هكذا وجدنا آباءنا فتركناه مفتوحًا

هكذا وجدنا آباءنا.. فتركناه مفتوحًا!

هكذا وجدنا آباءنا.. فتركناه مفتوحًا!

 العرب اليوم -

هكذا وجدنا آباءنا فتركناه مفتوحًا

بقلم: فاطمة ناعوت

سألتُ زوجى: «لماذا تتركون زرارَ البدلة السفلى مفتوحًا.. عمدًا ودائمًا؟!»، فقال: «هكذا وجدنا آباءنا يفعلون.. ففعلنا!». فتحتُ ألبومَ صور العائلة، لأتأمل أبى الوسيمَ الأنيق فى البدلة، فوجدتُ الزرَّ الأدنى.. مفتوحًا!، سألتُه: «ليه يا بابا؟!» فأجاب بابتسامته الآسرة: «أصول الشياكة يا حبيبتى!!».. ألقيتُ السلامَ وأغلقتُ الألبومَ ونظرتُ حولى؛ جميعُ وجهاء العالم يتركون الزرَّ السفلىَّ فى البدلة مفتوحًا.. دون منطق مفهوم.. ولا سبب وجيه!.

ولأننى لا أفعل أى شىء لمجرد «التقليد»، مادام يُعوزُه سببٌ منطقىٌّ يقنعنى.. ولأننى القائمةُ على أناقة ابنى الجميل «عمر»، ولأنه يعشق مثلى «دار الأوبرا»، التى بالنسبة لنا «المنطقة الآمنة» التى نتنفس فيها بعمق لنطرد ضغوطَ الأيام من داخلنا، ولأن «عمر» مثلى، ذو عقل عنيد لا يعبأ بالتقليد قدر ما يهتم بالمنطق؛ فهو طبعًا يغلقُ جميعَ أزرار البدلة «عادى جدًّا»، وأرحبُ أنا بذلك «عادى جدًّا» ضاربةً صفحًا عما فعل الآباء!. للبدلة زِرّان، وعُروتان، إذن لنغلق الزرّين فى العُروتين! ويحدث أن نلتقط صورةً لنا فى «دار الأوبرا» وننشرها على صفحتى أو صفحة «عمر» فى الاستراحة. وتتوالى المهاتفاتُ على هاتفى وهاتف «عمر» من والده وشقيقه والأصدقاء: «خلى عمر يفتح زرار البدلة السفلى!)»، تُقالُ حادّةً مقتضبةً آمرةً ناهيةً بها مَسٌّ من غضب.. وكأننا ارتكبنا أمرًا مشينًا جللاً!!، لا أعبأ بهم، وأنظر حولى لأختلس نظرةً على الرجال من روّاد دار الأوبرا فى بدلاتهم الرسمية الأنيقة، فأجد جميعَ الأزرار السفلية مفتوحة!، يخفتُ يقينى بصحة وجهة نظرى!، ومع أننى أعرفُ النتيجة مسبقًا، إلا أننى أغامرُ وأهمس فى أذن «عمر»: «معلش يا (عمر)... افتح زرار البدلة السفلى يا حبيبى!»، وبالطبع، وكما أتوقّع، يجيبنى «عمر» بكل أدب ورقة وحسم وحزم: «لا! شكرًا!».

نسيتُ أن أخبركم أن كلمة (شكرًا) فى قاموس «عمر»، تعنى (لا!) ولكنها ليست (الـ لا المدلّعة) القابلة للتفاوض!، بل هى (لا القاطعة) التى تُنهى الجدل. لهذا يختصرها «عمر» فى (شكرًا)، التى تغلق الحديث برُمّته، مصحوبةً بحركة من يده تشبه حركة السيف إذْ يقطع. أى: (هذا فصلُ القول)!.

ربما «عمر» هو الأوحد على ظهر الكوكب الذى يغلق زرار البدلة، مُتحمّلاً الهمزَ واللمزَ، ولسانُ الحال يقول: (يا حرام الولد مش فاهم الموضة والأصول! وإزاى أمّه سايباه يرتكب الغلطة الشنيعة دى؟!). «عمر» لا يعبأ بالناس وكلامهم، ولا أنا أعبأ! لكننى قررتُ أن «أُقنن وأشرعن» جريمتنا. فكرتُ: لا بد أن للأمر مردًّا تاريخيًّا، لا بد له أصل. بحثتُ فوجدتُ السبب «العجيب» الذى من أجله يفتح جميع رجال العالم زرًّا، يحقُّ له أن يُغلق!.

طلع ايه بقا يا سيدى السبب؟ اسمع واندهش مثلى!!.

«قاعدة معيارية يجب اتباعها فى ربط أزرار سترة البذلة الرسمية هى: أحيانًا، دائمًا، أبدًا. البذلة ذات الثلاثة أزرار: (أحيانًا) يمكنك ربط الزر العلوى، والزر الأوسط (يجب ربطه دائمًا)، أما الزر السفلى (فلا يجب ربطه أبدًا). وبالنسبة للسترة ذات الزرين، يجب عليك دائمًا أن تربط الزر العلوى وأن تتجنب ربط السفلى».

عجيبٌ أمرهم!!، ولماذا يخيطون زرًّا ممنوعًا ربطه؟! وبحثتُ عن السبب، فزاد اندهاشى وعجبى. طلع السبب هو الملك «إدوارد السابع»، الذى حكم بريطانيا تسع سنوات فقط من عام ١٩٠١- ١٩١٠. يقول السير «هاردى آميز»، مصمم أزياء الملكة «إليزابيث الثانية»، مثلما تقول مجلات الموضة إن الملك «إدوارد» صار بدينًا للغاية لدرجة أن جميع بدلاته لم تعد تتسع له، فتوقف عن ربط زرها السفلى. ومن باب الاحترام والتوقير لسموّه، توقف رجالُ البلاط البريطانى، وبعدئذ كل من فى إنجلترا ومستعمرات بريطانيا، وبعدئذ كل رجال العالم، عن ربط الزر السفلى من بدلاتهم تباعًا!. وتقول نظرية أخرى إن النبلاء حين يركبون خيولهم ببدلاتهم، يفتحون الزرَّ السفلى حتى يتمكنوا من القيادة.

حسنًا جدًّا، ابنى «عمر» والحمد لله رشيقٌ للغاية، فلا حاجة لنا بتقليد الملك «إدوارد» رحمه الله. وفى أوقات الفروسية، بالطبع لا يرتدى ابنى بدلة بأزرار، بل ملابس الخيل. وإذن، أعلنُ لكم أيها السادة أننا لن نجاريكم، مع كامل احترامنا لتقاليدكم الموروثة، وسوف نغلق أزرارَ البدلة جميعًا. فمادام هناك زرار ومادامت له عروة، فليدخل الزرُّ عروتَه!!.

■ ■ ■

ومن نُثار خواطرى:

■ ■ ■

(معطف)

هذى حبالُ الغسيلْ فى شرفتى

ممزقةُ الخيوط

مُهدّلةٌ

ربما

لأن معاطفى وفساتينى

مُثقلةٌ بهموم نساءٍ

تدرّبنَ منذ بَدء حياتهن

على ابتلاعِ الحَزَن

ومصاحبةِ «كافكا

arabstoday

GMT 12:34 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 12:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 12:27 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 12:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 12:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 12:19 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 12:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 12:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا وجدنا آباءنا فتركناه مفتوحًا هكذا وجدنا آباءنا فتركناه مفتوحًا



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 11:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان
 العرب اليوم - حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 06:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 العرب اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 14:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

GMT 07:39 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 20 فلسطينياً في وسط وجنوب قطاع غزة

GMT 18:37 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت التعليق على الطعام غير الجيد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab