سارقو الثورات والثروات
تصريحات ترامب تدفع الدولار للارتفاع في تعاملات آسيوية متقلبة اليوم الثلاثاء انخفاض أسعار النفط بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة لتعزيز إنتاج النفط والغاز الجيش اليمني يعلن توجيه ضربات قاصمة للحوثيين في محافظتي مأرب وتعز زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا بايدن يصدر عفواً لحماية الجنرال مارك ميلي والطبيب أنتوني فاوتشي وأعضاء لجنة التحقيق في أحداث 6 يناير وشهودها تحسبا لصدور قرارات ضدهم من إدارة ترامب الحوثيون يهددون باستئناف مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل وأميركا وبريطانيا إذا تعرض اليمن لهجوم من هذه الدول المديرية العامة للأمن العام اللبناني تحذّر من التفاعل مع صفحة تابعة لـ"الموساد" الإسرائيلي على منصة "فيسبوك" منظمة الصحة العالمية تحذر من تفشي الأمراض المعدية بشكل كبير ومن استمرار تهديد المجاعة في غزة درجة الحرارة في فلاديفوستوك تحطم رقما قياسيا صمد أكثر من 50 عاما اختناقات في نابلس بعد اقتحام قوات الاحتلال
أخر الأخبار

سارقو الثورات والثروات

سارقو الثورات والثروات

 العرب اليوم -

سارقو الثورات والثروات

بقلم : فاطمة ناعوت

 

الثوراتُ أنشودةُ الشعوب الصادحةُ فى وجه الظلم والظلام؛ طلبًا للخلاص والحرية من الاستعباد والقهر والطغيان. لكنها مع ذلك، وكأى قصيدة مُغنّاة، قد تسقطُ على عيون عمياءَ لا تجيدُ قراءةَ الشِّعر؛ فتعمد إلى إساءة تأويل المعانى، أو تصادف آذانًا صمّاءَ لا تجيدُ تمييز النغم، فتتعمّد تشويه الإيقاع ليتحوّل إلى نشاز وضجيج.

وصدق «أبوالقاسم» إذ يقول: «إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة/ فلابد أن يستجيبَ القَدَر»، فإذا استجاب القدرُ وتكللت مساعى الثوارُ بالنجاح، وسقط الظلمُ مع سقوط الطُغاة، ودنتِ الثمارُ شهيةً لا تحقُّ إلا لمُستحقيها، تهافت نحوها غيرُ المستحقين يرومون قِطافًا. هنا تبرزُ أنيابُ الخطر تحيق بالثورات الشريفة، يحاولُ اختطافَها طامعون وطغاةٌ جددٌ يتدثرون بعباءة الشعب الثائر المستحق للحرية؛ فتتحورُ الثورةُ النبيلةُ من شريان نابضٍ يخفقُ بالحياة، إلى فخٍّ وفكٍّ غليظ يُطبقُ أنيابَه الحادة على خاصرة الحلم، فيهشّم مفاصله! تكرّر هذا السيناريو المقيتُ مع جميع ثورات التاريخ؛ حين تبرزُ من الظلام وجوهٌ شائهة يهرعون نحو ثمار الثورة اليانعة، لا بقلوب المؤمنين بالحريّة والعدالة، بل بعيون الطامعين وأنياب المُستغل. هم كما الخفافيش العمياء، تتربّص بفراشات ملونة، يُغريها الضوءُ ثم لا تلبث أن تجد أجنحتها مكبّلةً بظلال الظلام.

ليس الأمسُ ببعيد. مشاهدُ اختلاس الثورات وسرقة الثروات، شهدناها نحن الأحياء فى نهارات قريبة مازالت ساطعة فى ذاكرتنا، فى بلادنا وبلاد من حولنا، أو قرأناها فى كتاب التاريخ خَطّته دماءُ أجيال سابقة. يعيدُ التاريخُ نفسَه لأن لا جديدَ تحت الشمس. يقومُ المثقفون وشرفاءُ الوطن الرافضون غيومَ الظلام بالثورات النبيلة، وتُهرقُ الدماءُ الطهورُ وتُزهقُ الأرواحُ الطيبةُ ثمنًا للحرية، فإذا ما أشرق فجرُ الحرية وأزهرتِ الزهورُ على جنبات الوطن، انقضت على الإشراق طفيلياتُ التيارات المتطرفة تستغل تداعياتِ الثورة وفوضى الحدث، فتبعثرُ أبجدياتِ الحلم لتعيد تشكيلَه بما يخدم مطامعها، بل وقد تفتحُ الأبوابَ مُشرعةً لدخول الأعداء التاريخيين الذين هرموا وهرمت أحقادُهم أمام الأبواب الموصدة. أولئك الطامعون القافزون على صهوات ثورات الشعوب، لا يقرؤون الثورةَ كدعوة للعدل والحق والخير والجمال، بل كفرصة لتكريس أركان استبداد آخر، مغلفٍ بشعارات جوفاء ووعود كذوب، أبدًا لا تتحقق. يتوسّلون سياسة بنى صهيون الشهيرة فى الزحف البطىء نحو الهدف الاستيطانى. فى البدء يسيرون بخطوات هادئة ووجوه بشوشة تطفر بالبشر والسماحة، وكأنما هم جزءٌ من الحلم النبيل، حتى يزرعوا أقدامهم فى قلب المشهد، فيخرجون نحو النور مع الخارجين من الجماهير الطيبة، فإذا ما اندمجوا فى النسيج الثائر، سقطت الأقنعة وشاهت الوجوه وانفضحت الأرواح الباغضة، التى تُحوّلُ الظلمَ القديم إلى ظلم جديد، وتستبدل بالظلام الغابر ظلامًا أوغلَ إعتامًا.

