بقلم : عبد اللطيف المناوي
«من يمكنه إخراج السودان من أزمته؟».. هذا هو سؤال المرحلة. هل هى القوات المسلحة التى تعتبر نفسها القوة الشرعية فى البلاد، أم قوات الدعم السريع التى تعتبر نفسها القوة الموازية والتى أتت لإنقاذ السودان وأهله، أم قوة أخرى ليست محلية بالتأكيد، يمكن أن تلعب دور الدافع والضامن للحل؟.. سيكون من المناسب استعراض القوى المختلفة وسيناريوهات الخروج من النفق الذى يعيشه السودان.
القوات المسلحة السودانية هى القوة التقليدية تاريخيًا، لطالما لعب الجيش دورًا مهيمنًا فى السياسة السودانية، حيث تدخل مرارًا فى الحكم المدنى من خلال الانقلابات. وبينما يصوّر نفسه كحامٍ لسيادة السودان، فإن جزءًا ملحوظًا من تاريخه ملىء بالفساد وسوء الإدارة والانتهاكات الحقوقية.
رغم ذلك، فله من المميزات التى تُرجّح كِفَّته وقت الاختيار بين أكثر من قوة، لديه الخبرة والتنظيم، يمتلك الجيش بنية هرمية وقدرة تشغيلية للحفاظ على النظام، كما يحظى بالاعتراف الدولى.. رغم كل ما مر به السودان وتورط فيه الجيش فإنه ما زال يحتفظ ببعض الشرعية بين الأطراف الإقليمية والدولية التى تعتبره الجهة العسكرية «الرسمية». ويرى البعض أن الجيش أقل ضررًا مقارنة بقوات الدعم السريع.
تحديات الجيش متعددة للقبول به كحل كامل.. أهمها فقدان ثقة الجمهور بعد عقود من الحكم الاستبدادى والقمع، فقد نفّرت قطاعات واسعة من الشعب منه.
أيضًا يعانى الجيش من الفصائلية ويتعرض لانقسامات داخلية، هذا الأمر كفيل بإضعاف قدرته على الحكم بفاعلية.
لا يمكن أيضًا إغفال المعارضة المدنية التى ترى الجيش عقبة أمام الانتقال الديمقراطى والإصلاح.
القوة الأخرى الموازية للجيش هى قوات الدعم السريع، التى تتمتع بنفوذ كبير بفضل هيكلها اللامركزى ومواردها الاقتصادية وتكتيكاتها العنيفة. وقد حاول قائدها «حميدتى» تصوير قواته كقوة شعبية تدافع عن المجتمعات المهمشة، خاصة فى دارفور.
تتمتع قوات الدعم السريع بمميزات أخرى أهمها- كما ثبت على الأرض- المرونة والموارد، حيث تتيح الهيكلية اللامركزية لقوات الدعم السريع الاحتفاظ بوجود قوى فى مختلف مناطق السودان، كما تمتلك دعم المجتمعات المهمشة: فى مناطق مثل دارفور.
نجحت قوات الدعم السريع فى كسب التأييد عبر تصوير نفسها بديلًا للنخبة السياسية فى الخرطوم.. كما بنت شبكات دولية من علاقاتها التجارية مع جهات دولية عبر حضورها وسيطرتها فى قطاع التعدين وأيضًا خدمات المرتزقة.. إلا أن الأمر ليس متيسرًا بشكل كبير، حيث تواجه «الدعم السريع» تحديات مهمة؛ أهمها اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان، حيث إن تاريخ القوات فى ارتكاب الفظائع، خصوصًا فى دارفور، يقوض شرعيتها.
أيضًا تعانى غياب العمق المؤسسى، حيث تفتقر قوات الدعم السريع إلى الأطر البيروقراطية والمؤسسية اللازمة لحكم البلاد. التوترات العرقية داخل القوات هى أحد التحديات الرئيسية؛ حيث إن التركيبة العرقية لقوات الدعم السريع، التى تتألف بشكل رئيسى من ميليشيات عربية، تؤجج الانقسامات فى بلد متنوع عرقيًا مثل السودان.
ويبقى السؤال المهم: هل يمكن تحقيق السلام مع وجود الطرفين فى السلطة؟!.