بقلم : فؤاد مطر
افترض أعضاء مجلس النواب اللبناني أنهم بتيسير أمر أن يترأس الجمهورية العماد جوزيف عون وإن كان هنالك بعض منهم رفع صوت الاعتراض على أن يتحقق الوفاق العربي - الدولي على هذا الاختيار، أن الجنرال سيكون عند ردّ هذا الجميل لهم بترك أمر تشكيل الحكومة لهم يتقاسم وزاراتها كل حزب أو قوات أو حركات المقاعد الوزارية، بما يحقق لهذا ضمانة تجديد انتخابه وذاك بما يحقق الجني الوفير من الوزارة وبأساليب مختلفة.
كان الرئيس العماد جوزيف عون الذي أقسم اليمين بنية أن يكون الثاني إصلاحاً وتطويراً وأمانة بعد الجنرال الأول فؤاد شهاب، عند تمنٍ أراده منه النواب الذين انتخبوه، وكذلك الدكتور نواف سلام المكلف الذي فاز بتشكيل الحكومة التي جاءت عند حُسْن الظن بها، حيث لم يسارع كما لما يتسرع للتشكيل واضعاً في كفة من الميزان الوضع الذي عليه الوطن، وفي الكفة الثانية يتناغم مع رؤية رئيس الجمهورية.
منذ استقرار الرئاستيْن، رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء، ركز الرئيس جوزيف عون أمام زواره الرسميين والشعبيين والنقابيين، وبالذات نقابة محرري الصحف اللبنانية، على مسألة الانتماء للوطن والالتزام بما تضمَّنه اليمين الذي أداه رئيساً للبلاد قائلاً في هذا الصدد «إن خطاب القسم هو توصيف لواقع أليم وخريطة طريق لمواجهة، وليس كلاماً في العواطف والسياسة»، وعلى أنَّ الجيش لا غيره هو حامي الوطن، و«أنَّ لبنان هو الذي سينهض بالإصلاحات ويحمي القطاعات وكافة مرافق الدولة». وفي السياق نفسه كانت لرئيس الوزراء المتناغمة توجهاته مع رئيس الجمهورية تعهدات في السياق نفسه مع تركيز على الإصلاحات.
الذي شدَّ من عزيمة جوزيف عون منذ أن بات رسمياً الرئيس الحادي عشر للجمهورية، أنَّه منذ التسلّم التزم اتفاقَ الطائف، وجعل بالتالي المترددين في الالتزام يلتزمون، وهذا أبرزهم على سبيل الأمين العام ﻟ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي جدد الالتزام بالاتفاق في خطاب تشييع الأمين العام للحزب حسن نصر الله، والرجل الثاني في القيادة هاشم صفي الدين. وقبل تجديده هذا كان التزامه بالاتفاق عنصراً في تيسير أمر تشكيل الحكومة التي جاء شاغلو وزاراتها بمواصفات ارتاح لها الرأي العام اللبناني عموماً وعلَّق عليها الآمال، وهذا يسَّر أمر الحكم عموماً. كما أن الاهتمام والدعم من الدول العربية خففا بعض الشيء من مطالب الإدارة الأميركية الضاغطة على لبنان.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن موفدون من دول أوروبية مساندتهم الحكم الجديد في لبنان، مع تقديم وعود بدعم أكبر إذا أجرى الحُكم إصلاحات مالية وكبح حالات الفساد التي استشرت طوال عهود سابقة.
استناداً إلى ما أوردناه فإنَّ الجمع العربي وكذلك الدولي في انتظار حلول يوم المائة الأولى من عهد عون، وقد ثبُت الوعد بأن السلاح فقط في أيدي جيش البلاد، وأن الانتماء والولاء من جانب الجميع «للدولة وليس لأي جهة»، وأن إزالة الاحتلال وصد العدوان من جانب إسرائيل واجب يؤديه كل اللبنانيين بمن فيهم الذين شاركوا في تشييع السيديْن حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ثم قضوا عائدين إلى ديارهم حيث المنازل في معظمها دمرها العدوان الإسرائيلي، وجرف تربة بساتينها الخضراء، ويواصل التحرش بوطن بعهد يجهد في عهده الرئاسي الجديد لتكون الأمور كل الأمور في مسار الولاء للوطن المنزه عن الولاءات الخارجية على أنواعها وكثرة المتعاطين فيها.
تقاس الأحكام على العهود الرئاسية بالمائة يوم الأولى لمن يتولى منصب القمة.
باق بضعة أسابيع على حلول يوم المائة الأولى لتولي جوزيف عون رئاسة الجمهورية اللبنانية (29. 1. 2025) وسيكون قبل أن يحل اليوم المقاس هذا التقى بإخوانه القادة العرب والمسلمين في قمة دعي إليها. والمأمول منه ترجمة ما قاله مراراً منذ انتخابه وبالذات في ما يتعلق بالسلاح والدولة الواحدة، واجتثاث الفساد على نحو ما فعله قادة عرب من بينهم الرئيس الجزائري.
كما المأمول مع نهاية المائة يوم الأولى أن يكون تغريد لبنان في سربه العربي كامل تغريد محفزاً بذلك «حزب الله» ومن يؤازره، على أن تكون هناك إعادة نظر في ضوء تجربة بالغة القساوة، وهي إعادة تستوجب مراجعة نوعية لما سبق، وكذلك مراجعة رؤية أطياف لبنانية تكثر من التنظير والترويج للفيدرالية حلاً إلى سواء السبيل، بديلاً لما هي عليه صيغة لبنان.
حمى الله لبنان وهدى جميع أحزابه وحركاته السياسية إلى سواء السبيل.