الموارد مقابل الحماية

الموارد مقابل الحماية

الموارد مقابل الحماية

 العرب اليوم -

الموارد مقابل الحماية

بقلم : عبد اللطيف المناوي

هل تذكرون صفقة «النفط مقابل الغذاء»، تلك التى أقرها مجلس الأمن على العراق فى منتصف التسعينيات، ونصت على إلزام بغداد بتصدير جزء من النفط، مقابل استخدام عائداته فى شراء الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقى؟!.

هذا القرار، أو الصفقة بمعنى أدق، ربما تتكرر هذه الأيام بين أمريكا وأوكرانيا، إذ كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن اتفاق بين واشنطن وكييف ينص على حماية الولايات المتحدة لأوكرانيا، مقابل تنازلها عن جزء من مواردها الطبيعية. هذا الاتفاق بدأ يثير الجدل فى الأوساط العالمية، وبالأخص مناطق الصراع فى روسيا أو أوكرانيا.

معادلة «النفط مقابل الغذاء» تتكرر، ولكن تحت اسم آخر، وهو «الموارد مقابل الحماية»، وربما يعطينا هذا فكرة عن منهج إدارة ترامب، إذ يصر الرئيس الأمريكى على أن تكون هناك صفقات، مثلًا تدفع الدول مقابل الدعم العسكرى الأمريكى أو الحماية. وهذا ما صرح به ترامب نفسه حول بلاد عربية بعينها، فى بداية ظهوره سواء فى عهده الجديد أو عهده القديم.

بالتأكيد تدرك أوكرانيا حاجتها إلى الدعم الأمريكى لتعزيز دفاعاتها فى مواجهة روسيا، فإن تقديم نصف عائداتها المستقبلية، مثلما ذكرت الصحيفة، من الموارد الطبيعية، وفقًا لمسودة الاتفاق، يُعد تنازلًا استراتيجيًّا يحدّ من استقلالية قراراتها الاقتصادية.

وأكثر ما يلفت الانتباه هو غياب الالتزامات الأمنية الواضحة من جانب الولايات المتحدة فى مسودة الاتفاق. رغم الإشارة الغامضة إلى دعم جهود أوكرانيا للحصول على الضمانات الأمنية، فإن كييف كانت تأمل فى التزامات أكثر صراحةً، خاصة مع دخول الحرب عامها الرابع.

هذا الغموض يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى جدية واشنطن فى توفير الحماية الفعلية، أم أن الهدف الرئيسى هو تحقيق مكاسب اقتصادية على حساب مصالح حليفها.

أوكرانيا تملك احتياطيات هائلة من المعادن الحيوية مثل التيتانيوم والليثيوم والمعادن الأرضية النادرة. هذه الثروات تجعلها مطمعًا لأمريكا بكل تأكيد، لكن تحويل جزء كبير من هذه الثروات إلى صندوق تسيطر عليه الولايات المتحدة يُضعف قدرة أوكرانيا على الاستثمار فى إعادة الإعمار والتنمية الداخلية.

ورغم المبالغة فى تقدير قيمة الموارد الأوكرانية، كما يرى بعض الخبراء، فإن هذه الثروات تبقى أداة تفاوضية حيوية لأوكرانيا. هذا الاتفاق، إن تم تنفيذه، قد يضع أوكرانيا فى موقع التبعية طويلة الأمد لواشنطن، ما قد يحدّ من استقلالية قراراتها المستقبلية، بل قد يجعلها ذراعًا من أذرعها فى آسيا وأوروبا.

فقط بقى لى أن أحذر مجددًا من أن نهج ترامب فى غزة هو نفس نهجه فى أوكرانيا. هو يريد الاستفادة بشكل عام، كما يريد لحليفته إسرائيل أن تستفيد. لكن هل سيسمح العرب بصفقة أخرى على هذه الشاكلة؟. أتمنى أن يأتى الرد فى القمة العربية، التى تستضيفها القاهرة خلال الأيام القادمة، وأن يكون الرد قويًّا برفض أى صفقات تحول موارد غزة وشعبها إلى سلعة للضغط.

arabstoday

GMT 01:09 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

«مقاومة»... لكنها لا تقاوم

GMT 01:07 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

ركائز ألمانيا الخمس المهتزة

GMT 01:04 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

قارة الديمقراطية في قبضة اليمين المتطرف!

GMT 01:00 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

هل يسير ترمب وفق «مشروع 2025»؟!

GMT 00:59 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

حطب الحرب على نار الصراع الطويل

GMT 00:57 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

قيصر السوري درامياً... ممكن؟!

GMT 00:56 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

رياح معاكسة

GMT 00:54 2025 السبت ,01 آذار/ مارس

ميرتس... بين مطرقة بوتين وسندان ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموارد مقابل الحماية الموارد مقابل الحماية



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:28 2025 الخميس ,27 شباط / فبراير

السودان... ماذا بعد «الوثيقة المعدَّلة»؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab