التدخل الذي سيضطر له العالم

التدخل الذي سيضطر له العالم

التدخل الذي سيضطر له العالم

 العرب اليوم -

التدخل الذي سيضطر له العالم

عبد الرحمن الراشد

جريمة الإرهاب في باريس الأخيرة أكدت شيئًا واحدًا معروفًا؛ ضرورة التدخل في سوريا، ووضع حدّ لهذه الفوضى التي وصلت أخطارها إلى ما وراء منطقة الشرق الأوسط. وفي «فيينا»، بدلاً من حل الأزمة بالتدخل، الفكرة المطروحة تدعو لحل سياسي ودي مثالي. لا بد أن مخترعيه يعيشون في عالم خيالي، حتى يصدقوا بإمكانية تحقيقه في بلد قُتل فيه عمدًا نحو ثلث مليون إنسان! الحل المقترح يدعو للانتقال التدريجي، مع طمأنة الرئيس السوري بشار الأسد بأنه لن يخرج إلا بعد تنفيذ مراحل متعددة قد تمتد لزمن طويل، وقد يرفض الأسد أن يغادر بعدها، وحتى لو خرج قد لا تتوقف المعارك إلى ذلك الحين!
إذن، التدخل حتمي. والتدخل المقبول اليوم ذلك الذي يتم تحت علم الأمم المتحدة، وتشارك فيه عسكريًا وماديًا معظم دول العالم المعنية، ويقيم نظامًا يجمع كل الأطراف ومكونات البلاد، ويهيئ لحكم انتخابي لاحقًا، وتنطلق فورًا على أرض سوريا حرب دولية على الجماعات الإرهابية، إلى أن يتم تنظيفها منهم. قد يستغرق إبعاد الأسد و«داعش»، وكل التنظيمات المسلحة الإرهابية، وغيرها، عامًا أو عامين أو أكثر، مع هذا سيبقى أفضل وأسرع الحلول، مقارنة بمشاريع «جنيف» و«فيينا». من خلال التدخل الدولي، يمكن ترتيب إعادة اللاجئين، وعون المحتاجين، ومنع الاشتباكات «البروكسية» التركية - السعودية - الإيرانية، والحد من التورط الروسي والأميركي.
أما الآن، فالساسة الغربيون يضيعون وقتهم، ويطيلون في «فيينا» عمر الخطر وأسبابه بمعالجات فرعية، مثل الأسد و«داعش» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، ويتسببون مع كل يوم يمر في رفع عدد الهاربين من القتل والدمار، الذين تجاوز عددهم أكثر من اثني عشر مليون لاجئ! ومئات الآلاف الهاربين الجدد يضغطون للخروج إلى تركيا فأوروبا، وآلاف اللاجئين المنبوذين يتعرضون للتجنيد الإرهابي.
اجتماعات «فيينا»، مثل «جنيف1»، و«جنيف2»، تطيل الأزمة، وتوسع حجم خطر الحرب الأهلية السورية على العالم، وكل ذلك بسبب جدل بيزنطي حول كيفية معالجة الأزمة السورية، من يخرج أولاً الأسد أم «داعش»؟ في سوريا يوجد نظام هو سبب الحرب، وعدو لمعظم شعبه، وصار من الضعف متهالكًا لا يستطيع حكم سوريا، ولا يقدر على الدفاع عن نفسه، ولم تنجح في الحرب عنه بالنيابة الميليشيات التي جلبتها إيران معها من أفغانستان والعراق ولبنان. ولم يفلح الروس بتدخلهم الأخير لصالحه إلا في زيادة عدد اللاجئين، ربع مليون سوري آخر، هربوا من حلب وحماه.
وفي الوقت الذي تتسارع فيه انهيارات سوريا، يريد الإيرانيون منع التدخل الدولي بتضييع المزيد من الوقت، باقتراح حلول تعقد الأزمة.
ومن أجل السيطرة على الوضع، التي أصبحت مطلبًا دوليًا، يحتاج المجتمع الدولي إلى أن يفهم أهمية أن يتحرك سريعًا، وأن يجمع على العمل في سوريا من خلال إبعاد كل رموز وأسباب الأزمة؛ إخراج الأسد، وفي نفس الوقت محاربة التنظيمات الإرهابية. بمثل هذا الحل ستتطوع معظم دول المنطقة من أجله، مع قوات القبعات الزرقاء، حيث يمكن أن تتولى الأمم المتحدة إدارة الأزمة، وتصريف الأوضاع في كل سوريا حتى يتم للانتقال إلى مرحلة جديدة.
هذا الاستعجال مصدره أن سوريا صارت أكبر خطر على العالم، من تفجيرات المساجد والساحات في الكويت والسعودية وتركيا، إلى الطائرة الروسية فوق مصر، والآن فرنسا، والأسوأ قد يكون في الطريق. ولن يمكن القضاء على الإرهاب قبل إيقاف الفوضى والحرب هناك، وإعادة أكثر من اثني عشر مليون سوري إلى مدنهم وبيوتهم، بدلاً من البحث عن ملاجئ لهم في أوروبا وأميركا، وغيرهما.
لقد فقد المفاوضون تركيزهم نتيجة محاولتهم إعطاء الأطراف المتصارعة، مجالا بطرح حلول تسمح للأزمة بأن تطول إلى سنين أخرى، في وقت ضربت فيه الحرب أرقامًا قياسية عالمية في مآسيها، من حيث عدد القتلى والمشردين والدمار.
وحتى لو أصغى المفاوضون إلى الحلول الإيرانية والأخرى، الداعية إلى معالجة الأزمة على مراحل، فإنهم لن ينجحوا لأن الأحداث على الأرض أسرع منهم وخطرها تجاوز سوريا. مشروع «فيينا» يتطلب صبرًا، وزمنًا، وموافقة الأطراف المختلفة، على وقف إطلاق النار وترتيباته، ومراقبته وبدء عملية سياسية تدريجية. وحتى لو تمت وفق جدول معقول فإنها ليست مضمونة، حيث سيرفض الأسد الخروج أو التنازل عن صلاحياته، وستُفشل التنظيمات الإرهابية كل محاولة في حينها. وبعد أن يثبت فشل مشروع «فيينا» سيجتمع المفاوضون من جديد للبحث عن حل آخر، ولكن بعد أن يكون قد طفح كيل العالم غضبًا من امتداد الإرهاب إلى عواصمهم، وتشرد ملايين آخرين يتزاحمون بحثًا عن ملاجئ لهم في العالم. حينها سيقبل الجميع بالحل الذي لو قبلوا به منذ عامين، وهو التدخل الدولي وتغيير الوضع بالقوة، لكانت سوريا أقل إشكالاً وخطرًا وإيلامًا.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدخل الذي سيضطر له العالم التدخل الذي سيضطر له العالم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab