التسويق السياسى للجميع

التسويق السياسى للجميع

التسويق السياسى للجميع

 العرب اليوم -

التسويق السياسى للجميع

بقلم : عبد اللطيف المناوي

 

يُعد التسويق السياسى إحدى الأدوات الحيوية التى تُستخدم فى بناء صور القادة وتعزيز شرعيتهم السياسية، سواء فى الأنظمة الديمقراطية أو السلطوية. يعتمد التسويق السياسى على استراتيجيات مدروسة بعناية تُشابه تلك المستخدمة فى التسويق التجارى، إلا أنه يركز على تشكيل «علامة سياسية» تُبرز القائد أو الحزب بشكل يضمن له التأثير والقبول الشعبى. يهدف التسويق السياسى إلى بناء صورة إيجابية أو «علامة تجارية» للقادة والأحزاب، ما يساعدهم فى كسب ثقة الجماهير. هذا المجال يستند إلى أدوات الإعلام الحديث، استطلاعات الرأى، وتحليل المزاج الشعبى. يشمل ذلك تصميم الرسائل السياسية، تحسين المظهر العام، واختيار الأسلوب الخطابى المناسب لكل شريحة من الجمهور. هذه الأدوات تطورت مع الزمن، من النقوش الحجرية فى الحضارات القديمة إلى الحملات الرقمية الحديثة. المثال الأبرز هو الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، الذى دمج بين الرسائل العاطفية والمظهر البسيط ليصل إلى قاعدة جماهيرية متنوعة، وهو ما جعله نموذجًا يُحتذى به فى التسويق السياسى الحديث.

مارجريت تاتشر، التى أصبحت «المرأة الحديدية» فى بريطانيا، وهى رئيسة الوزراء الأبرز فى تاريخ البلاد، أعادت تشكيل صورتها العامة من خلال الاستعانة بخبراء التسويق والعلاقات العامة. غيّرت مظهرها ونبرة صوتها وأسلوب تواصلها لتبدو كرئيسة قادرة على القيادة فى الأوقات العصيبة.

أيضًا فولوديمير زيلينسكى، الذى تحول من ممثل إلى قائد وطنى، استطاع استثمار أدوات الإعلام لتقديم نفسه كرمز للصمود الأوكرانى خلال الغزو الروسى، وذلك من خلال ملابسه البسيطة وخطاباته المؤثرة التى جعلته يحظى بتعاطف عالمى ودعم سياسى ودبلوماسى واسع.

وأحدث التحولات، وهو ما يهمنا فى الحقيقة، هو تحول (أبومحمد الجولانى) إلى أحمد الشرع، ويمكن اعتبار تجربته أحدث أبرز الأمثلة على التسويق السياسى فى منطقة الشرق الأوسط. التحول الذى شهده أحمد الشرع، القائد السابق لـ«هيئة تحرير الشام»، بعد أن كان رمزًا للجماعات الجهادية المتشددة، بل الإرهابية، يحاول إعادة تشكيل صورته تدريجيًّا ليحاول الظهور كقائد وطنى. ظهر فى أماكن شعبية، وارتدى ملابس مدنية، واستثمر الإعلام العالمى لتقديم نفسه كرجل المرحلة الانتقالية فى سوريا. وفقًا للخبراء، فإن هذا التحول لم يكن عشوائيًّا، بل استند إلى استراتيجيات دقيقة تعكس ما يريده الشعب السورى والدول المؤثرة فى المنطقة والعالم. وتم تدريبه تدريبًا عاليًا فيما يبدو. ورغم فعالية التسويق السياسى، فإنه ليس ضمانة أكيدة للنجاح، فالجمهور، خصوصًا فى الأنظمة الديمقراطية، يحتاج إلى أفعال ملموسة تدعم الشعارات والصور، إذ نرى- ولابد أن يرى السوريون بعد الاستفاقة من نشوة رحيل بشار الأسد- أن نجاح استراتيجيات التسويق السياسى التى يحاول إجادتها أحمد الشرع تتوقف على قدرته على تقديم حلول حقيقية للأزمات التى عاشتها البلاد خلال الفترة الماضية. ولكن ما أخشاه فى الواقع هو أن تستفيد الجماعات المتطرفة من أدوات التسويق السياسى- مثلما حاول من قبل تنظيم القاعدة، ويحاول حاليًا تنظيم داعش- والتى إن نجحت فإننا سنكون قد دخلنا مرحلة جديدة لا نعلم طبيعتها.

arabstoday

GMT 07:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 06:31 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 06:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 06:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 06:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 06:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسويق السياسى للجميع التسويق السياسى للجميع



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:17 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عبدالله بن زايد يبحث مع جدعون ساعر آخر التطورات في المنطقة
 العرب اليوم - عبدالله بن زايد يبحث مع جدعون ساعر آخر التطورات في المنطقة

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab