أنصتوا الملائكة تغنّى فى مسرح النيل

أنصتوا.. الملائكة تغنّى.. فى مسرح النيل

أنصتوا.. الملائكة تغنّى.. فى مسرح النيل

 العرب اليوم -

أنصتوا الملائكة تغنّى فى مسرح النيل

بقلم : فاطمة ناعوت

 

وقف فى كامل هيبته الممزوجة بالتواضع وخفّة الظل، وملامحه الطيبة الطافرة بالأبوة والبِشر، وأشار نحو أطفال، تتراوح أعمارُهم بين الثلاثة أعوام والأعوام العشرة، قائلا: «رغم أننى مُعلِّم، إلا أننى أتعلّم من هؤلاء الصغار! أتعلّمُ منهم الالتزامَ والشعور بالمسؤولية والإصرار على إتقان العمل. أولئك الصغار يعرفون كيف ينظمون وقت طفولتهم بين المدرسة والاستذكار والتفوق الدراسى، والانتظام فى حضور البروفات، حتى تتجلّى مواهبُهم فى هذا الكونشرتو وبهذا الأداء المدهش». المتحدثُ هو الأب «ممدوح شهاب» رئيس دير الآباء الفرنسيسكان فى مصر، الذى كرّس حياتَه لتعزيز روح المحبة خلال العمل الروحى والتعليمى والاجتماعى المتحضر والأنشطة الثقافية التى تبنى جسور التواصل وتجمع أطيافَ الشعب المصرى فى نسيج متين لا تنفصمُ عُراه. وأما الصغار الذين أشار إليهم، فهم أحدثُ أجيال فريق كورال «سان جوزيف» الاحترافى الجميل الذى يشدو فى مصر وخارجها وقد تعلّم على يد كبار الموسيقيين العالميين. بلغ عددُ الأطفال فى الكورال هذا العالم ٣٥ طفلةً وطفلاً، إلى جوار الأجيال الأكبر وقد بلغ عددهم ٥٧ صوتًا من أجمل الحناجر المغرّدة، التى تشدو فى منتصف ديسمبر، لتودّع عامًا وتستقبل آخرَ بترانيم الفرح، والإيمان برحمات الله التى نرجوها جميعًا مع كل خفقة قلب وكل نبضة وريد.

ننتظرُ هذا الحفل الأوبرالى الصادحَ عامًا بعد عامٍ لكى نغتسل من الهموم ونشدو مع صوت الطفولة الكامن فى أعماقنا أغنياتٍ عرفناها فى طفولتنا وغنيناها فى أعياد الكريسماس، ونحن ننسق شجرة الميلاد ونجهز الهدايا التى تجمع قلوب الأسرة والعائلة والأصدقاء وزملاء المدرسة. وكالعادة يجلسُ الأب المثقف «بطرس دانيال» إلى البيانو يعزفُ ألحان الأغنيات التى قام بتوزيعها؛ فهو موسيقارٌ مبهر، عطفًا على كونه أحد كبار رُعاة الفن الرفيع فى مصر بقيادته «المركز الكاثوليكى المصرى للسينما»، لإيمانه بأن الفنَّ أحدُ حصون الوطن وأحد أهم جسور تآلفها وتضامّها وحمايتها من التصدع وتعزيز القيم الإنسانية والأخلاقيات فى المجتمع، بالإضافة إلى دوره المشهود فى العمل الإنسانى خلال دعم المرضى والمعوزين وتنظيم رحلات جماعية لزيارة المستشفيات ودور الأيتام والمسنين. وفيما نشهدُ هذه الكوكبة المشرقة من المرنمين والعازفين تشدو حناجرهم بأغنيات الميلاد بالعربية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية، نملح عصا القيادة فى يد المايسترا الجميلة «ماجدولين ميشيل» تقود كل هذا الجمال والإتقان والتناغم البشرى الثرى، الذى يُؤدَى بمنتهى الجدية ومنتهى الفرح ومنتهى الإيمان بسموّ ما يصنعون.

«أنصتوا! أصيخوا السمعَ: إن الملائكةَ تُغنّى». ربما تنطبقُ هذه العبارة وصفًا دقيقًا لهذا الحفل السنوى الجميل، لكنها فى الواقع واحدةٌ من ترانيم الميلاد الأربع وعشرين التى أبهجت أرواحَنا أولَ أمس على «مسرح النيل»، التابع لكنيسة «سان جوزيف» للفرنسيسكان. ودائمًا ما أقول إن لا شىء أجمل من الموسيقى، ولا شىء أرقى من صوت الإنسان حين يناجى الله. الموسيقى هى صوتُ الملائكة تُغّنى وهى تسكبُ الفرحَ على الأرض كلَّ صباح لكى نتنفس. صدّقوا الموسيقى واذهبوا إليها؛ فهى الدليلُ على أننا نتنفس.

شكرًا لهذا الحفل الغنى الذى يجمعنا كل عام، مسلمين ومسيحيين، على المحبة والفرح والإيمان بإله واحد ينشر رحماته على جميع بنى الإنسان. شكرًا لهذه الموسيقى المضبوطة على إيقاع الكمال والبهاء، وشكرًا للأصوات المصقولة على نوتة العذوبة، والحناجر المُدوزنة على ماجير شدو الملائكة. شكرًا للعيون الطيبة المستبشرة برضوان الله، الواثقة فى أن الله يُنصت إلى دعائنا وتضرعاتنا أن يُنجّى البشرية من الصراعات والحروب والعنصرية.

فى نهاية هذا العام، الذى نودِّعَه كهلًا يتوكأُ على عصاه ويتأهبُ للمُضى فى غياهب كهف الزمان، ونستعدُّ لاستقبال عامٍ طفلٍ جديد يُشرقُ مع ميلاد السيد المسيح عليه وعلى أمّه مريم البتول السلام، نرفع دعاءنا لله الواحد من مساجدنا وكنائسنا أن يرزقنا عامًا طيبًا واعدًا بالسلام والمحبة والأمن والرغد علينا وعلى العالم بأسره، وأن يمد يده الطيبة بالسلام والحرية لأشقائنا فى فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا وجميع بلدان العالم. ندعو الله إلا يبيتَ طفلٌ يتيمًا ولا جائعًا ولا محرومًا من بيته ومن حق الحياة الكريمة. ندعو الله ألا تثكل أمٌّ وليدها. ندعو الله أن يشفى كل مريض ويجبر خاطر كلَّ قلب كسير، وأن يعمَّ السلامُ والفرح فى أرجاء الأرض. «المجدُ لله فى الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرّة» وميرى كريسماس يا مصر العزيزة التى كرّمها الإنجيلُ المقدس: «مباركٌ شعبى مصر»، ثم كرّمها القرآنُ الكريم بعد ذلك بستة قرون: «ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين».

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنصتوا الملائكة تغنّى فى مسرح النيل أنصتوا الملائكة تغنّى فى مسرح النيل



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab