بقلم : عبد اللطيف المناوي
أصبحت أستيقظ كل يوم وأول شىء أفعله هو البحث عن قرارات أو تصريحات ترامب التى أصدرها ونحن نيام. كل قرار أو تصريح يحمل مفاجأة، وأحيانًا يناقض القرار أو التصريح الجديد قرارًا أو تصريحًا سبق إصداره. يبدو أن إدارة ترامب الثانية تمضى بوتيرة متسارعة فى تنفيذ أجندتها، مع سلسلة من القرارات التى أثارت الجدل داخليًا وخارجيًا.
بدأ الأسبوع الثالث من ولاية ترامب الثانية بإعلان صادم حول مستقبل غزة، حيث اقترح أن (تستولى) الولايات المتحدة على القطاع، وتعيد توطين سكانه من الفلسطينيين. هذا الاقتراح أثار عاصفة من الانتقادات الدولية، لا سيما مع إصرار ترامب على أن تصبح غزة «ريفييرا الشرق الأوسط»، وبينما يصفه البعض بأنه خطوة غير واقعية، يرى آخرون أنه يعكس توجهًا جديدًا للإدارة الأمريكية فى التعامل مع الصراع الفلسطينى-الإسرائيلى.
الحقيقة هذا القرار أو التصريح الترامبى المفاجئ يأتى فى إطار خطة رسمها ترامب وصرح بها صهره فى السابق، ربما أرجأها إلى حين وصوله إلى البيت الأبيض، لكنها فى رأسه. والحقيقة أيضا أن ردود الأفعال الدولية والصادرة من فرنسا أو حتى من كوريا الشمالية تعطى انطباعًا على عدم منطقية ما يطرحه ترامب، بخصوص تهجير شعب كامل!.
الموقف المصرى كذلك، والبيانات الرافضة والمدينة بأشد عبارات الإدانة لفكرة التهجير والداعية لضرورة البدء فى عملية إعادة الإعمار، والتى تحمل منطقية كبيرة أيضًا، لهذه التصريحات، تثبت أن ما يريده ترامب، ونتنياهو بالتبعية، غير منطقى ولن يفضى إلا توسيع دائرة الصراع.
من قرارات أو تصريحات ترامب الصباحية أيضا، ما صدر عنه فى السابق من موقف حاد وصادم من وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث يدعو صراحة لإنهاء عملها، وتقييد تمويلها.
كما لا نستطيع أبدا أن نفصل قرارات ترامب الصباحية والخاصة بغزة، بكافة القرارات التى أصدرها فى شؤون أخرى، منها مثلا تقليص حجم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وتسريح آلاف الموظفين، ما أدى إلى تجميد العديد من برامج المساعدات العالمية. هذه السياسة تسببت فى اضطراب واسع النطاق بين العاملين فى المجال الإنسانى، وسط تحذيرات من تداعياتها السلبية على الجهود التنموية فى العديد من الدول.
كذلك فرضه رسومًا جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية، بينما أرجأ فرض رسوم مماثلة على كندا والمكسيك بعد أن تعهد قادتهما بتشديد إجراءات الأمن الحدودى. وفى الوقت نفسه، لم تسلم اليابان من تهديداته التجارية، إذ هدد بفرض رسوم جديدة ما لم تزد طوكيو وارداتها من الغاز الأمريكى.
بينما يواصل ترامب إصدار قراراته بوتيرة سريعة، يبقى السؤال: هل يستطيع تنفيذ كل ما وعد به دون عراقيل قانونية أو مقاومة داخلية ودولية؟ البعض يرى فى سياساته إعادة تشكيل جذرية للدور الأمريكى عالميًا، بينما يخشى آخرون أن تؤدى إلى عزلة دولية واضطرابات داخلية. فى كل الأحوال، يبدو أن متابعة قرارات ترامب اليومية ستظل نشاطًا أساسيًا لكثيرين، سواء كانوا داعمين أم معارضين.