عيد الميلاد المجيد محرابٌ ومَذبح

عيد الميلاد المجيد... محرابٌ ومَذبح

عيد الميلاد المجيد... محرابٌ ومَذبح

 العرب اليوم -

عيد الميلاد المجيد محرابٌ ومَذبح

بقلم : فاطمة ناعوت

 

منذ عشر سنواتٍ بالتمام والكمال فى مثل هذا اليوم، ٦ يناير ٢٠١٥، بدأ عهدٌ جديد من التضامّ المجتمعى المنشود، وإعلاء قيم المواطَنة الرصينة، حين دخل رئيسُ الدولة المسلمُ كاتدرائيةَ وطنه الرسمية، فى عشية عيد الميلاد المجيد، لكى يقدّم التهنئة لأبناء وطنه مسيحيى مصرَ، مُصافحًا رمزهم الروحى بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فى سابقة تاريخية جسور، لم تحدث من قبل؛ لأسباب غير مفهومة. تلك الزيارة الجميلة كانت رمزًا ناصعًا لما يمكن أن نطلق عليه «الماقصد المواطنى». فحين نزور، نحن المسلمين من الكتاب والمثقفين والفنانين والشخصيات العامة، أشقاءنا المسيحيين لتهنئتهم فى أعيادهم، مثلما يهنئوننا فى أعيادنا الإسلامية، فتلك واجباتٌ وحقوقٌ اجتماعية تُمليها علينا قيمُ الأخلاق والتحضر والذوق. لكن حين يفعلُ ذلك رأسُ الدولة، فإن الأمرَ يتحوّل إلى «ميثاق» يربطُ الحاكمَ بأبناء شعبه، لكى يفوّت الفرصة على المتنطعين الفاسدين؛ الذين يرومون «هدمَ المجتمع من داخله»؛ بغرس بذور الشتات والعنصرية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد. لهذا فنحن نُثمِّن تلك الخطوة الجسور التى استنّها الرئيسُ المتحضّر «عبد الفتاح السيسى»، ومتى؟! فى ذروة لحظات الإرهاب الأسود وموجة إحراق الكنائس واستهداف المسيحيين المسالمين، وجميع تلك الأفعال الخسيسة التى افتعلها الإخوانُ فور إسقاطهم عن عرش مصر. فكأنما خرج فارسٌ فى عتمة الظلام الدامس، وتحت وطأة سُحب بارود الإرهاب الكثيفة، حاملا قنديل نور وتنوير يفتت به ظُلمة الليل وظلام الظالمين.

فى ذلك اليوم التاريخى الذى لا يُنسى، ٦ يناير ٢٠١٥، كنتُ جالسة فى الصفوف الأولى من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، قبل نقل الاحتفال بعيد الميلاد إلى كاتدرائية «ميلاد المسيح» بالعاصمة الجديدة فى الأعوام التالية. وقبل دخول الرئيس كنتُ أتحدث مع أصدقائى الجالسين إلى جوارى من الشخصيات العامة وقلتُ لهم: «قلبى يحدثنى بأن الرئيس سوف يأتى ليهنئ قداسة البابا تواضروس وأشقاءنا المسيحيين بالعيد!»، لكنهم قالوا: «مستحيل أن يفعل!». وصدق حسدى وخاب حدسُهم. لهذا حينما شاهدنا صورته على شاشات الكنيسة الداخلية يهبط من سيارته، ظلتُ أهتفُ بفرح طفولى: «برافو يا سيسى! يحيا العدل!»، ونبت فى ذهنى لحظتها مطلعُ قصيدة عنوانُها: «محرابٌ ومذبح» أهديتها لهذا القائد المثقف العادل، نشرتُها فى جريدتى الغالية «المصرى اليوم»، وأعيدُ نشرها اليومَ لكى أسجّل على التاريخ هدفًا حضاريًّا خالدًا، سيظلُّ سُنّة طيبة استنَّها رئيسٌ وطنىٌّ حرٌّ، لا يهابُ حناجرَ المتنطعين الزاعقة، لكنه يصيخ السمع لصوت الوطن الذى يرفعُ مِظلتَه على جميع أبنائه دون تمييز.

■ ■ ■
محرابٌ ومذبح / زهرةٌ أورقتْ فى الأشجارِ اليابسة
حينَ خرجَ الأميرُ من مِحرابِه / حاملاً قرآنَه / وقلبَه
ليصعدَ إلى المذبحِ / ويباركَ الطفلَ الجميلَ
فى مِزْوَدِ البَّركة/ ثم ينحنى/ يرتّبُ هدايا الميلادِ
تحتَ قدمى الصغيرِ الأقدس:
ذهبًا / ولُبانًا
ومُرًّا/ فتبتسمُ الأمُّ البتولُ
وتمسحُ مصرُ/ على جبهةِ الأميرِ هامسةً:
طوباكَ بين الرجالْ/ أيها الابنُ الطيبُ
اجلسْ عن يمينى / واحملْ صولجانَ الحُكم
وارْتَقِ عرشَ بيتى/ وارفعْ رايتى عاليةً بين النساءْ
وعلّمِ الرعيةَ/ كيف يحتضنُ المحرابُ المذبحَ
وكيف تتناغمُ المئذنةُ مع رنينِ الأجراسْ / وارشدْ خُطاهم
حتى يتبعوا النَجمَ / الذى سيدّلُهم على الطريق
إلى أرضِ أجدادِهم الصالحين/ بُناةِ الهرم.
فإذا ما وصلوا إلى ضفافِ النيلْ/ أوقَدوا الشموعَ فى وهجِ الصبحِ
حتى تدخلَ العصافيرُ عند المساءْ أعشاشَها / بعدما تبذرُ القمحَ والشعيرَ والسوسنَ/ على أرضِ «طِيبةَ» كلِّها
فلا ينامُ جائعٌ جائعًا/ ولا محرومٌ
يبقى محرومًا/ ولا بردانٌ
بردانًا ينامُ ليلتَه/ ولا حزينٌ
يجنُّ الليلُ على عينيه / دونما يدخلُ قلبَه الفرحُ.

arabstoday

GMT 07:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 06:31 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 06:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 06:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 06:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 06:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد الميلاد المجيد محرابٌ ومَذبح عيد الميلاد المجيد محرابٌ ومَذبح



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:17 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عبدالله بن زايد يبحث مع جدعون ساعر آخر التطورات في المنطقة
 العرب اليوم - عبدالله بن زايد يبحث مع جدعون ساعر آخر التطورات في المنطقة

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab