بقلم : عبد اللطيف المناوي
تجددت المناوشات والاشتباكات العسكرية بين الهند وباكستان خلال الأسبوع الماضى، وكالعادة تحدث هذه الاشتباكات فى إقليم كشمير، ما ينذر بتصعيد عسكرى ودبلوماسى أكبر بين البلدين النوويين، ورغم أن هذا النزاع يدور فى منطقة جنوب آسيا، إلا أن تداعياته تتجاوز الحدود، وقد تصل إلى منطقة الشرق الأوسط، بل وتمسّ الاستقرار العالمى برمّته.
إن باكستان ترتبط بعلاقات استراتيجية قوية مع عدد من دول الخليج العربى، التى طالما كانت داعمة لها على المستويات الاقتصادية والسياسية، وفى المقابل، طورت الهند شراكات وثيقة مع دول أخرى فى المنطقة، لتعزيز تعاونها العسكرى والتكنولوجى. لذا فإن أى تصعيد قوى بين الهند وباكستان، قد يضع هذه الدول فى مواقف دبلوماسية حرجة، ما يؤدى إلى اضطرابات سياسية إضافية فى الشرق الأوسط، تضاف إلى أزماتها المعقدة.
هناك تأثير كذلك على أسواق الطاقة، إذ تعد منطقة الشرق الأوسط مصدرًا رئيسيًا للطاقة فى العالم، ويعتمد جزء كبير من تجارة النفط والغاز على الاستقرار الإقليمى والدولى، وبالتالى فإن النزاع بين الهند وباكستان، لا سيما حال توسع العمليات العسكرية أو تأثر طرق الملاحة البحرية، قد يرفع أسعار النفط والغاز عالميًا.
وهذا سينعكس مباشرة على الاقتصادات العربية والخليجية، وعلى الطلب العالمى للطاقة، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية فى المنطقة.
أما عالميًا، فالصراع الذى يتجدد كل فترة بين الدولتين له آثار كذلك، حيث تحرص القوى العالمية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، على توسيع نفوذها فى كل مكان بالعالم، وكل من تلك الدول لديه تحالفات مع الهند أو باكستان، وقد تستغل هذه القوى، الأزمة، لتعزيز مواقعها عبر صفقات تسليحية أو دعم سياسى، ما قد يخلق نوعًا من عسكرة المنطقة، وربما تزيد رقعة هذه العسكرة، لتؤثر على التوازن فى العالم.
فضلا على ذلك فإن النزاع بين الهند وباكستان، يعد أحد أخطر التهديدات النووية القائمة، حيث يمتلك الطرفان ترسانة نووية معتبرة، وأى خطأ فى الحسابات السياسية أو العسكرية ربما يقود إلى استخدام محدود للأسلحة النووية، ما سيكون له عواقب كارثية ليس فقط على المنطقة، بل على العالم أجمع من حيث التلوث الإشعاعى والآثار الاقتصادية والإنسانية.
ومن حيث التأثير على الاقتصاد، فإن الاضطراب الذى قد يصيب قوى نامية كبرى مثل الهند وباكستان، سوف ينعكس بالسلب على الأسواق الناشئة فى العالم، وقد يفاقم المخاطر التى يواجهها الاقتصاد العالمى، الذى يعانى أصلًا من أزمات متتالية.
تأتى الأزمة فى الهند وباكستان فى وقت حرج، حيث يواجه العالم صراعات أخرى، أبرزها الحرب فى أوكرانيا وحرب الإبادة التى تشنها إسرائيل فى قطاع غزة، وهذا التزاحم فى النزاعات قد يضعف قدرة المجتمع الدولى على التدخل الفعال، ما يسمح بزيادة التصعيد دون وجود قوة ضاغطة حقيقية على الطرفين؛ ولهذا فإن الحرب قد تتسع، وتهديداتها قد تتجاوز الحدود.