لصوصُ الثورات مَهرةٌ فى وظيفتهم، يعرفون جيدًا كيف يسرقون الأصوات مثلما يسرقون الثروات. يدركون كيف يضبطون أوتار حناجرهم على إيقاع النشيد الجماهيرى النبيل؛ بعدما يخبئون داخله صدى أيديولوجياتهم الإقصائية الاستعبادية. وحالما تحين لحظة التمكين وينالون فرصة الإمساك بمقاليد الأمور، يتحولون إلى قضبان أخرى، ليست من الحديد والفولاذ كما السابق، بل من أعمدة الظلام المعتم تُحاصر الكرامة وتسجن الحرية التى ولدت من رحم الثورة. الخطورة الكبرى ليست وحسب فى سرقة الثورة، واستراق صوت الحُلم النبيل، بل يكمنُ الهولُ العظيم فى تفتيت الجسد الذى أشعل الثورة وشيّد الحُلم.

لصوصُ الثورات يعرفون جيدًا كيف يزرعون بين الناس شتاتًا، ويفككون الكتل المتضامّة إلى شيعٍ ومذاهبَ وطوائف متناحرة متباغضة كما خلايا مسرطنة فى جثمان عليل يأكلُ بعضُه بعضًا، بعدما كان جسدًا واحدًا صلبًا يقفُ ممشوقًا فى وجه الظلم والطغيان. ذاك أنهم يجيدون غرس بذور الريبة والشك بين الناس حتى تطرح مع الأيام أشجار الشر المحمّلة بحناظل البغضاء والارتياب والعداوة. فما كان صرخة واحدة قوية فى وجه الظلم، يتفتّت إلى حشرجات عليلة لجسد متهافت يهاجم نفسه بنفسه فيما يشبه التدمير الذاتى.

تلك التيارات المتطرفة لم تولد من متون الثورة، ولا أنجبتها لحظاتُ الفوضى التى عادةً ما تصاحب الثورات النبيلة، بل هى موجودة منذ البدء، كما الذئب الذى يدّعى الخمولَ حتى تحين لحظة الانقضاض على الطريدة. فهى تعدُّ العدة فى الخفاء طوال الوقت، تمتلك المال والسلاح والجهات الداعمة، ولديها العقول التى ترسم الخطط والحناجر التى تتقن دبج الشعارات الرنانة التى تُسفر دائمًا عن صفر كبير خاوٍ لا صدق فيه. تلك الفصائل تعرف متى تختبئ وتندسُّ فى متون العتمة، ومتى تخرج إلى براح الضوء لتعلن عن نفسها فى الوقت المناسب. تعرفُ كيف تخاطبُ البسطاء بلغتهم وكيف تلوّح لهم بأحلام لن ترى النور أبدًا.

أيها الثوارُ الشرفاءُ فى كل مكان: احذروا لصوصَ الأحلام سارقى الأوطان.

arabstoday

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

GMT 05:52 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الاستعلاء التكنوقراطي والحاجة إلى السياسة

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخاطر مخلفات الحروب

GMT 05:48 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية؟

GMT 05:47 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أسعار النفط تحت تأثيرات التطورات الجيوسياسية

GMT 05:45 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

إعادة الاعتبار للمقاومة السلمية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سارقو الثورات والثروات سارقو الثورات والثروات



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد
 العرب اليوم - كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 09:03 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

دور مصر الطبيعى!

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 08:53 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

اليوم التالي.. الآن!

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 03:51 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

اختناقات في نابلس بعد اقتحام قوات الاحتلال

GMT 03:31 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

إصابة 3 فلسطينيين في اعتداءات إسرائيلية شرق قلقيلية

GMT 09:54 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

أحمد السقا يكشف سبب تقديم "العتاولة 2"

GMT 03:28 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن إعادة بناء النظام الصحي لغزة مُعقد

GMT 14:02 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

تركي آل الشيخ يعلق لأول مرة على حفل أنتوني هوبكنز
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab