تمّ البدر بدرى من «دفتر المحبة» ٧

تمّ البدر بدرى... من «دفتر المحبة» (٧)

تمّ البدر بدرى... من «دفتر المحبة» (٧)

 العرب اليوم -

تمّ البدر بدرى من «دفتر المحبة» ٧

بقلم: فاطمة ناعوت

ها هو رمضانُ يُجمّعُ طيّباتِه ويوشكُ أن يحملَ مِخلاتَه ليمضى، مُلوِّحًا لنا بالسلام حتى يهلَّ هلالُه العام القادم. وخلال الشهر الكريم نشرتُ أوراقًا من «دفتر المحبة»، وهى الحكايا التى يرسلها لى الشرفاءُ من دفاتر ذكرياتهم حول المحبة التى تربطُ بين أبناء شعب مصر الطيب، ما يُفسّرُ للتاريخ لماذا لم تنجح قوى الشرّ فى غرس بذور الفتن فى أرضنا الطيبة، وظلّ شعبُنا واحدًا عصيًّا على التقسيم والشتات. ونفدت أيامُ الشهر ولا تنفدُ أوارقُ «كتاب المحبة» غزيرِ الورق. وأختتمُ مقالاتِ رمضان بورقة «التمرة» التى نكسرُ بها صيامَنا.

ما سرُّ التمرة؟. التمرةُ هى ابنةُ النخلة. والنخلةُ إن بُذِرَت بذرتُها اليومَ، تُحصَدُ ثمارُها البلحاتُ بعد سنواتٍ طوال. لهذا قد يزرعها زارعٌ، ويموتُ عنها قبل أن يرى ثمرَها. هو يدركُ ذلك، ومع هذا يتعبُ فى زرعها ليَتذوّقَ ثمرَها سواه. وفى المأثور القديم قرأنا عن فلاح جاوز الثمانين، رآه المارةُ يغرسُ فى الطمى فسيلةَ نخلة، فتعجّبوا وسألوه: «هل ترجو أن تشهدَ ثمرةَ بذرتك أيها الشيخ؟!»، فابتسم قائلًا: «زرعوا فأكلنا، ونزرعُ ليأكلَ غيرُنا». لهذا فالتمرةُ هى «الرِهانُ على الآخر». هى إنكارُ الذات ومحبة الآخر، وقتل الأثَرَة انتصارًا للإيثار. نتعبُ ولا نجنى من تعبنا إلا بهجةَ الآخرين. بهذا المعنى نفهمُ الحديثَ الشريف: «اتقوا النارَ ولو بشِقِّ تمرة، فمَن لم يجد، فبكلمةٍ طيبة»، فالتمرةُ إذن ليست فقط المعادلَ الموضوعى للكلمة الطيبة، بل هى فى ذاتِها «كلمةٌ طيبة» يقولها المرءُ للناس بقلبه وفعله دون قول. لهذا يقدّمُ عربُ الخليج التمورَ فى محافلهم؛ إشارةً للحفاوة العملية بالضيف، دون ثرثرةٍ ولا فائض قول. وبهذا المعنى نفسه نشهد عبقرية المصريين الخالدة فى أن يقف شبابٌ على نواصى الطرقات فى شهر رمضان وقت غروب الشمس ليمنحوا السابلة، ممن فاجأهم أذانُ المغرب خارج بيوتهم، بضع تمراتٍ وكأسَ ماء ليكسروا صيامَهم، فكأنما يقولون لهم، دون كلام: «نحبّكم».

ومع الساعات الأخيرة من شهر رمضان المعظم، أعتزُّ بخصوصية مصرَ وعبقريتها، التى تكمن فى أن الكثير من أولئك الشباب الواقفين بأكياس التمر وكؤوس الماء ليُفطِروا ظِماء المسلمين هم من شباب مصر المسيحىّ. تلك واحدةٌ من إشراقات مصرَ الجميلة، التى لن تجدها إلا فى أرض طِيبة الخالدة، التى أخفق الغزاةُ فى فصم وحدة شعبها على مدار الزمان والغزوات الفكرية. تلك نعمةُ النِعم التى يجب أن نحافظ عليها ونحميها من حقد الحاقدين وكيد الكائدين. لأن صخرةَ أماننا هى وحدتُنا.

فقط فى مصرَ يحملُ الشبابُ أكياسًا بلاستيكية صغيرة مكتوبًا عليها: «صومًا مقبولًا وإفطارًا شهيًّا.. مع تحيات كنيسة كذا». فى تلك الكلمات القليلة تختبئ قصائدُ الوجود. تلك هى أعلى مراتب الإنسانية والسمو فوق الفروقات، وصولًا إلى مرتبة «الإنسان»، وهو الهدف الأولُ للأديان. أن نسموَ ونعلوَ حتى نحصل على لقب: «إنسان»، وليس مجرد كائن حىّ يعيش ويتناسل ويموت. أدعو الله فى ختام هذا الشهر الكريم ألا تختفى هذه الظاهرة المصرية الطيبة أبدًا من أرضنا الطيبة، وأن تظل شجرة المحبة الوارفة تظلل وطننا العظيم.

سوف يظل المسيحيون فى مصر يعلقون فوانيسَ رمضان فى الشوارع احتفالًا بالشهر المعظم، ويخبزون كعك عيد الفطر المبارك من أجلنا، ويقدم شبابُهم التمرَ والماء لصائمينا على نواصى الطرقات؛ لأن: «كأس ماء بارد لا يضيعُ أجرُه». وسوف نظل نجدل معهم عيدانَ السعف فى «آحاد السعف» ونزين معهم شجرات الكريسماس فى نهايات الأعوام وغُررها، ونطهو القلقاس الأخضر فى غطاسهم ونفرح معهم فى أعيادهم. لأن فلسفة الأعياد هى جمع الناس على التوادّ والرحمة.

وهذا «عيد الفطر» المبارك، يتلوه «عيد القيامة» المجيد. كل عام ومصرُ هى مصرُ الطيبة التى لا تعرف إلا الحبَّ والسلام والمودة والقلوب الحلوة النظيفة، كل عام ومصرُ الحضارة لم تدخل معجمَها، ولن تدخلَه بإذن الله مفرداتُ الطائفية والإقصاء. وإنّا فى رباطٍ إلى يوم الدين. آمين.

من نُثار خواطرى:

إن فتحتِ الطفلةُ

خزانةَ ملابسِها

فوجدتْ أرجوحةً

تطيرُ نحو السماءِ

حتى تمَسَّ القمرَ

ثم تعودَ،

ومن حقيبة المدرسة

تُطِلُّ

أشجارُ وردٍ

ونخيلُ تمرٍ

وعقودُ ياسمينَ

حينَئذٍ

تعرفُ الطفلةُ

أن الله

يُنصِتُ إلى أحلامِها

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمّ البدر بدرى من «دفتر المحبة» ٧ تمّ البدر بدرى من «دفتر المحبة» ٧



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس

GMT 12:28 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان يكشف أسباب تقديمه الأعمال الشعبية

GMT 05:43 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

سوريا: أفراحٌ... وهواجس

GMT 23:43 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

عائشة بن أحمد وكريم فهمي يجتمعان في فيلم دماغ ألماظ

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

قطر تعلن عزمها إعادة فتح سفارتها في سوريا قريباً

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

العربية للطيران تستأنف رحلاتها بين الشارقة وبيروت 18 ديسمبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab