بقلم : عبد اللطيف المناوي
عُقدت القمة العربية الطارئة فى القاهرة منذ يومين تحت عنوان «قمة فلسطين»، بهدف بحث سبل إعادة إعمار قطاع غزة والتعامل مع التداعيات المستمرة للحرب هناك. وقد شهدت القمة موقفًا عربيًا موحدًا ضد محاولات تهجير الفلسطينيين، مع التركيز على حل الدولتين كمسار أساسى لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة.
أبرز مخرجات القمة تمثلت فى اعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتى تمتد على مدار خمس سنوات بتكلفة تُقدّر بـ ٥٣ مليار دولار. وترتكز الخطة على إعادة بناء البنية التحتية وإيجاد حلول سكنية للنازحين داخل القطاع، مع تمكين السلطة الفلسطينية من الحكم، وإبعاد حركة «حماس». كذلك شملت تشكيل «لجنة إدارة غزة»، وهى هيئة غير فصائلية تتكون من ١٥ شخصية فلسطينية تكنوقراطية لإدارة الأمور اليومية فى الأشهر الستة الأولى من التعافى المبكر. وتنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل، تبدأ أولًا بإزالة الأنقاض وإنشاء سكن مؤقت لنحو ١.٥ مليون فلسطينى، ثم الانتقال إلى بناء وحدات سكنية جديدة، ومطار، وميناء، ومشروعات اقتصادية وسياحية. وفى المرحلة الأخيرة، تسعى الخطة إلى تمهيد الطريق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة من خلال مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت إشراف دولى.
وتواجه الخطة تحديات كبيرة، إذ أبدت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تحفظات حول الجوانب الأمنية والسياسية للخطة، لا سيما فيما يتعلق بشكل الحكم فى غزة ومستقبل حركة حماس. وقد أكد وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو خلال اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو دعم واشنطن الثابت لإسرائيل، متعهدًا بتسريع تسليم مساعدات عسكرية بقيمة ٤ مليارات دولار.
على جانب آخر، يروج ترامب لخطة بديلة تتضمن تهجير الفلسطينيين من غزة وتحويل القطاع إلى منطقة سياحية فاخرة، وهو ما رفضته القمة العربية بشدة. كما أثارت تصريحات المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، القلق بشأن اشتراطات إسرائيلية ترفض أى دور لحركة حماس فى المستقبل، وتطالب بنزع سلاحها كشرط مسبق لإعادة الإعمار، وهو ما ترفضه الحركة وتعتبره «خطًا أحمر».
ورغم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، تمتلك الدول العربية أدوات ضغط يمكن توظيفها لدعم الخطة المصرية، من بينها العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل واتفاقات التطبيع التى وُقِّعت فى السنوات الأخيرة. ويشير المحللون إلى أن تقديم رؤية متكاملة تغرى واشنطن بمشاركة الشركات الأمريكية فى مشروعات إعادة الإعمار وربطها بمسار تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل قد يدفع ترامب لدعم الحل العربى.
كما أن استغلال الغضب الشعبى داخل إسرائيل بسبب استمرار احتجاز الرهائن، وضغط الرأى العام الأمريكى، قد يدفع إدارة ترامب إلى إعادة النظر فى دعمها غير المشروط لإسرائيل.
فى ختام القمة، أعلن الرئيس السيسى أن القاهرة ستستضيف مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار غزة فى أبريل، بهدف تأمين التمويل اللازم وتنظيم مساهمات الدول المانحة، ويُنظر إلى هذا المؤتمر باعتباره اختبارًا لقدرة العرب على حشد الدعم الدولى لمشروع إعادة الإعمار، فهل ينجح العرب فى ذلك؟.