسطيني والإسرائيلي. ثم نجد الرئيس كلينتون يتصرف على أساس أن تقطف إدارته وحدها الثمرة الأولى؛ إذ إنه بعدما اكتمل الاقتناع من جانب «فلسطين العرفاتية» و«إسرائيل الرابينية» بفتح صفحة العلاقات بين الطرفيْن يُعمل بموجبها على ردم متدرج للصراع بين شعب محتل بإرادة دولة غير طيبة النيات وعصابات احتلت أرض صاحب الحق في هذا الكيان؛ ارتأى أن يدخل التاريخ من بوابة كان سبق أن دخلها جيمي كارتر، فيرعى في حديقة البيت الأبيض يوم 13 سبتمبر (أيلول) 1993 توقيع عرفات ورابين اتفاق إعلان المبادئ الفلسطيني - الإسرائيلي. أوسلو وبحضور وزيرَي الخارجية الأميركي والروسي.

لم يكن ذلك الاتفاق نهاية الطريق لكنه بالمواد التي تضمَّنها وجرى التوقيع عليها اعتبر أن كلاً من عرفات ورابين قدما للشعبيْن الفلسطيني والإسرائيلي بداية السلام بينهما، على أن يُكمل الذين سيتسلمون المسؤولية في «السلطة الفلسطينية» أحد بنود الاتفاق، والحكومة الإسرائيلية التي سيتعاقب على رئاستها آخرون بعد رابين، إلا في حال ارتأى الشعب الإسرائيلي تكريم هذا الأخير بإبقائه رئيساً للحكومة لكي يسهر على اتفاق ساهم في إنجازه.

رغم الاعتراض العربي النسبي المعلن على تلك الخطوة الشجاعة وبداية تشققات في الأوساط الحزبية والمقاومات الفلسطينية المتحفظة على توقيع عرفات إلى جانب توقيع رابين؛ كان يعني التفريط بمكاسب القضية الفلسطينية وبالذات ما تحقق للقضية من القمم العربية والقمة الإسلامية الأولى في الرباط... رغم ذلك بدت الخطوة بالنسبة إلى الجانبيْن عرفات بمن يمثل ورابين بمن ينشد طمأنينة للشعب الإسرائيلي، أنها بمثابة الكحل الذي هو أفضل من العمى على نحو ما توضحه معاني هذا المثل الشعبي.

يوماً بعد آخر، التقت بعض الأطراف العربية والفلسطينية في حملات من الكلام الكثير القساوة على من بات رئيس السلطة الفلسطينية، مع بعض الأطراف الإسرائيلية التي لا ترى أن الكحل أفضل من العمى؛ أي تفضل البقاء على عمى نظرتها إلى فلسطين الشعب الذي بات لاجئاً وبلاده التي باتت محتلة. وهنا يبدأ التعامل المتوحش من جانب اليمين الإسرائيلي الذي يتمثل بغلاة التطرف الصهيوني بجانبيْه السياسي والديني. يتم اغتيال إسحق رابين من جانب بني قومه جزاء مسعى ينفع بلده وشعبه من دون أن يضرهما بشيء، ثم تتم «إبادة عرفات صحياً».

يبقى لا بد لليمين المتصهين الذي تستوقفنا هذه الأيام حالة التوحش في نفوس بعض رموزه، من ضربة في حق المتبقي من مثلث اتفاق أوسلو (كلينتون) الذي لا بد من تأديبه على مسعاه المسيء في نظرهم. كيف؟ لا بد لهذا اليمين المتوحش من تأديب كلينتون، لكن لا يشعل التأديب العلاقة مع أميركا الحزب الديمقراطي ناراً. واستقرت الخطة الإبادية لهذا الرئيس الأميركي على تشويه سمعته وإحداث حالة انشقاق داخل بيته وفي أوساط المجتمع الأميركي. وكان إسناد المهمة إلى اللعوب مونيكا لوينسكي؛ تبهجه في مكتبه داخل البيت الأبيض من دون أن يأخذ في الاعتبار أن في الأمر مكيدة. ثم يضج المجتمع السياسي الأميركي ﺒ«فضيحة كلينتون - لوينسكي». ويأخذ من تلاه من الرؤساء «الديمقراطيين» باراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن في الاعتبار ما قد يصيبهما، فإذا هما في الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي أخذا بقاعدة العمى ولا الكحل، وهذه مواقفهما تدل على خيارهما المرتجف.

ما يراد قوله هو خطوة مماثلة لخطوة أوسلو وعلى قاعدة الكحل أفضل من العمى، فمأمول في حال فوز مرشحة الحزب كامالا هاريس أن تحذو حذو ما أقدم عليه بيل كلينتون وتجري توقيعاً على اتفاق مماثل لاتفاق أوسلو، حاملاً اسم من يمثل فلسطين ومن يخلف نتنياهو في ترؤس الحكومة. وهكذا درهم وقاية للقضية في انتظار العلاج الشافي... الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس إلى جانب دولة إسرائيل التي لا تعتدي ولا تبيد.

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمى والكحل فلسطينياً وإسرائيلياً وأميركياً العمى والكحل فلسطينياً وإسرائيلياً وأميركياً



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab