الرحلةُ المقدسة عيدًا مصريًّا

الرحلةُ المقدسة.. عيدًا مصريًّا

الرحلةُ المقدسة.. عيدًا مصريًّا

 العرب اليوم -

الرحلةُ المقدسة عيدًا مصريًّا

بقلم: فاطمة ناعوت

فى آخر يونيو من كل عامٍ، نتذكّر ثورةً خالدة أنقذت مصرَ من ويلات الاحتلال الإخوانى البغيض، الذى لولا وعى شعبٍ عظيم، ولولا بسالة جيش قوى، ولولا ذكاء قائد جسور، لضاعت مصرُ من بين أيدينا. وفى أول يونيو من كل عام، نتذكّرُ يومًا مهيبًا من تاريخ مصر الثرى، وقع قبل أكثر من ألفى عام، وصل فيه السيدُ المسيح طفلا، مع أمه العذراء «مريم»، عليهما السلام، إلى أرضنا الطيبة، يحتميان بها من بطش «هيرودس» ملك فلسطين. وكأن شهر «يونيو» قد اِفتُتحَ بيوم خالد، واختُتم بيوم خالد، يؤكد كلاهما عظمة مصرَ وفرادتها بين دول العالم.
فقط أرضُ مصرَ، من بين أراضى الله، اختارتها العائلةُ المقدسة ملجأً وسكنًا، فأحسنتْ أرضُنا الطيبةُ استقبالَ الوفدَ الكريم، وضمّت بين شغاف القلب طفلاً قدسيًّا، لتحميه من قاتل الأطفال. وكبر الطفلُ ليغدو رسولَ السلام «يجولُ يصنعُ خيرًا»، فطوّبه اللُه فى كتابه العزيز: «وسلامٌ عليه يومَ وُلِد ويومَ يموتُ ويم يُبعثُ حيّا». كانت أرضُنا الطيبة لتلك العائلة «ربوةً ذات قرار ومعين». جالت فيها سيدةُ الفضيلة فتفجّرتْ تحت قدميها عيونُ الماء، وشقشقت بكل بقعة وطئتها زهورُ البيلسان، فامتلأت أرضُنا بخصب لا يبور، وإن بارت بقاعُ الدنيا.

طافت العائلةُ المطوّبة من شرق مصرَ إلى غربها إلى جنوبها ثم عادت من حيث أتت. هجروا فلسطين ودخلوا مصرَ من باب «رفح»، ثم «العريش». ومن «سيناء» الشريفة، دخلوا «تل بسطا» بالزقازيق. وظمأ الطفلُ ولم ينجدهم أحدٌ بشربة ماء، ولما بكت الأمُّ الصغيرةُ، تفجّرت بئر ماء تحت جذع شجرة، وارتووا. واستأنفوا الرحلة إلى «مسطرد» ثم «بلبيس» ثم شمالا نحو «سمنّود» ثم غربًا نحو «البُرّلس» ثم «سخا»، ثم «وادى النطرون». بعدها دخلوا منطقة «المطرية» و«عين شمس». ثم ارتحلوا إلى «الفسطاط»/ بابليون، بمصر القديمة واختبأوا فى مغارة محلّها الآن كنيسة «أبوسرجة» الأثرية. بعدئذ دخلوا «المعادى»، ثم سافروا جنوبًا نحو صعيد مصر ومكثوا برهة فى قرية «البهنسا». ومن بعدها ارتحلت العائلة المقدسة جنوبًا نحو «سمالوط» ومنها عبرت النيل شرقًا حيث «جبل الطير». ثم عبروا من جديد من شرق النيل إلى غربه حيث بلدة «الأشمونيين» التى شهدت معجزات عديدة للسيد المسيح. ثم ساروا جنوبًا نحو «ديروط» ثم «القوصية» ثم غربًا حيث قرية «مير». إلى أن دخلت العائلةُ المطوّبة منطقة «دير المحرّق»، وهى أهم محطّات الرحلة المقدسة، حيث استقرّت بها الأسرةُ قرابة نصف العام، وتٌعدُّ تلك أقدم كنيسة فى التاريخ لأنها شهدت طفولة المسيح عليه السلام. بعدها كانت محطتّهم الأخيرة بمغارة فى «جبل درنكة» بأسيوط، لتبدأ بعدها رحلة العودة إلى أرض فلسطين.

طوال تلك الرحلة الشاقة، كانت أرضُنا تذوبُ رحمةً تحت قدمى الفتاة التى اصطفاها الُله لتحملَ فى خِصرها الرسولَ المُطّوب، فكان وأمُّه آيةً. تفجرت عيونُ الماء فى الصحراء القواحل، ونبتت زهورٌ بين طيّات الصخور، وتساقط فوق كتفى البتول، من جافّ النخيل، رطبٌ شهىُ يسُرُّ الناظرين. لهذا بارك الكتابُ المقدس أرضَنا الكريمة التى استقبلت المُصطفاةَ، وبارك ابنُها شعبَنا الطيبَ قائلا: «مباركٌ شعبى مصر».

ربما ذلك العهدُ القدسى الذى سطرته مصرُ فى قلبها للمسيح وأمه، ودوّنه التاريخ فى كتابه، هو سبب تلك العروة الوثقى التى تربط الأقباطَ المسيحيين بمصر، التى سمّاها أجدادُنا الفراعنة: «ها كا بتاح»، أى «منزل روح بتاح»، وتحوّرت إلى: «كَبَت»، (قَبَط)، ثم «إيخبت» ثم «إيجبت» Egypt.

أُكررُ مناشدتى للدولة المصرية بأن تجعل (أول يونيو) عيدًا قوميًّا رسميًّا وشعبيًّا، يحتفل فيه المصريون كافة، بذلك الحدث الاستثنائى. فنحتفل أول يوينو بعيد، ونختتم يونيو بعيد ثورتنا الخالدة ٣٠ يونيو. وأتمنى أن تكمل وزارة السياحة مشروعها الوطنى المهم فى تشدين رحلات سياحية لمحطّات تلك الرحلة. فيكون لها مردٌّ هائل على إنعاش السياحة، والأهم، إنعاش المعرفة التاريخية عن مصر العريقة فى عقول النشء الجديد.

ومن نُثارِ خواطرى:

 

■ ■ ■

 

(دمعُ العذراء)

شُقّى عند الصدرِ

وقُصّى الأوتارَ

ليتحررَ قلبٌ مسكونٌ بالخوفْ

لُفّيه لسبعِ ليالٍ

فى مِنديلٍ مغسولٍٍ بدموعِ العذراءْ

رشّى بعضَ العطرِ

وضميهِ إلى صدرِكِ

علَّ القلبَ الخائفُ يتدفأُ

والجُرحَ ينامْ

arabstoday

GMT 08:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:23 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:17 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 08:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

GMT 08:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الباشا محسود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرحلةُ المقدسة عيدًا مصريًّا الرحلةُ المقدسة عيدًا مصريًّا



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab