ما بعد السنوار تساؤلات ومسارات

ما بعد السنوار.. تساؤلات ومسارات

ما بعد السنوار.. تساؤلات ومسارات

 العرب اليوم -

ما بعد السنوار تساؤلات ومسارات

بقلم : عبد الله السناوي

 

«الحرب لم تنتهِ بعد».
بدا ذلك التعبير، الذى أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو»، فى لحظة انتشاء إثر مقتل «يحيى السنوار»، رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» وقائد عملية السابع من أكتوبر (2023) ملغمًا بمسارات متناقضة قد تذهب إليها الحوادث.
«سنواصل بكل قوة حتى إعادة الأسرى».
كان ذلك شرحًا مبتسرًا لا يكشف كامل توجهاته ولا طبيعة وسائله.
فهو يعنى - من ناحية - المضى قدمًا فى الحرب على غزة، وجبهة إسنادها فى لبنان، لأهداف لم يفصح عنها، لكنها تتجاوز مسألة الأسرى إلى إعادة ترتيب المنطقة كلها، إنه مشروع حرب إقليمية يصعب استبعادها.
وهو من ناحية أخرى، لا يغلق أبوابه أمام الدعوات المتصاعدة من واشنطن وداخل إسرائيل نفسها لعقد صفقة حان وقتها يفرج بمقتضاها عن الرهائن والأسرى الإسرائيليين.
بنص تصريحاته: «هذه بداية اليوم التالى لحماس».
أى يوم تال؟! يقينا فهو لا يقصد العودة إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس» برعاية أمريكية ومصرية وقطرية عند النقطة التى توقفت عندها. إنه يطلب «النصر المطلق» للآلة العسكرية الإسرائيلية، أو الاستسلام الكامل لحركات المقاومة، وليست «حماس» وحدها.
بنفس درجة الالتباس أبلغ وزير دفاعه «يوآف جالانت» نظيره الأمريكى «لويد أوستن»: «مقتل السنوار حدث جوهرى سيغير قواعد اللعبة».
هناك فارق جوهرى بين أن تكون الضربة موجعة أو أن تكون قاتلة.
باليقين فإن آثارها السياسية والنفسية سلبية على الجمهور الفلسطينى ومقاتلى المقاومة، دون أن يعنى ذلك أى استعداد للتسليم بالشروط الإسرائيلية، أو رفع الرايات البيضاء.
ما الذى يمكن أن يتغير فى قواعد اللعبة، إذا ما كانت إبادة جماعية وتجويعا منهجيا وإذلالا متعمدا للفلسطينيين ونفيا مطلقا لحقهم فى بناء دولة مستقلة؟ هل يقصد ممارسة أقصى درجات الضغط على "حماس" بعد قتل رئيسها؟
قد تتغير وجوه القادة دون أن يطرأ أدنى تغيير على طبيعة الصراع وحتميته. القضية فى جوهرها قضية تحرر وطنى، وأى كلام آخر تحليق فى الأوهام. طالما هناك احتلال تكتسب المقاومة شرعيتها بغض النظر عمن يرفع رايتها. المقاومة فكرة والأفكار لا تموت. هذه حقيقة لا يجب نسيانها.
• • •
كان مثيرًا للالتفات فى الخطاب الأمريكى تحميل «السنوار» وحده مسئولية إفشال التوصل إلى صفقة التبادل ووقف إطلاق النار وإعفاء «نتنياهو» بالوقت نفسه من الأدوار التى لعبها علنًا ومباشرة فى إفساد أية صفقات كلما بدا أنها ممكنة!
حسب نفس الخطاب فإن مقتل «السنوار» يعنى إزاحة العقبة الرئيسية أمام «السلام». أى سلام؟! وهل بوسع الإدارة الأمريكية الحالية أن تتقدم بمبادرة جديدة لاستئناف التفاوض؟ ما الهدف بالضبط: هدنة مؤقتة لاستعادة الأسرى والرهائن.. أم وقف إطلاق نار مستدام فى غزة يعقبه بالضرورة وقف آخر فى جنوب لبنان؟ ما مغزى جولة وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن» إلى المنطقة الآن.. وهل تنطوى على أية جدية؟
قبل نحو أسبوعين على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا توجد أية فرص أمام الإدارة الحالية للحركة والتأثير فى مجريات الحوادث. كل ما تستطيعه أن تستثمر فى مقتل «السنوار» بدواعٍ انتخابية. بمنطوق التصريحات الأمريكية المتواترة فإن هناك فرصة أمام «نتنياهو» لوقف إطلاق النار فى غزة استنادا إلى الإنجازات، التى حققها.
المشكلة ليست فى توصيف الإنجازات، حجمها وطبيعتها، بل فى تعريف طبيعة الصراع واستحالة إلغاء وجود الشعب الفلسطينى فوق أراضيه، وقدر التعاطف الشعبى الدولى مع عدالة قضيته كما لم يحدث من قبل.
إننا أمام تجهيل عمدى بمسئولية «نتنياهو» وحكومته اليمينية المتطرفة عن أبشع جرائم الحرب ونزوعها لتوسيع نطاق المواجهات بذريعة نجاعة الضغط العسكرى، رغم أنها لا تستطيع كسب أى حرب دون غطاء أمريكى كامل.
المستلفت- هنا- أن النيل من «السنوار» جرى بالمصادفة دون معلومات استخباراتية عن وجوده فى المكان، ولا كانت هناك قوات خاصة شاركت فى المهمة.
• • •
توجه «نتنياهو» للتصعيد يأخذ أكثر من صيغة. الأولى، باسم «خطة الجنرالات» لتفريغ شمال غزة من سكانه كخطوة تفضى إلى إنشاء مستوطنات إسرائيلية، وربما التهجير القسرى إلى سيناء فى نهاية المطاف.
والثانية، باسم «ضرب جبهة الإسناد فى لبنان»، وفصم أى علاقة بين الجبهتين. كان اغتيال زعيم حزب الله «حسن نصر الله» ضربة قاسية، لكن الحزب استطاع بعدها التعافى وأثبت قدرته على المواجهة فى ميادين القتال وإلحاق الأذى بالقوات الإسرائيلية. الأخطر أن إسرائيل تخطط لبناء شريط حدودى داخل الأراضى اللبنانية باسم الحفاظ على أمنها دون أن تتذكر تجربتها الفاشلة السابقة فى المكان نفسه.
والثالثة، باسم تصفية الحسابات مع إيران، وسيناريو توجيه ضربة عسكرية مهندسة إليها ماثل بقوة، لكنها قد تفلت عن أى حساب إلى اندلاع نيران أكبر وأخطر فى الشرق الأوسط، وهذا ما تتحسب له الإدارة الأمريكية.
هل يعطل مقتل «السنوار» الضربة المحتملة لإيران؟ بكل وضوح: لا.. لكنها قد تخضع لتعديلات حتى لا يفسد المشهد الانتصارى لليمين الإسرائيلى المتطرف.
فى كل الحسابات المتضاربة بين مسارى التصعيد والتهدئة تتصدر صورة «السنوار» الأخيرة المخيلة العامة، لا إسرائيل بمقدورها إزاحتها ولا الفلسطينيين بوسعهم نسيانها. ناقضت صورته الأخيرة ما زعمته الدعايات الإسرائيلية طويلًا. قُتل فوق الأرض لا داخل نفق، ولا مختبئًا خلف الأسرى الإسرائيليين.
استشهد وهو يقاتل بنفسه شأن كل المقاومين الآخرين الذين ضحوا بحياتهم. استدعت صورته الأخيرة شهيدا وبجواره بندقيته الكلاشينكوف ما أنشده الشاعر العامى الراحل أحمد فؤاد نجم فى وداع الزعيم الأممى أرنستو تشى جيفارا:
«مات المناصل المثال/ يا ميت خسارة على الرجال»
«مات الجدع فوق مدفعه جوه الغابات/جسد نضاله بمصرعه ومن سكات».
قبل أن يختم نشيده الحزين، الذى لحنه وغناه «الشيخ إمام عيسى»، وألهم جيل السبعينيات ذروة حرب الاستنزاف.
«لكن أكيد ولا جدال/جيفارا مات موتة رجال».
لم يلقَ «السنوار» حتفه فى أحراش بوليفيا كـ«جيفارا» دفاعًا عن حق الشعوب فى الحرية والعدالة، فقد استشهد فى منطقة «تل السلطان» برفح دفاعًا عن حق بلاده المحتلة فى الاستقلال والكرامة.
بتعبير «السنوار» فى روايته الوحيدة «الشوك والقرنفل»، التى كتبها خلف قضبان السجون الإسرائيلية، ونشرت عام (2004):
«يا رجل، أى والله، الحياة لدقيقة بعزة وكرامة ولا ألف سنة زى الزفت تحت أحذية جنود الاحتلال».
تبدو حكمة هذه العبارة البسيطة الآن كوصية لا يمكن نقضها.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد السنوار تساؤلات ومسارات ما بعد السنوار تساؤلات ومسارات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab