بقلم : عبد اللطيف المناوي
وسط القلق والتوتر الذين تتسم بهما العلاقات الأمريكية مع العالم بأسره تقريبًا، منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، اعتبر نائب الرئيس الأمريكى، جاى دى فانس، فى افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن، أن «حرية التعبير فى تراجع» فى أوروبا!.
وقال دى فانس إن إدارة ترامب ستكافح من أجل الدفاع عن حرية التعبير، مضيفا أن فى واشنطن (شريفًا) جديدًا فى المدينة.
مقولة دى فانس بلاغية بكل تأكيد، وهو معروف عنه بلاغته وتلاعبه الرائع بالكلمات، إلا أن الواضح أنه يشبه رئيسه تمامًا فى مسألة إنكار الحقائق وقلبها رأسًا على عقب.
فاجأ دى فانس الحضور بتخصيص الجزء الأكبر من خطابه لانتقاد الدول الأوروبية بسبب تراجع حرية التعبير، وخص بالذكر بريطانيا بالمناسبة صاحبة التجربة البرلمانية الأقدم والأهم فى العالم، كما خص بالذكر كذلك رومانيا لأن المحكمة الدستورية بها ألغت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بسبب تصدر مرشح يمينى متطرف، وهو كالين جورجيسكو!.
كلمة دى فانس كانت أشبه بمشهد سينمائى، لا سيما أنه يشبه فعلا الشخصيات السينمائية، حيث هاجم المجتمعات الأوروبية كافة تقريبًا باعتبارها مجتمعات ضد حرية الرأى والتعبير، بينما رد عليه وزير الدفاع الألمانى بوريس بيستوريوس، الذى اعتبر أن انتقاداته للديمقراطية وحرية التعبير فى أوروبا (غير مقبولة). ولأن المشهد السينمائى لا بد أن يكتمل فإن دى فانس التقى بعد كلمته النارية التى وبخ فيها أوروبا، بزعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المتطرف أليس فايدل، وذلك قبل أيام من الانتخابات الألمانية.
ترامب استطاع ببراعة أن يكتسب ضيق البلاد العربية بموقفه الداعم لتهجير سكان غزة، وطريقته فى التعامل مع المسألة، كما استطاع أن يكتسب عداوة البلاد التى فرض عليها تعريفات جمركية غير منطقية، وها هو رجله الثانى ونائبه دى فانس يهاجم ديمقراطيات راسخة فى أوروبا، بل ويدافع عن مواقف أحزاب يمينية متطرفة، فضلا على أن إيلون ماسك الرجل المقرب من ترامب زعم أن حزب البديل المتطرف الألمانى هو القادر على إنقاذ البلاد، بل ووصف المستشار الألمانى شولتز بالأحمق!.
كل هذا يؤكد المثل الشعبى المصرى العبقرى القائل من شابه أباه فما ظلم، أو فى حالة ترامب فإن من شابه رئيسه فما ظلم!.
قال وزير الدفاع الألمانى بوريس بيستوريوس فى مؤتمر ميونخ للأمن، إن كلمة نائب رئيس الولايات المتحدة أمام مؤتمر ميونخ للأمن غير مقبولة.
أضاف بيستوريوس «إنه لن يكون هناك سلام فى أوروبا دون أوكرانيا قوية»، مؤكدا أنه «يجب أن تتفاوض أوكرانيا من موقع قوة وألمانيا ستواصل دعمها لكييف». أشار بيستوريوس: «علينا ألا نترك أوكرانيا وحيدة، والسلام الهش الذى سيفتح الباب أمام حرب أخرى ليس خيارا».
أكد بيستوريوس أن «الولايات المتحدة تضغط على أوكرانيا لوقف الحرب والقرارات التى نتخذها الآن ستحدد مستقبلنا»، مشيرا إلى أن الديمقراطية يجب أن تدافع عن نفسها ضد من يريد تدميرها.