6266 عامًا على رُزنامة «توت»

6266 عامًا على رُزنامة: «توت»

6266 عامًا على رُزنامة: «توت»

 العرب اليوم -

6266 عامًا على رُزنامة «توت»

بقلم: فاطمة ناعوت

    يحلمُ شرفاءُ هذا العالم بأن يختفى الشرُّ إلى الأبد ويعمُّ الحقُّ والخيرُ والجمال. لو تحقّق هذا الحلمُ العصىُّ، إذن لأُفرغتِ السجونُ وتحوّلت إلى حدائقَ، وأُغلقتِ المحاكمُ وتحولت إلى مدارسَ، ولكن شيئًا خطيرًا ومهمًّا سوف يُفقَد مع ما سبق وهو: دراما الحياة، والدياليكتيك الذى ينشأ من جدلية الخير والشر، العدل والظلم، الرحمة والقسوة.. وهلم جرّا. لابد من الظلم حتى يبرزَ الفرسانُ ينتصرون للمظلومين. ولا مناصَ من الشر ليحاربه الطيبون، وتستمر دورةُ الحياة. على أن ما سبق هو «تجليات» و«نتائج» صراع الجمال والقبح، ولكن السؤال كان عن «السبب». «لماذا» لا يموتُ الشرُّ ويصفو لنا وجهُ العالم؟ هذا السؤال الوجودى الأزلى الأبدى الخالد الذى حيّر الفلاسفة على مدى الأزمان، سوف تجد إجابتَه أيضًا عند سلفنا: «الجد المصرى القديم» العظيم.

الأسطورةُ المصرية القديمة تحلُّ شفرةَ ذلك اللغز المُحيّر. تخبرنا الأدبياتُ المصرية أن «تحوت»، ربَّ الحكمة عند المصريين القدامى، هو المسؤول عن إدارة أى صراع يجرى فوق الأرض بين قوى الخير وقوى الشر. وظيفته تتلخّص فى مساعدة طرفى الصراع فى حِياد تام، لكى يستمر الصراعُ دون غالبٍ أو مغلوب، فيعالجُ المهزوم منهما، إن جُرح أو أُصيب، حتى ينهضَ من كبوته ويستأنفَ معركته، فلا ينتهى صراعُ الخير والشر من الأرض أبدًا. ووفق تلك الفلسفة المصرية، نعرف بكل أسف أن الشرّ لن ينتهى من هذا العالم، إلى أن يستردَّ اللهُ الأرضَ المحزونة بمَن يسكنها، ويحكم بميزانه العدل بين الظالم والمظلوم.

أكتب عن ذلك العالم المصرى «تحوت»؛ لأن أمس 11 سبتمبر كان غُرّة الشهر المسمّى باسمه (توت) فى التقويم المصرى القديم، وهو واحد من أعرق وأقدم التقاويم التى عرفتها البشرية منذ أكثر من ستين قرنًا، مضافًا إليها مائة ألف عام من السعى الحضارى. احتفلنا بالأمس مع «جماعة حُرّاس الهوية المصرية» برئاسة المحامى والباحث «سامى حرك» برأس السنة المصرية الجديدة 6266 على الرُّزنامة الفرعونية، التى يعرف شهورَها عن ظهر قلب كلُّ فلاح مصرى؛ إذ يحسب مواعيد غرس البذور ومواعيد حصاده وفق تلك الشهور الثلاثة عشر: توت، بابة، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمود، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى، نسى. بداية السنة المصرية يعرفها المصريون باسم «عيد النيروز». وأصله اللغوى مُشتقٌّ من الكلمة المصرية القديمة: نى- يارؤو، وتعنى: (الأنهار). لأن بداية شهر (توت) يتوافق مع موعد اكتمال فيضان نهر النيل (حابى) أصل الحضارة والحياة فى مصر.

العالمُ المصرى الكبير «تحوت»، أو «توت»، يعود إليه الفضلُ فى ابتكار التقويم المصرى، ولهذا تبدأ الشهور المصرية باسمه (توت) تخليدًا لمكانته الرفيعة فى العلوم والفلسفة والفلك واللغة والرياضيات والهندسة. وهو مخترع حروف الأبجدية الهيروغليفية التى خلّدت حضارتنا العظيمة. لهذا يُعرف بإله (القلم)؛ وكرّمه الجدُّ المصرى بتنصيبه إلهًا للحكمة والمعرفة فى الميثولوجيا المصرية؛ تقديرًا لعلمه الموسوعى الغزير. وتُصوره الجدارياتُ الفرعونية بجسم إنسان ورأس طائر «أبى منجل». وهو النظيرُ الذكورى للإلهة «ماعت» ربّة العدالة والضمير فى أدبياتنا المصرية.

«رأس السنة المصرية» عيدٌ مصرى «وطنى» يخصُّ المصريين «جميعهم». (وليس عيدًا دينيًّا مسيحيًّا، كما يظنُّ البعض). لأن هذا التقويم العريق موجودٌ قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام بأكثر من 4000 سنة. وأرجو أن تدشّنه مصرُ «عيدًا قوميًّا»؛ لأنه «رأسُ حَربة» اعتزازنا بهويتنا المصرية الرائدة الخالدة، التى نرجو ترسيخها فى وجدان الشعب المصرى. ولمعرفة السبب فى خلط بعض الناس بين «رأس السنة المصرية القديمة كعيد مصرى»، وبين «رأس السنة القبطية كعيد مسيحى»، دعونا نحكى القصة من البداية. بدأ التقويم المصرى القديم منذ 6266 عامًا؛ حينما اكتشف الجدُّ العبقرى حتمية تدوين الزمن، وابتكار تقويم زمنى دقيق؛ من أجل تنظيم عمليات الزراعة ومواقيت: الحرث- الغرس- الرى- الحصاد. وظل التقويم المصرى قائمًا وحده حتى عام 284 ميلادية، حين وقع «عصر الشهداء» الأقباط فى مصر، بسبب رفض المسيحيين المصريين الطقوسَ الوثنية التى انتشرت فى عهد الإمبراطور الرومانى «دقلديانوس». فى ذلك العام قرّر المصريون (تصفير) التقويم المصرى القديم، حتى يبدأ من تاريخ «عصر الشهداء» تخليدًا للشهداء المصريين. ومن هنا تزامن «التقويمُ المصرى» مع «التقويم القبطى»، وظل الاختلافُ فى العدّاد الزمنى قائمًا. ولهذا صار لدينا تقويمان: 1- «التقويم المصرى»، وقد وصلنا فيه إلى عام 6266 مصرية، 2- «التقويم القبطى» ووصلنا فيه إلى عام 1741 قبطية. سنة مصرية جديدة سعيدة، حاشدة بالرحمة من الله تعالى الرحمن الرحيم على جميع البشر فى هذا العالم.

arabstoday

GMT 12:34 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 12:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 12:27 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 12:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 12:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 12:19 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 12:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 12:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

6266 عامًا على رُزنامة «توت» 6266 عامًا على رُزنامة «توت»



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 11:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان
 العرب اليوم - حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 06:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 العرب اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 14:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

GMT 07:39 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 20 فلسطينياً في وسط وجنوب قطاع غزة

GMT 18:37 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت التعليق على الطعام غير الجيد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab