عزيزتى «هند صبرى» أنا «شولة» أيضًا

عزيزتى «هند صبرى»... أنا «شولة» أيضًا!

عزيزتى «هند صبرى»... أنا «شولة» أيضًا!

 العرب اليوم -

عزيزتى «هند صبرى» أنا «شولة» أيضًا

بقلم: فاطمة ناعوت

وُلدتُ «عسراءَ»، أى أستخدمُ يدى اليسرى فى الكتابة والأكل والقبض على المضرب فى لعب التنس والبنج بونج، وفى كافة أمور حياتى. ولا أذكرُ مطلقًا أننى تعرضتُ للتنمّر فى طفولتى بسبب كونى «شولة» لا فى مدرستى CGC، ولا فى محيط الأسرة والأصدقاء، ولا فى مسجد الحى الذى كنتُ أذهب إليه مع شقيقى لتعلّم القرآن الكريم. فى البَدء، اندهشت أمى حين لاحظت استعمالى يدى اليسرى، واستشارت طبيب الأطفال أ. د. «محمود العيسوى»، فشرح لها ببساطة أن هذا غير مقلق بالمرّة، بل هو عنصر تميّز لأن فصّ المخ الأيمن المسؤول عن الإبداع والمواهب هو الأنشط لدى مستخدمى اليد اليسرى؛ وهذا سبب أن كثيرًا من عباقرة الرسم والموسيقى والرياضة والعلوم يستخدمون اليد اليسرى. وشدّد الطبيبُ على أمى ألا تحاول إجبارى على استعمال اليد اليمنى كما تفعل بعضُ الأمهات؛ أولًا لأنه مستحيل؛ بسبب الترتيب الوظيفى للدماغ لدىَّ، وثانيًا لأن هذا يُعتبر: «Child Abuse» أو «إساءة معاملة الأطفال».

أكتبُ هذا بسبب تصريح الفنانة الجميلة «هند صبرى»، حيث قالت: (بنتى علياء شولة، ومدرّسة منزلية كانت بتغصبها تكتب بإيدها اليمين بزعم إن ده حرام وهاتدخل النار!. للأسف أغلب الناس بتتربى على الخوف أكتر من السعى لمعرفة ربنا!). انتهى تصريح الفنانة، وأرفعُ ألفَ «علامة تعجب» فى وجه مُعلمة غير مؤهلة، تعبثُ بنفسية طفلة تتهيأ للحياة!!!!!.

أتركُ الطفلةَ الجميلة «علياء»، وأعودُ بالزمن إلى الطفلة التى كنتُها منذ بضعة عقود خَلَت. أتذكّرُ مدرستى الجميلة CGC، التى نحتفل الشهر القادم بعيدها المئوى؛ إذ وُضِع حجرُ الأساس يوم ٤ مايو ١٩١٤. أُقلِّبُ صفحات دفتر طفولتى، فلا أقبضُ على لحظة «تنمّر» واحدة كونى «شولة» من معلماتى. بل كنتُ أحلمُ أن أغدو «معلّمة» لأشبه معلماتى الجميلات اللواتى كُنّ فى خيالى مثل «ربّات الحكمة والجمال» فى الميثولوجيا الإغريقية، وذلك بسبب الواقعة التالية.

كنتُ فى سنة أولى حين طلبت إلينا «ميس راشيل» كتابة الكلمات الإنجليزية التى تعلمناها فى الحصة السابقة. وكانت تمرُّ بين الطاولات، ثم توقّفت فجأة إلى جوار ديسكى، ولم تتحرك!. رفعتُ نظرى نحوها فوجدتها تنظر إلى كراستى باهتمام. راح قلبى يخفقُ وقد تيقنتُ أننى أخطأتُ فى الحروف!، وكلما رفعتُ عينى إليها فى تساؤل صامت، أومأت لى بعينيها لأكمل الكتابة.مرت الدقائقُ ثقالًا كأنها الدهر. وفجأة طُرق بابُ الفصل، ودخلت «ميس عايدة»، معلّمة العربى، لتستعير من فصلنا قطعةَ طباشير. قالت «ميس راشيل»: (تعالى شوفى يا عايدة!) أشارت إلى كراستى وأردفت: (البنت دى شولة، ومع كده خطها جنان، ما شاء الله!)، فردّت عليها «ميس عايدة»: (وخطها حلو فى العربى كمان!).

دعك من الإطراء والخط الحلو!، فما حدث هو أننى صُعِقت من هذا الحوار القصير بين المعلمتين! كيف عرفت «ميس راشيل» أننى «شولة»!!!!!، هذا سرٌّ عائلى غير مُعلن!.

فى عمرى الصغير وقتها، كنتُ أعتقدُ أن «شولة» هذه «مرضٌ» لا يعرفه إلا أسرتى والأصدقاء الذين تبثُّ لهم أمى همومها. فقد كانت تقول لصديقاتها فى نبرة قلق: («فافى» شولة للأسف، وحاولت معها كتير تكتب وتاكل باليمين!، بس الدكتور قالى: مفيش فايدة!)، و«فافى» هى أنا بالطبع. ولكن، كيف عرفت «ميس راشيل» هذا السر العائلى الخطير؟!. يومها ركضتُ لأمى مبهورةَ الأنفاس وهتفتُ فيها بأعلى صوتى:

(ماما… «ميس راشيل» بتعرف كل حاجة فى الدنيا!، وعرفت كمان السر!. أنا عاوزة أبقى مدرّسة زيها عشان أعرف كل حاجة من غير ما حد يقولى!). وسألتنى أمى: (ميس راشيل عرفت سرّ إيه؟)، قلتُ: (عرفت إنى شولة!، والمصحف يا ماما أنا مقولتلهاش!. هى عرفت لوحدها!!!!). وانفجرت أمى فى الضحك، وصارت هذه الواقعةُ الطريفة حديثَ العائلة لسنوات طويلة. ولكنها أكدت رغبتى العارمة فى أن أغدو معلّمة ذات يوم لكى أحوز معارفَ الدنيا. وأما ماذا صنع بى حُلمى القديم بأن أكون معلّمة حين أكبر، فقد تحولتُ إلى «لصّة» من أجل الوصول إلى ذلك الحلم الصعب. وهذا ما سأقصُّه عليكم فى مقال قادم.

من نُثار خواطرى:

(طفلةٌ عسراءُ)

أمسكت كراسةَ الإملاء

وقالتْ للمعلمةِ الأخرى:

«طفلةٌ عسراء،

خطُّها رائع!»

...........

سيكبُر الأطفالُ

وتكبرُ أقدامُهم

وبدلًا من الركضِ فى دوائرَ

سيتعلمون السيرَ بخطواتٍ واسعةٍ

نحو الحياة

أما الطفلةُ التى كنتُها

ولأن قدمَها محشورةٌ

فى حذاءٍ حديدىّ

ستظلُّ

تركضُ فى دوائرَ

حتى تنتبه الحياةُ

وتقول:

العسراءُ تلك

كانت فى شرنقتى

ثم طارت

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عزيزتى «هند صبرى» أنا «شولة» أيضًا عزيزتى «هند صبرى» أنا «شولة» أيضًا



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab