دعم الحكومات لا يلغي العمل الخيري

دعم الحكومات لا يلغي العمل الخيري

دعم الحكومات لا يلغي العمل الخيري

 العرب اليوم -

دعم الحكومات لا يلغي العمل الخيري

عبد الرحمن الراشد

معظم الدقيق والرز والتمور والمياه والبطانيات والخيام التي تذهب إلى اللاجئين السوريين واليمنيين وغيرهم مصدرها الحكومات، والقليل يقدمه الناس. في الماضي كانت الأعمال الخيرية في معظمها أهلية، يتم جمعها من المساجد والمدارس والشوارع وعبر حملات التلفزيون والصحف، انخفض معظمها نتيجة دخول الجماعات الإرهابية على خطوط العمل الخيري، وصاحب بعضها تساؤلات حول إيصال المعونات وتوزيعها. هذه الشبهات تكاد تكون قد قضت على عمل الخير الفردي، وصارت الحكومات تتولى معظم المهمة. وبعض ما تقدمه الحكومات من المساعدات اليوم يفوق أضعاف ما كان يتم جمعه من الناس بالأمس، لكن هذا لا يسد الحاجة من ناحيتين، الأولى، أن العمل الخيري نشاط موازٍ، يعبر عن رغبة الناس في التضامن، ومد يد العون، وهو واجب ديني أيضًا. الثانية، أن حجم المأساة التي قهرت ملايين الناس غير مسبوقة في تاريخنا، وتتطلب تكاتف الجميع في تضميد جراح أهلنا في الكثير من دول المنطقة، ودعمهم في محنتهم في كل مكان، دون تمييز في أي معسكر سياسي يقفون. فغالبية هؤلاء الناس ضحايا العنف السياسي، سواء كانوا في صف الحكومة أو المعارضة، في سوريا واليمن والعراق وغيره. مثلاً، اليمنيون المنقطعون، في منطقة صعدة، حيث يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، أو السوريون المحاصرون في مدن الساحل التي تقع تحت حكم نظام الأسد، يستحقون الدعم مثلهم مثل بقية المشردين في داخل سوريا واليمن وخارجهما.. في مد يد العون لن نفرق بين الناس.

الذي لا نرضاه أن يستولي أحد على أموال المحتاجين وخبزهم. وكون هناك من يستغل النشاط الخيري لأغراض إرهابية، أو انتفاع شخصي لا يبرر إيقافه، يجب رصده ومنعه. والحل الأمثل، في نظري، تأسيس منظمات عمل خيرية متطورة فكرًا وإدارة وصناعة، تكون أقدر وأقوى، وبحيث يمكن السيطرة عليها، وتحكيم نشاطاتها، وإلزامها بالشفافية الكاملة. نحن أمام أزمة ستطول لسنوات، وقد تتوسع أو تليها أزمات، وموجات من المشردين. نحن أمام ملايين المحتاجين الذين ينادون علينا طالبين إغاثتهم، ولا يوجد بد من دعمهم، فنحن من بقي لهم في هذا العالم المليء بالشقاء والظلم. إغاثتهم واجب علينا، وسنبادر إليه راغبين ومتحمسين. ونحن ندرك أن هناك آلافًا من الناس مستعدون للعمل الخيري تطوعًا، يفعلونها عن محبة وبإخلاص. ولا يتعارض دعم الحكومات الكريم للمحتاجين مع نشاط المحسنين، فالمجال واسع، والمحتاجون أكثر من قدرتنا على الوفاء بما يحتاجونه.

هذا الانهيار الضخم في أوضاع المنطقة، وما تلاه من مآسٍ مروعة أصابت ملايين الناس، يتطلب منا أن نطور العمل الخيري إلى صناعة متقدمة، هدفها تنظيمه بما يرضي المحسنين ويخدم المحتاجين. فجمع التبرعات عينية ومادية وخدمية من ملايين الأشخاص وإيصالها إلى ملايين اللاجئين عمل جبار يتطلب تنظيما، وقدرات متطورة. ولأننا نمر بمرحلة سياسية بالغة الحساسية تحاسب فيها الضمائر قبل الأفعال، فإن إقامة هذه الجمعيات والمنظمات يفترض أن يبقى بعيدًا عن الجمعيات القائمة حاليًا، وعن الذين سبقوا أن عملوا في هذا القطاع، والتحول نحو بناء مؤسسات متخصصة، يمكن أن تتعاون مع المنظمات الدولية التي تملك الخبرة والآلية لتطوير هذا المرفق المهم والحساس.

وأسباب القلق مفهومة، تلك التي دفعت الحكومات إلى وقف أو تقليص النشاطات الخيرية، ويفترض أن تقف بحزم ضد الذين يريدون العودة للمجال الخيري من المشبوهين. وقد قرأت تعليقًا من أحدهم يقول، نظرًا لأن التهم التي كانت تكال للجمعيات الخيرية ومشاهير العاملين فيها ثبت بطلانها وأسقطتها المحاكم، فإن عليهم العودة للساحة من جديد. وهذه دعوة غير مقبولة، لأنه ليس صحيحًا إسقاط كل التهم ولا تبرئة كل المشبوهين، وبعضهم لا يزال في السجون بعد ثبوت تورطه، وهناك من تم إغلاق جمعياته أيضا بعد إدانتها، ونتذكر أنه سبق أن عثر على صناديق لجمع التبرعات في بيوت إرهابيين. لقد مررنا بمرحلة طويلة فضحت هذه الجمعيات ولا نريدها أن تعود، ولا أصحابها كذلك. ولدى أجهزة التحقيق والأمن الكثير من المعلومات عن كيف استغلت التنظيمات الإرهابية حملات التبرع لدعم نشاطاتها.

نريد أن ندخل مرحلة جديدة لا يسمح فيها إلا لجمعيات كبيرة مبنية وفق أنظمة تسهل مراجعتها ومحاسبتها ومعرفة كل ما يدخل إليها وما تنفقه ولمن وكيف، وأن تكون خالية من النشاطات السياسية والدينية، خالصة لعمل الخير فقط. وتفتح الباب للمتطوعين من أهل المهن الذين يمكن أن يعينوا الغير بأنفسهم، يتقدمهم الأطباء والمسعفون.

والدافع لهذا التحفيز، كوننا نعيش زمنًا صعبًا، ومأساة مروعة قد تبقى معنا طويلاً، ولا بد من أن نعيد فتح العمل الخيري ليساند الدعم الحكومي الذي يحاول أن يسد الفراغ.

arabstoday

GMT 08:22 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 08:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بدأ «الشو» مبكرًا

GMT 08:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر.. راقصة على خفيف

GMT 08:06 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 07:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 07:56 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

«ميتا» تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي.. في حضرة «المتحف المصري»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعم الحكومات لا يلغي العمل الخيري دعم الحكومات لا يلغي العمل الخيري



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab