بقلم : عبد اللطيف المناوي
وصلنا إلى المرحلة التى أصبح فيها التوصل إلى حل، أى حل، لوقف إطلاق النار فى لبنان- لا نتحدث عن غزة الآن كما تلاحظون- هو إنجازًا يسعى إليه كثير من الأطراف اللبنانية والعربية والدولية. وأصبح التفضّل الإسرائيلى، تحديدًا نتنياهو، بالقبول بأى مبادرة هو الغاية. وكما وصفت إحدى القنوات التلفزيونية، فإن منسوب التفاؤل يرتفع وينخفض، بينما علّق أحد المتحدثين بأن الشعور السائد الآن فى لبنان هو حالة من «التشاؤل» أى مزيج من التشاؤم والتفاؤل!.
مبادرات عديدة تم طرحها منذ بدأ الاعتداء الإسرائيلى على لبنان ولم تحظ أى منها بالموافقة. مؤخرًا طرحت الولايات المتحدة مبادرة جديدة تهدف إلى تهدئة الأوضاع فى لبنان، بالتنسيق مع الأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية والعربية. المبادرة تركز على وقف فورى لإطلاق النار يشمل ضمانات بعدم التصعيد من الأطراف كافة، مع توفير مساعدات إنسانية عاجلة للمناطق المتضررة فى جنوب لبنان.
وفقًا لمصادر دبلوماسية، تتضمن المبادرة خطوات رئيسية مثل إنشاء منطقة آمنة تحت إشراف قوات اليونيفيل (القوة المؤقتة التابعة للأمم المتحدة)، وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى المدنيين، خاصة فى المناطق الأكثر تضررًا جراء القصف.
رغم ما تبدو عليه المبادرة من أهمية، إلا أن العقبات كثيرة. أولها يتعلق بالموقف الإسرائيلى الذى يشترط وقف جميع الأنشطة العسكرية لحزب الله فى المناطق الحدودية، وتفكيك شبكة الأنفاق التى يعتبرها تهديدًا مباشرًا. من جهة أخرى، يصر حزب الله على أن أى وقف لإطلاق النار يجب أن يشمل رفع الحصار الإسرائيلى البحرى والجوى المفروض على لبنان، وهو مطلب تعارضه إسرائيل بشكل قاطع.
هناك حالة من الانقسام داخل لبنان حول كيفية التعاطى مع هذه المبادرة. بينما يرحب بها البعض باعتبارها خطوة نحو التهدئة، ترى أطراف أخرى أنها محاولة للالتفاف على قضايا جوهرية تتعلق بالسيادة الوطنية والصراع مع إسرائيل.
تلعب الدول العربية، خصوصًا مصر، دورًا محوريًا فى تقريب وجهات النظر بين الأطراف. أما على الصعيد الدولى، فإن فرنسا وألمانيا تدعمان المبادرة الأمريكية، مع الإشارة إلى ضرورة ضمان الاستقرار طويل الأمد فى لبنان، وليس مجرد تهدئة مؤقتة.
الأمم المتحدة بدورها تحاول حشد الدعم الدولى لتأمين تمويل إضافى لقوات اليونيفيل، التى يُتوقع أن يكون لها دور رئيسى فى مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار.
يبقى السؤال حول مدى إمكانية تحقيق هذه المبادرة لنتائج ملموسة. يرى مراقبون أن لبنان، الذى يواجه أزمات اقتصادية وسياسية حادة، لا يستطيع تحمل استمرار التصعيد العسكرى لفترة أطول. ومع ذلك، فإن نجاح المبادرة الأمريكية يعتمد على تقديم تنازلات من جميع الأطراف، وهو أمر يبدو صعبًا فى ظل تشبث كل طرف بمطالبه.
حالة «التشاؤل» التى تسود لبنان الآن تعكس واقعًا معقدًا، حيث يختلط الأمل بوقف التصعيد مع الشكوك فى إمكانية تحقيق سلام دائم فى المنطقة.