بقلم : عبد اللطيف المناوي
السؤال حول ما إذا كانت إيران تسعى بالفعل إلى تطوير أسلحة نووية يظل أحد أكثر القضايا إثارة للجدل فى السياسة الدولية. يعتمد الجدل على مزيج من الأدلة التقنية، والتصريحات السياسية، والتقييمات الاستراتيجية. وهنا نحاول الشرح المجرد. تنفى إيران بشكل مستمر أنها تسعى لتطوير أسلحة نووية، مؤكدة أن برنامجها النووى مخصص فقط للأغراض السلمية، مثل توليد الطاقة والبحث الطبى. يدعم هذا الادعاء عضوية إيران فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، التى وقعتها عام 1968. تمنح المعاهدة إيران الحق فى تطوير الطاقة النووية السلمية، لكنها تحظر تطوير أسلحة نووية.
ومع ذلك، تتهم دول غربية، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، إيران بالسعى لتطوير برنامج سرى للأسلحة النووية. وتشمل الأدلة على ذلك ما تم رصده من أنشطة سابقة، حيث أشار تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) فى عام 2011 إلى أن إيران كانت منخرطة فى أنشطة تتعلق بتطوير جهاز نووى قبل عام 2003. كما أن إيران خصبت اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60٪، وهى نسبة أعلى بكثير من الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووى لعام 2015 (3.67٪). وعلى الرغم من أن نسبة 60٪ أقل من النسبة المطلوبة لصنع الأسلحة (90٪)، فإنها تثير القلق. وكان تقييد وصول المفتشين إلى بعض منشآتها النووية مثيرًا للمخاوف بشأن وجود أنشطة غير معلنة.
لماذا قد تسعى إيران لتطوير أسلحة نووية؟ هذا هو السؤال.
إذا كانت إيران تسعى لتطوير أسلحة نووية، فإن هناك أسبابًا استراتيجية وجيوسياسية قد تفسر دوافعها. منها الردع، حيث تعتقد إيران أنها مهددة من دول محيطة معادية، لذلك قد ترى فى السلاح النووى وسيلة للردع. كذلك من أهداف إيران بسط نفوذها إقليميًّا. ويعزز امتلاك إيران للسلاح النووى مكانتها كقوة مهيمنة فى الشرق الأوسط.
أما استراتيجية البقاء فإنها عامل مهم فى العقلية الإيرانية، قد ينظر النظام الإيرانى إلى السلاح النووى كضمان ضد أى محاولات لتغيير النظام، مستشهدًا بمصير دول غير نووية مثل العراق وليبيا. أيضًا يمثل البرنامج النووى مصدر فخر قوميًا وإنجازًا تقنيًّا يعزز شرعية النظام الذى يعانى داخليًا.
إذا كانت إيران تسعى لتطوير أسلحة نووية، فإنها تواجه عدة عقبات رئيسية منها الضغط الدولى الرافض والمحاصر للرغبة الإيرانية. الاتفاق النووى لعام 2015 والعقوبات الدولية صُمما لتقييد البرنامج النووى الإيرانى. ورغم انهيار الاتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، لا تزال المفاوضات مستمرة لإحيائه.
وكذلك الضربات العسكرية الإسرائيلية. وقد حذرت مرارًا من أنها لن تسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية. يضاف لذلك العقوبات الاقتصادية والاضطرابات الداخلية.
لا يزال المجتمع الدولى منقسمًا بشأن كيفية التعامل مع هذه القضية، بين الدعوة للدبلوماسية والمطالبة بالاحتواء أو العمل العسكرى. ستحدد نتائج تفاعلات الشرق الأوسط المستقبل المحتمل للبرنامج النووى الإيرانى.