فن استغلال الفوضى

فن استغلال الفوضى

فن استغلال الفوضى

 العرب اليوم -

فن استغلال الفوضى

بقلم : عبد اللطيف المناوي

منذ ظهوره على الساحة السياسية، تبنّى دونالد ترامب أسلوبًا غير تقليدى فى الحكم يعتمد على المفاجآت السريعة والتصريحات المثيرة، وهو ما يمكن وصفه بسياسة «إطلاق النار السريع». هذه الاستراتيجية تقوم على إغراق الرأى العام ووسائل الإعلام بسيل من القرارات الصادمة والمقترحات غير المتوقعة، مما يؤدى إلى تشتيت الانتباه، وخلق حالة من الفوضى السياسية، بينما يعمل هو بهدوء على إعادة تشكيل أسس الإدارة الأمريكية. التقط هذه الملاحظة الكاتب الإسرائيلى اوريل داسكال، موقع والا الإسرائيلى، والحقيقة أن التركيز فى سلوك ترامب يؤكد هذه الملاحظة.

تقوم هذه الاستراتيجية على مبدأ بسيط لكنه فعّال: كلما زادت كمية الأخبار المثيرة، قلّ تركيز الناس على قضية واحدة. ترامب لا يمنح خصومه فرصة لاستجماع قواهم أو لتطوير استراتيجية مضادة، فهو دائمًا يسبقهم بخطوة، سواء عبر تصريحات مفاجئة أو قرارات تنفيذية جريئة.

على سبيل المثال، طرح ترامب مقترحات غير مسبوقة، مثل ضم كندا إلى الولايات المتحدة، والاستيلاء على جرينادا، والتدخل فى خليج بنما، وصولًا إلى اقتراحه الأخير بالسيطرة على غزة وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط». كل هذه الأفكار، وإن بدت أحيانًا غير قابلة للتنفيذ، إلا أنها تخلق موجة من الجدل والإرباك، مما يسمح له بالمضى قدمًا فى خطط أخرى أيضا صادمة.

لا ينظر ترامب إلى الحكم على أنه عمل إدارى تقليدى، بل كأنه عرض مستمر يجب أن يحافظ على إثارته. يحرص على البقاء فى مركز الأحداث، حتى لو كان ذلك يعنى افتعال أزمات أو إثارة قضايا غير منطقية. فبدلًا من إدارة الدولة وفق خطط واضحة ومستقرة، يفضل ترامب خلق أجواء من الفوضى، حيث يكون هو وحده القادر على التحكم بخيوط اللعبة.

هذه الفوضى ليست عشوائية، بل يبدو أنها مدروسة بعناية. ففى اللحظة التى ينشغل فيها الإعلام بقرار مثير مثل إرسال قوات إلى غزة، يكون فريقه يعمل بصمت على تغيير سياسات داخلية مهمة، مثل إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية أو تعديل قوانين الهجرة أو تقليص صلاحيات الكونجرس. وهكذا، عندما يعود الرأى العام للتركيز على القضايا الجوهرية، يكون الواقع قد تغير بالفعل. قد يبدو ترامب أحيانًا وكأنه يتصرف بعشوائية، لكن الواقع أن لديه رؤية واضحة: إعادة تشكيل النظام السياسى والاقتصادى الأمريكى وفق معاييره الخاصة. هو يسعى إلى تقليص البيروقراطية، وتوسيع صلاحيات الرئيس، وتقليص الاعتماد على التحالفات الدولية التقليدية، وفرض نهج قومى متطرف تحت شعار «أمريكا أولًا».

ولتحقيق ذلك، يستخدم استراتيجية «إطلاق النار السريع»، حيث يطلق عشرات المبادرات والأفكار غير المتوقعة، مما يجعل من المستحيل على المعارضة التركيز على قضية واحدة وإيقافه. وبينما ينشغل الجميع بتفسير تصريحاته المتقلبة، يكون هو قد أحدث تغييرات جذرية فى هيكل السلطة.

فى عالم السياسة، تعد الفوضى أحيانًا أداة قوية، وترامب أتقن استخدامها ببراعة. سواء كانت خططه قابلة للتنفيذ أم مجرد مناورات.

arabstoday

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:48 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

قفزات عسكرية ومدنية

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فن استغلال الفوضى فن استغلال الفوضى



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 العرب اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 20:28 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

أخطاء شائعة في تنظيف المرايا تُفسد بريقها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab