مفترق الطرق

مفترق الطرق

مفترق الطرق

 العرب اليوم -

مفترق الطرق

بقلم : عبد اللطيف المناوي

دخل السودان عامه الثالث من الحرب الأهلية التى اندلعت فى ١٥ إبريل ٢٠٢٣ بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وسط مشهد إنسانى كارثى وأزمة سياسية متفاقمة. لم تعد هذه الحرب مجرد نزاع مسلح بين طرفين، بل تحوّلت إلى مأساة وطنية تعصف بالبنية التحتية، وتفتك بالاقتصاد، وتبدد النسيج الاجتماعى، وتدفع بملايين السودانيين إلى هاوية المجاعة والنزوح.

رغم ما حققته القوات المسلحة مؤخرًا من تقدم ميدانى، أبرزه استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من الخرطوم، بما فى ذلك القصر الرئاسى والمطار الدولى، فإن المشهد لا يزال بعيدًا عن الحسم، فلا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على مساحات كبيرة فى الغرب، ولاسيما إقليم دارفور، حيث تحاول تثبيت وجود سياسى من خلال مشروع حكومة موازية، يفتقر إلى الدعم الشعبى والدولى.

على الصعيد الإنسانى، تبدو الكارثة أشد فداحة، فقد قُتل أكثر من ١٥٠ ألف شخص، ونزح نحو ١٣ مليونًا، بينهم أربعة ملايين فرّوا إلى خارج البلاد، ما يجعل السودان مسرحًا لأكبر أزمة نزوح فى العالم. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ٣٠ مليون سودانى، أى أكثر من نصف السكان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وفى بعض مناطق دارفور، مثل مخيم زمزم، أُعلنت المجاعة رسميًّا، وسط معدلات مقلقة من سوء التغذية الحاد وارتفاع وفيات الأطفال، كما أن الانهيار شبه الكامل فى النظام الصحى، مع تعطل أكثر من ٧٠٪ من المرافق، زاد من عمق الكارثة.

وما يزيد الأمور تعقيدًا هو الجمود السياسى الذى يخيم على المشهد، فى ظل الانقسامات الإقليمية الحادة، فمحاولات الوساطة الدولية لم تؤتِ ثمارها بعد، وكان آخرها مؤتمر لندن، الذى فشل فى التوصل إلى توافق بسبب الخلافات بين الفاعلين حول شكل الحكم.

أمام هذا المشهد، تتقاطع ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل السودان: الأول هو تحقيق انتصار عسكرى للقوات المسلحة، وهو سيناريو غير مضمون رغم التقدم الأخير، فى ظل الدعم الإقليمى الذى تتلقاه قوات الدعم السريع واستمرار قدرتها على الصمود. السيناريو الثانى يتمثل فى تسوية سياسية تفاوضية، تشمل وقفًا لإطلاق النار، وترتيبات لتقاسم السلطة ودمج القوات، بدعم من الأطراف الإقليمية والدولية. أما السيناريو الثالث، وهو الأخطر، فيكمن فى استمرار الجمود، ما يهدد بتقسيم فعلى للبلاد وتفاقم الأزمة الإنسانية.

وفى ظل هذا الوضع، تواجه الاستجابة الإنسانية تحديات كبرى، حيث تعانى جهود الإغاثة نقصًا فادحًا فى التمويل.. فالنداء الذى أطلقته الأمم المتحدة لجمع ٦ مليارات دولار لم يُلبَّ بعد، مما يُعرِّض العمليات الإنسانية لخطر التوقف فى وقت بالغ الحساسية.

هو مفترق طرق حاسم، فإما أن تنجح الجهود السياسية والدبلوماسية فى وقف دوامة العنف وإنقاذ ما تبقى من الدولة، أو يستمر النزيف نحو هاوية مفتوحة لا تهدد فقط وحدة السودان، بل تهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها.

arabstoday

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم

GMT 12:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

جدول أعمال المستقبل 2030

GMT 12:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

القاعدة العامة

GMT 12:54 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

كارثة هجرة الأطباء

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 12:42 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

انقسام العلماء

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفترق الطرق مفترق الطرق



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - محمد صبحي يهاجم ورش الكتابة وأجور الفنانين العالية

GMT 14:44 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 6.2 درجات قبالة سواحل الفلبين الجنوبية

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

وفاة البابا فرنسيس.. خسارة لقضية السلام

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 02:25 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

الاحتلال يغلق مدخل المنشية جنوب شرق بيت لحم

GMT 03:05 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ترامب يؤكد أن العملات المشفرة بحاجة إلى تنظيم

GMT 02:41 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

صفارات الإنذار تدوي في سديروت بغلاف غزة

GMT 03:03 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

تراجع مخزونات النفط في الولايات المتحدة

GMT 05:37 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab