بقلم : عبد اللطيف المناوي
أيام، ويدخل دونالد ترامب البيت الأبيض. أيام، وتنتهى التنبؤات حول ما سيفعله الرئيس المنتخب مؤخرًا فى كثير من الملفات.
ولكن أبرز الملفات التى كثرت حولها التنبؤات هو الملف الإيرانى. دعنا نتفق فى البداية أن ترامب من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه أو بسياساته. والمرحلة السابقة من ولايته أكدت ذلك. لكن فى هذه المرة المؤشرات تبدو أوضح كثيرًا، حيث اختار ترامب مرشحين لمناصب الأمن القومى الرئيسية مؤمنين أشد الإيمان بضرورة اتخاذ مواقف متشددة تجاه إيران.
مثلًا، ماركو روبيو، المرشح الذى اختاره ترامب لمنصب وزير الخارجية، وصف النظام فى طهران بأنه نظام إرهابى، ودعا إسرائيل إلى مهاجمته.
الغريب أن هذه التصريحات جاءت بعدما اعتبره السياسيون الأمريكان انفراجة فى العلاقات بين الجانبين، وذلك إثر تسريب أنباء لاجتماع عقده فريق محسوب على ترامب مع ممثلين للنظام الإيرانى بعد أيام قليلة من إعلان فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية.
أنا من المؤمنين بأن ترامب فعلًا شخص لا تتوقعه، ولا تتوقع مواقفه أو سياساته، فقد أكد ترامب، أكثر من مرة، سواء خلال ولايته الأولى أو فى حملته الرئاسية الأخيرة، أنه لا مصلحة له فى تغيير النظام فى إيران، كما أوضح أنه مستعد للتحدث مع طهران دون شروط مسبقة، وأن إيران يمكن أن تزدهر فى ظل قيادتها الحالية.
طهران كذلك سارعت بالترحيب بمجىء ترامب، وذلك على لسان نائب الرئيس الإيرانى للشؤون الاستراتيجية، جواد ظريف، الذى كاد يحتفل بفوز ترامب بوصفه علامة على رفض الناخبين الأمريكيين لعام مخزٍ من التواطؤ الأمريكى مع الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة والمذابح فى لبنان، كما طلب من ترامب الوقوف ضد الحرب كما تعهد، والمساعدة فى إنهاء الحروب ومنع نشوب حروب جديدة.
لكن بكل تأكيد ترامب هو أكبر مناصرى نتنياهو، الذى دعا، فى رسالة مصورة بالفيديو، إلى الإطاحة بحكم المرشد الأعلى، على خامنئى، وقد ذهب بيبى فى هذه الرسالة ربما إلى أبعد مما ذهب إليه فى أى وقت مضى، حتى إنه كرر شعار المتظاهرين الإيرانيين فى ٢٠٢٢- ٢٠٢٣ (المرأة، الحياة، الحرية) باللغة الفارسية، وذلك كما قيل بإيعاز من ترامب أو فريقه.
إذن لو حاولنا الإجابة عن السؤال الأهم: ما موقف ترامب من إيران؟، فلا شك أن أولى نقاط الإجابة ستكون إسرائيل. وعام ٢٠٢٤ الذى يودعنا غدًا شهد أولى ضربات مباشرة بين الطرفين (تل أبيب وطهران)، بعد سنوات من الحروب بالوكالة أو فى الخفاء، فهل تستمر تلك الضربات فى عهد ترامب؟. هذا بالتأكيد سؤال مطروح.
أما ثانية النقاط فتتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى، ومن المرجح أن تبدأ واشنطن فى عهد ترامب بإعادة سياسة الضغط القصوى على إيران، ولكن مَن سيستجيب فى النهاية؟. سنرى بالتأكيد خلال فترة وجيزة.