«ماسبيرو» هرمُ مصر الرابع

«ماسبيرو».. هرمُ مصر الرابع

«ماسبيرو».. هرمُ مصر الرابع

 العرب اليوم -

«ماسبيرو» هرمُ مصر الرابع

بقلم: فاطمة ناعوت

فى مصر العظمى أكثرُ من مائة هرم شُيدت فى مختلف العصور. فعطفًا إلى الأهرامات الثلاثة الشهيرة: «خوفو»، «خفرع»، «منكاورع»، لدينا: «زوسر»، «سخم خت»، «سنفرو»، «أوسر كاف»، «ساحورع»، «نفر إر كارع»، «منكاو حور»، «سنوسرت: الأول والثانى والثالث»، «أمنمحات الأول والثانى والثالث».. وغيرها العديد المنسوبة لأسماء الملوك الذين شُيّدت الأهرامات لحفظ جثامينهم وكنوزهم، انتظارًا للحظة البعث، وفق المعتقد المصرى القديم. على أن المستقرَّ فى العقل الجمعى أن بمصر أهراماتٍ ثلاثة وحسب، تلك المسجلة على مواقع اليونيسكو للتراث العالمى، أكبرها من عجائب الدنيا السبع. ولهذا جرى الاصطلاحُ حين نودُّ أن نُجلَّ أثرًا أو مُنشأة، أو حتى شخصية مصرية عظيمة، أن ننعتها بقولنا: «هرم مصر الرابع».

واليوم أكتبُ عن أحد أهرامات مصر الحديثة فى عيد ميلاده الرابع والستين، تقديرًا لمكانته الرفيعة، ورجاءً أن يعود لمجده الذى ولد عليه يوم ميلاد بّثه الأول فى 21 يوليو 1960، أتكلم عن «مبنى الإذاعة والتليفزيون المصرى» الشهير بـ «ماسبيرو»، وقد اتخذ لنفسه هذا الاسم تخليدًا لعالم المصريات الفرنسى «جاستون ماسبيروو» الذى أحبَّ مصرَ ودرس تاريخَها وحافظَ على آثارها وقام بجهد محترم لمكافحة سرقة الآثار المصرية القديمة، وساعد العالم الأثرى المصرى «أحمد كمال» باشا فى استعادة مئات المومياوات المنهوبة ونقلها إلى المتحف المصرى.

أقفُ أمام صرح «ماسبيرو» العظيم، فأشعر بالفخر كونه أقدم تليفزيون حكومى فى إفريقيا والشرق الأوسط بعد تليفزيون العراق. أجلسُ على ضفّة النيل، فى مواجهة «ماسبيرو» وأُنصتُ إلى كلِّ إشارة بثّتها أعمدةُ موجاته منذ افتتاحه فى العيد الثامن لثورة يوليو 52.

فى قلب كل مصرى، خصوصًا أبناء الشارع الثقافى، عشقٌ خاص لهذا الصرح العظيم.. فهو بمثابة «المعلم الأول» لكل مثقف من جيلى. فأمام شاشته الفضية كنّا نجلس صغارًا لكى نراقبَ أسرارَ طفولتنا مع «سلوى حجازى»، و«نجوى إبراهيم»، ونتعلّم الفيزياء والبيولوجيا من الدكتور «مصطفى محمود» فى «العلم والإيمان»، ونعرفُ أسرار الحيوان من «محمود سلطان» فى «عالم الحيوان»، ونشاكسُ ممالك البحار مع الدكتور «حامد جوهر» فى «عالم البحار»، ونتعلّم تفسير القرآن من الإمام «الشعراوى» مع «أحمد فراج» فى «نور على نور»، ونُطلُّ على العالم من «نافذة على العالم» مع «منال الأتربى»، ونتابع الأفلام الغربية، مع تشريح نقدى رفيع مع الدكتورة «درية شرف الدين» فى «نادى السينما»، ونتعرف على أحدث الأغنيات الغربية مع «حمدية حمدى» فى «العالم يغنى»، ونصافح مشاهيرنا مع «سمير صبرى» فى «هذا المساء»، ونبتهج فى سهرات رمضان مع فوازير «نيللى» و«سمير غانم» و«شريهان»، ونتعرّف على ثقافات العالم الغربى مع «ميرفت فرّاج» فى «بانوراما فرنسية»، ونرتوى بقطوف الفن مع «فريال صالح» فى «اخترنا لك»، ونتجوّل فى دروب المحروسة مع «سهير شلبى» و«نهال كمال» و«أحلام شلبى» و«شافكى المنيّرى» و«نهلة عبدالعزيز» فى «تاكسى السهرة»، ونصافح رجل الشارع البسيط مع «طارق علام» فى «كلام من دهب»، ونلامس أحوال مصر مع «مفيد فوزى» فى «حديث المدينة»، ونختصمُ الخارجين عن القانون مع «راوية راشد» فى «خلف الأسوار»، ونضحك مع مقالب «إبراهيم نصر» فى «الكاميرا الخفية»، وننقّب كنوز ترابنا مع «سرّ الأرض»، ونصافح وجه مصر الجميل مع «صباح الخير يا مصر»، ونتابع أخبار الدنيا مع عظماء الإعلام: «همت مصطفى»، «أحمد سمير»، «محمود سلطان»، ونصافح تراثنا الشعبى مع «سامية الإتربى» فى «حكاوى القهاوى»، ونعاين وجه مصر الثقافى الأنيق مع «ليلى رستم» وحواراتها القديمة الخالدة مع عمالقة الفكر والأدب والثقافة، وغيرها من دُرر الأعلام وفرائد البرامج.

تجول فى أعماقنا تلك النوستالجيا، فنحزن على ما آل إليه هذا الصرح التثقيفى الإعلامى العظيم، ونتمنى أن يعود إلى مجده الذى ينبغى له. لو كنتُ رجلَ أعمال ثريًّا، لمددتُ يدى الصغيرة لتسند حجرًا فى هذا الهرم الذى يليق به الخلودُ خلودَ الأهرامات. كل عام وماسبيرو خالد.

***

ومن نُثارِ خواطرى

***

(بصر)

عندما يأتى المساء

يخرجُ الغيمُ

كعادتِه كلَّ غسقٍ

يسترقُ السمعَ لصوتِ الله

فيما يسقى الحقولَ

بِـ رِى الحروف

والمعانى

وهناك

خلفَ زرقةِ السماء البعيدة

عند انشطارِ الحقيقةِ

فوق حافةِ الجبل

يمسحُ العارفون صفحةَ عينى

فتتلوّنُ تحديقتى المغروسةَ

فى زرقةِ الشاشةِ

بشىءٍ من البصر.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ماسبيرو» هرمُ مصر الرابع «ماسبيرو» هرمُ مصر الرابع



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab