بقلم : عبد اللطيف المناوي
يُعدّ كتاب «مختبر فلسطين.. كيف تُصدِّر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم»، للصحفى الأسترالى اليهودى أنتونى لونشتاين، من أبرز الكتب التى تُسلط الضوء على تأثير الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين وتصديره تقنياته إلى العالم. الكتاب- الصادر بالإنجليزية، عن دار «فيرسو بوكس»، وترجمته حديثًا الدار العربية للعلوم إلى العربية- يقدم تحقيقًا استقصائيًّا معمّقًا مدعّمًا بالإحصائيات والأدلة.
يُبرز لونشتاين فى كتابه كيف أصبحت تقنيات الاحتلال الإسرائيلى مختبرًا لتجريب وسائل القمع فى فلسطين، ثم تسويقها للعالم. بدءًا من تجارة الأسلحة، وصولًا إلى التقنيات الإلكترونية، تُظهر إسرائيل كيف تُستخدم معاناة الفلسطينيين كأداة دعائية لجذب المشترين الدوليين. ما يميز الكتاب هو أن مؤلفه ينتمى إلى خلفية يهودية وصهيونية، لكنه أبدى معارضة واضحة للسياسات الإسرائيلية، بعد إدراكه الطبيعة العنصرية والصهيونية المتطرفة التى تمارسها إسرائيل منذ تأسيسها.
ينقل الكتاب تجربة لونشتاين الشخصية التى نشأت فى بيئة يهودية ليبرالية بأستراليا، وكيف تحوّل من تأييد إسرائيل إلى انتقاد ممارساتها. يوضح الكاتب أن العنصرية ضد الفلسطينيين كانت دائمًا جزءًا من السرد الصهيونى، حيث يتم تبرير جميع الانتهاكات تحت ذريعة حماية اليهود من «الخطر الفلسطينى».
يرى لونشتاين أن إسرائيل تحولت إلى دولة فصل عنصرى بشكل صريح، وهو أمر أكدته تقارير ودراسات عدة. يُبرز الكتاب كيف تستخدم إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية كمختبر لتجريب تقنيات القمع، ومن ثَمَّ تصديرها إلى دول عدة، مثل جواتيمالا وكولومبيا، لدعم الأنظمة القمعية.
يشير المؤلف إلى أن الاحتلال الإسرائيلى ليس مجرد نزاع سياسى، بل هو مشروع اقتصادى يعتمد على تسويق الأسلحة التى «تم اختبارها فى الميدان». يؤكد أن الحروب فى غزة، على سبيل المثال، ليست فقط لاستهداف الفلسطينيين، بل للترويج للأسلحة الإسرائيلية فى السوق العالمية.
يتحدث الكتاب عن محاولات إسرائيل لتدمير التراث الفلسطينى، بدءًا من محو القرى العربية وصولًا إلى سرقة الوثائق والسجلات التى توثق الوجود الفلسطينى قبل 1948، يربط لونشتاين بين هذه السياسات وبين رغبة إسرائيل فى القضاء على الهوية الفلسطينية.
ينقل لونشتاين رؤية المفكرين، مثل إدوارد سعيد ونعوم تشومسكى، الذين اعتبروا الصهيونية مشروعًا استيطانيًّا عنصريًّا. ويرى المؤلف أن إسرائيل تُظهر وجهها الحقيقى كدولة قمعية استعمارية تسعى للهيمنة العرقية.
يُعد الكتاب شهادة جريئة من صحفى يهودى ينتمى لجيل أصبح أشد وعيًا بممارسات الاحتلال الإسرائيلى، مما يجعله وثيقة مهمة لفهم الدور الإسرائيلى فى العالم.