كارتر

كارتر

كارتر

 العرب اليوم -

كارتر

بقلم : عبد اللطيف المناوي

رحل، بالأمس، جيمى كارتر، الرئيس الأمريكى التاسع والثلاثون، الذى كان يُنظر إليه على نطاق واسع كواحد من أكثر الرؤساء تواضعًا وأخلاقية فى التاريخ الأمريكى الحديث.

كان كارتر، المزارع الجورجى الذى انطلق من بلدته الصغيرة بلينز إلى البيت الأبيض، شخصية مثيرة للإعجاب والجدل فى آنٍ واحد، فرغم وصوله إلى البيت الأبيض رئيسًا لأكبر وأهم دولة فى العالم، فإن أثره تجاوز حدود قدراته السياسية الحقيقية، تاركًا إرثًا أثار الإعجاب والتساؤل معًا، ولاسيما فى إخفاقه فى الفوز بولاية ثانية أمام رونالد ريجان.

نعم، رئاسة كارتر كانت استثنائية بسبب نجاحاته فى بعض الملفات، لكن فترته كذلك امتزج فيها كثير من التحديات، التى عكست شخصيته ذات القدرات المحدودة سياسيًّا. وأظن أن ذلك كان بسبب موقفه العقائدى، فكان يدمج تدينه بمواقفه السياسية بشكل جعل قراراته تبدو أحيانًا أكثر انحيازًا من أن تتناسب مع واقع السياسة المعقدة.

كان إرث كارتر فى السياسة الخارجية مزدوجًا.. فمن ناحية، حقق إنجازات بارزة كرعايته لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وكذلك تأسيس العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع الصين، ومعاهدات قناة بنما.. لكن الأمور من ناحية أخرى انتهت بفشل كبير فى أزمة الرهائن بإيران، والتى أثبتت ضعفًا كارثيًّا فى أدائه، إذ هيمنت على العام الأخير من رئاسته، وكشفت افتقاره إلى الحزم فى مواجهة الأزمات المعقدة، وهى بالتأكيد ما أدت إلى هزيمته الانتخابية الساحقة أمام رونالد ريجان عام ١٩٨٠، كما تركت انطباعًا بأن كارتر كان رجلًا محدودًا فى حل الأزمات الكبرى.

على الصعيد الداخلى، كانت إنجازات كارتر ملحوظة، لكنها متواضعة مقارنة بطموحاته، فقد أطلق سياسات طاقة وطنية جريئة، وحرر قطاعات النقل والشحن الجوى، ووسع نظام المتنزهات الوطنية بشكل لافت، لكنه لم يتمكن من السيطرة على التضخم الجامح ولا البطالة، وهما العاملان اللذان أرهقا الاقتصاد الأمريكى فى تلك الفترة، قبل رئاسة ريجان.

ما يميز كارتر حقًّا هو ما حققه بعد الرئاسة، فقد أعاد تعريف دوره رئيسًا سابقًا، وحوّل حياته إلى منصة عالمية للدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز السلام. حصل على جائزة نوبل للسلام تكريمًا لجهوده فى حل النزاعات الدولية والقضاء على الأمراض وبناء المنازل للمحتاجين. حتى فى سنواته الأخيرة، استمر فى العمل على القضايا الإنسانية، ما جعل فترة ما بعد الرئاسة أكثر إلهامًا ونجاحًا من فترة وجوده فى البيت الأبيض.

أمس، رحل كارتر عن مائة عام، ليبقى فى أذهان المتابعين والدارسين شخصية سياسية تجاوز تأثيرها حدود قدراتها، فلم يكن كارتر أعظم السياسيين فى أمريكا، ولم يكن الأكثر كفاءة بين رؤسائها، لكننا سنتذكر جيدًا أثره الباقى، ونتأمل فى رحلته، التى أثبتت أن الأثر الحقيقى للقادة قد يتجلى بشكل أعمق وأكثر استمرارية فى النجاحات التى يحققونها بعد ترك المناصب.

arabstoday

GMT 09:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 09:38 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لماذا يتفوق العلم؟

GMT 09:36 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

رمزان من القوى الناعمة فى مصر

GMT 09:35 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أغانى المهرجانات التى نتعالى عليها!!!

GMT 09:33 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

صور متخيلة لعالم وهو ينتقل من عام إلى آخر

GMT 09:31 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 09:28 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

كليوباترا وسفراء دول العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارتر كارتر



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:58 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب
 العرب اليوم - نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab