تطفأ في اليمن وتندلع في السودان

تطفأ في اليمن وتندلع في السودان

تطفأ في اليمن وتندلع في السودان

 العرب اليوم -

تطفأ في اليمن وتندلع في السودان

عبد الرحمن الراشد
بقلم عبد الرحمن الراشد

يبدو أنَّ المنطقةَ أسيرةُ لعنةٍ أبدية، أو ضحيةُ عملٍ من سحرٍ شريرٍ، للذين يؤمنون بالسّحر والحظِّ السيئ. الحقيقة، ليست سوى سوءِ إدارةِ بعضِ أهلها.
في الوقت الذي يتعانق اليمنيون، الحوثيون والشرعيون، على أمل اختتام ثماني سنوات حرب، ويتبادل السفراءُ السعوديون دعواتِ ولائم رمضان مع «أشقائهم» الإيرانيين، وتبحث الجامعة العربية في إنهاءِ ما تبقَّى من الأزمة السورية، ها هي تنفجر في السودان!
لليوم الرابع والاقتتال مستمر، وإن كانَ مقتصراً على جناحين من القواتِ المسلحة، الجيش وقوات الدعم السريع. وما لم يولد حلٌّ أو يحسم الجيشُ المعركةَ فإنَّنا بصددِ صيفٍ حار، وجبهة حرب عربية أخرى دامية. هذا بلدٌ عاش ومرَّ بالكثير ولا يحتمل المزيد من الحروب، فهو يعاني منذ مطلع الثمانينات من حروب الجنوب، وكردفان، ودارفور، وما جلبّه انقلابُ نظامِ البشير من ويلاتٍ وتدمير للمجتمع والبنية التحتية.
الاقتتالُ الحاليُّ معركةٌ مؤجلةٌ، من تداعياتٍ متوقعة بعد إسقاط نظام البشير. يحدث في الدول التي يتهاوَى فيها كلُّ المركز المهيمن، فراغ يصعب ملؤه، مثلما جرى في العراق بإسقاط نظام صدام، وليبيا بعد القذافي.
كانت علاماتُ الخلاف في قيادة القوات المسلحة واضحةً منذ البداية. بديلاً لعمر البشير، كان يظهر للملأ «زعيمان» متنافسان. الانقسام أضعف إدارة الأزمات في الثكنة وفي الشارع.
كيف أفلتت الأمورُ من عقالها، وإلى أين يسيرون بالسودان. من بياناتها، يبدو أنَّ قوات الدعم السريع، وزعيمها محمد حمدان دقلو، ونسميها هنا «قوات حميدتي» للتوضيح، هي البادئة بالهجوم في العاصمة. استهدفت قوات حميدتي مقرَّ قيادةِ القوات المسلحة، ومنزل رئيسها، عبد الفتاح البرهان. يقول، «فوجئ» بهجوم قوات حميدتي على بيتِه صباح السبت. فشلوا في القضاءِ عليه، لكنَّهم نجحوا في إسكات وسيلةِ إعلامه، التلفزيون الرسمي، بقصفِه خلال نشرة أخبار سمعت فيها أصواتُ رصاص وانفجارات. غياب البرهان ليومين، وقياداته، المحيّر، عزَّز رواية حميدتي، التي أعلنت قواته قتله. نجحت في اقتحام مقار قيادات عسكرية، ومطار الخرطوم، وإحراق مراكزَ وطائراتٍ بينها سعودية. لكنَّها سرعانَ ما خسرت الموقع، واستولت على مطار مروي شمال البلاد، المجاورة لمصر، واعتقلت أفراداً من القوات المصرية كانوا هناك ضمن مناورات مشتركة. منطقة مروي، إلى جانب أهراماتها الفرعونية، تشتهر بسدها الذي بناه الصينيون.
السودان بلد واسع ومتعدد، ولا يمكن التثبت من صحة المعلومات، لعدم وجود صحافيين مستقلين بعد على الأرض. هناك وسائل إعلام رئيسية قليلة توثق وتراجع التصريحات والفيديوهات، ولديها فريق على الأرض، مع هذا الأحداث والتطورات سريعة وهائلة.
هجوم حميدتي للاستيلاء على السلطة لم يفاجئنا. نذر وقوع صراع بين القوتين كانت مرجَّحة من جراء الخلافات وتبادل التهديدات العلنية. وقبلها بأيام، كثفت قوات حميدتي من دخول أفرادها والاحتشاد في العاصمة وغيرها من المدن. حذَّرها الجيش مطالباً بعودتها إلى مواقعها على الحدود، ورفضت بحجة أنَّها تقوم بواجباتها في مجال «مكافحة تهريب البشر والجريمة المنظمة»، ليتضح أنَّها استعدادات خطة الهجوم على البرهان، الذي حتى مع خلافه لم تبدُ قواتُه أنها كانت مستعدةً للمعركة.
لماذا تنجح ساعة الصفر، وهل كان حقاً انقلاباً؟ من مجرى الأحداث في أنحاء البلاد، يتَّضح أنَّه ليس مجرد استعراض قوة ومساومة، إنَّما مشروع تغيير؟ فهل كان المتمردون يتوقعون انشقاقات في الجيش؟ أو تأييد الشارع لهم؟ ليس واضحاً، وأهمية معرفة النية المبيتة هو لفهم الاحتمالات التالية. احتمال المصالحة وهي ممكنة إن كانت سوءَ تفاهم خرج عن السيطرة، وإن كان مشروع انقلاب وتمرد من أساسه فالأرجح أنها معركة حتى النهاية. هل للهجوم امتدادات داخلية أو خارجية؟ وهل ستتَّحد القوى المحلية بالحياد أو الاصطفاف وتدخل على خط الخلاف والاقتتال؟
السودان في بداية أزمة خطيرة ربما يمكن أن تحسم صلحاً اليوم بين الجانبين المتقاتلين، أو تتوسَّع وتأكل ما تبقى من البلاد، وتزيد من معاناة الشعب السوداني، وترفع مستوى توتراتِ المنطقة التي ستنتقل إلى غيرها. فالحروب معدية مثل الفيروسات، قد تنتقل من مجرد تنفس الهواء.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطفأ في اليمن وتندلع في السودان تطفأ في اليمن وتندلع في السودان



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab