رمضان جامع الشمل

رمضان جامع الشمل

رمضان جامع الشمل

 العرب اليوم -

رمضان جامع الشمل

بقلم : فؤاد مطر

 

حقَّق مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان، مع إطلالة النصف الثاني من الشهر الفضيل رمضان، ما يرنو إليه اللبنانيون بكل أطيافهم وطوائفهم، ولا يتحقَّق بالشكل الذي تحقَّق في الإفطار الذي أُقيم في دار الفتوى وكانت الظروف حالت سابقاً دون إقامته. ولكم كان مشهد اللقاء الرمضاني خطوةً استعصى الإقدام عليها على مدى سنوات. ثم ها هم رموز الوطن الرسميون والحزبيون والعلماء والعسكريون والنقابيون يلتقون في رحاب دار الفتوى، التي حرص سيدها على توجيه الدعوة إلى الجميع. ولقد تصرَّف بعض هؤلاء بحكمة، والرد على الدعوة بحضورها من دون أي تحفظات، وكما الرد على التحية بأحسن منها.

في هذا الإفطار الوطني بامتياز كان رؤساء كل من الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وكذلك رئيس المجلس الأعلى للطائفة الشيعية، وبطاركة الطائفة المارونية، ومرجعيات طائفة الموحدين الدروز، والطائفة العلوية، والروم الأرثوذكس، والسريان الأرثوذوكس، والسريان الكاثوليك، والأرمن الأرثوذوكس، أي ما يشكل جميع هؤلاء لبنان المسيحي، جنباً إلى جنب مع مَن يمثل الجانب السني مستضيف هذا الجمع الفريد من نوعه، أقله منذ بضع سنوات.

وإضافة إلى حضور رؤساء الجمهورية السابقين: أمين الجميل، وميشال سليمان، وميشال عون. ورؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وتمام سلام، وحسان دياب؛ هنالك السفراء العرب والمسلمون وجلُّهم تربطهم خير المشاورات بصاحب الإفطار، كان هنالك ما يمثله لبنان العسكري - الأمني بشاغلي إداراته كافة، وكذلك أهل القضاء المأمول من قضاته الجدد أن يعتمدوا القول «جاء الحق وزهق الباطل». وأما الأكثر لفتاً للانتباه فكان حضور رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي سمع كما بقية الحضور قول رئيس الجمهورية جوزيف عون: «إن وطننا الذي نعتز به جميعاً هو وطن الرسالة والتنوع والتعددية، وطن يتسع للجميع بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم، ومن هنا تأتي أهمية المشاركة السياسية لجميع المجتمع اللبناني من دون تهميش أو عزل أو إقصاء لأي مكون من مكوناته...». وقول المفتي دريان قبله بوصفه مستضيف هذا الجمع الوطني الرحب: «إن الإرادة الوطنية الجامعة وتكاتف اللبنانيين تتخطى الصعاب. عودة لبنان إلى ما كان عليه وتفوُّق، ليست عملية سهلة، ولكن في الوقت ذاته ليست عملية مستحيلة. فالإرادة اللبنانية الجامعة تتخطى الصعاب...».

هذا الجمع الشامل الذي أسبغت على عقده الأجواء الرمضانية يتمنى اللبناني المنتظر بصبر لحظات من انفراج في الأحوال المتعثرة، أن يتكرر في مناسبات روحية تشمل كل الطوائف اللبنانية، وبالروح التي كان عليها الإفطار في دار الفتوى، الذي جمع الشمل دون تحفظات من هنا ومقاطعة مناسبات وطنية من جهة أخرى. بل إن هذا الجمع في دار الفتوى يتمنى المرء حدوثه في ذكرى الاستقلال بعد أشهر، وقد حُسم أمر السلاح بارتضاء مقتنيه المزودين به، وبحيث يكون قصر الرئاسة الأولى جامعاً للشمل من دون تحفظات هنا ومعاتبات هناك.

ويبقى أننا عندما نتفاءل خيراً بلقاء كل اللبنانيين بمَن يمثلهم رسمياً وحزبياً وعسكرياً ونقابياً وروحياً في رحاب دار الفتوى، فإننا نستحضر من الذاكرة كيف أن المحاولة الأولى لجمع أطياف رموز الحكم والمتعاركين، بشتى ميولهم وعقائدهم تمثلت بلقاء الطائف الذي ما زال سعي الملك فهد رحمة الله عليه موضع امتنان الرأي العام اللبناني خلاف بعض السياسيين والحزبيين اللاعبين والمتلاعبين. فقد جمع الحدب السعودي الجميع وحقَّق هذا الحدب ما اصطلح على تسميته «اتفاق الطائف» الذي جاء مضمونه في صيغة وثيقة حسمت أمر لبنان الدولة المستقلة العربية الانتماء، الديمقراطية، والفصل بين السلطات، والإنماء المتوازن، والعدالة الاجتماعية، والإعلان عن حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية خلال ستة أشهر.

يطول التعمق في مضامين وثيقة الطائف التي كانت حلاً لحقبة مضت، ويستدعي الوضع الراهن في لبنان التأمل من جانب أطياف كثيرة في حرص الذين صاغوا بنودها على أن تكون الحل في ساعة الشدة اللبنانية. وهذا أمكن حضوره في كلمتَي المحتفي بضيوفه في إفطار رمضاني الشيخ عبد اللطيف دريان، وكبير لبنان والضيوف المدعوين الرئيس جوزيف عون.

وهكذا فإن جمع الشمل اللبناني ممكن، ولقد حدث في الشهر الفضيل والكريم.

arabstoday

GMT 07:39 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

قيام الدولة: بالإرغام أو بالغلبة؟

GMT 07:33 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

أنفسنا أصابها الجفاف!

GMT 07:28 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

مدن البقايا

GMT 07:24 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

أتُراكَ تعرف نفسكَ؟

GMT 07:21 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

عبير الكتب: مناظرة الجابري

GMT 07:19 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

الطائفيّة التي نتجاهلها!

GMT 07:15 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

روته ــ ترمب... «الناتو» ومآلات الخط الرفيع

GMT 07:13 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

نتنياهو يحارب العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان جامع الشمل رمضان جامع الشمل



إطلالات هدى المفتي تجمع بين الأناقة العصرية والبساطة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:32 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

أنوشكا تصف الفن بالظالم وترفض الكشف عن عمرها
 العرب اليوم - أنوشكا تصف الفن بالظالم وترفض الكشف عن عمرها

GMT 02:33 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

مقتل مسؤول أمني في حكومة غزة بغارة إسرائيلية

GMT 02:14 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

طواقم الدفاع المدني في غزة تواجه صعوبات كبيرة

GMT 07:08 2025 الإثنين ,17 آذار/ مارس

سوريا: صراعات الذّاكرة وهويّة الألم

GMT 02:23 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

فولكس تسرح 1600 موظف في وحدة البرمجيات

GMT 02:17 2025 الثلاثاء ,18 آذار/ مارس

حماس تحمل إسرائيل مسؤولية العدوان على غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab